بعد هبوطه من مستويات قياسية بلغت ذروتها منتصف العام 2017، عادت معدلات التضخم إلى الارتفاع في مصر، على الرغم من الإجراءات المستمرة التي يعلنها البنك المركزي المصري لاحتواء الأسعار، وعدم عودة معدلات التضخم إلى الارتفاع مجدداً.
وأعلن البنك المركزي المصري، أمس، ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي ليبلغ أربعة في المئة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في مقابل نحو 3.9 في المئة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتسببت الإجراءات التي أعلنتها الحكومة بقيادة البنك المركزي المصري بداية نوفمبر 2016، في ارتفاع قياسي وتاريخي لمعدلات التضخم، إذ قرر في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي تعويم الجنيه المصري في مقابل الدولار، وتحرير سوق الصرف بشكل كامل، وهو ما تسبب في قفز سعر صرف الدولار من مستوى 8.88 جنيه قبل القرار إلى مستوى 19.60 جنيه بنهاية العام 2016.
وبالتوازي مع ذلك، قررت الحكومة هيكلة برامج الدعم، وقررت تقليص دعم المحروقات والكهرباء، وهو ما تسبب في بلوغ معدلات التضخم مستويات تجاوزت الـ 35 في المئة منتصف 2017.
ماذا عن المعدل السنوي للتضخم؟
في بيانه أمس، أوضح المركزي المصري أن الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين سجل معدلاً شهرياً بلغ "صفر" في نوفمبر الماضي، في مقابل معدل (-0.1) في المئة خلال الشهر ذاته من 2019، ومعدل شهري بلغ 1.7 في المئة خلال أكتوبر الماضي.
أما بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء في مصر، فكشفت ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر إلى مستوى 6.3 في المئة خلال نوفمبر الماضي، في مقابل نحو 2.7 في المئة للشهر نفسه من العام السابق.
وأوضح الجهاز أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية بلغ 111.2 نقطة خلال نوفمبر الماضي، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المئة عن معدلات أكتوبر الماضي. وأرجع الجهاز هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار الخضراوات 25 في المئة، والحبوب والخبز 0.6 في المئة، والملابس الجاهزة 2.7 في المئة، وخدمات مرضى العيادات الخارجية 0.5 في المئة، وخدمات المستشفيات 0.4 في المئة، والفنادق 1.3 في المئة، والوجبات الجاهزة 0.5 في المئة. وجاء هذا الارتفاع على الرغم من انخفاض أسعار الفاكهة 4.6 في المئة، واللحوم والدواجن 0.4 في المئة، ومعدات خدمات الهاتف والفاكس 0.6 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إشارات أولية على نمو الناتج المحلي
كان بنك الاستثمار "فاروس" أشاد في تقرير حديث بأسهم البنوك والخدمات المالية والتكنولوجيا المالية والسلع الاستهلاكية. وتوقعت رضوى السويفي وفريق البحوث في شركة فاروس القابضة، أن سوق الأسهم لديها إمكان الارتفاع بنحو 25 إلى 30 في المئة، مع بدء تعافي أرباح الشركات خلال العام المقبل.
أما عن كيفية جذب الاستثمار الأجنبي مجدداً، فترى مذكرة "فاروس" ضرورة إصدار طروحات جديدة بالبورصة المصرية. ووفقاً للمذكرة البحثية، فإن المستثمرين الأجانب كانوا هم صافي البائعين على أساس شهري منذ العام 2019، والاستثناء كان خلال الاكتتاب العام في شركة فوري. وتصاعد هذا الاتجاه خلال الموجة البيعية بالأسواق الناشئة التي أحدثتها أزمة فيروس كورونا.
وعلى صعيد الاقتصادي الكلي، ذكرت "فاروس" أن انخفاض التضخم واستقرار الجنيه وعلامات أولية على نمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي تشير إلى أن توقعات جيدة في شأن الفترة الباقية من العام المالي (2020 – 2021)، ولكن ستظل بعض التحديات المالية قائمة خلال العام المالي المقبل، مع اتساع عجز الموازنة وتباطؤ الإيرادات.
ورجحت مذكرة صح"فاروس" أن يرتفع النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي إلى 3.9 في المئة خلال العام المالي الحالي (2020 - 2021) من 3.5 في المئة خلال العام المالي الماضي، ولكن بحلول عام (2023 - 2024)، سيظل أقل من مستويات ما قبل الجائحة. وتتوقع "فاروس" أن يكون النمو مدفوعاً بالأساس بنشاط قطاع التعدين والمشاريع القومية الكبرى التي تقوم بها الدولة.
هكذا يتحرك الجنيه والتضخم في 2021
مذكرة "فاروس" أشارت إلى انخفاض عجز الموازنة إلى 7.9 في المئة خلال العام المالي (2020 - 2021)، بعد أن اتسع إلى 9.1 في المئة خلال العام المالي الماضي بسبب زيادة الإنفاق على حزم التحفيز المالي.
ومن المتوقع أن ترفع الإيرادات الضريبية (إيرادات الحكومة) إلى نحو تريليون جنيه (0.643 تريليون دولار)، من 900 مليار جنيه (57.78 مليار دولار) خلال العام المالي (2019 – 2020)، في ما سيرتفع الإنفاق العام أربعة في المئة، بأضعف وتيرة له على الإطلاق، ليصل إلى 1.5 تريليون جنيه (96.463 مليار دولار). ويعود ذلك بالأساس لانخفاض فاتورة الدعم وعبء فوائد الديون.
على صعيد الدين الخارجي، أشارت "فاروس" إلى أنه على الرغم من أن الدين المحلي يشكل نصيب الأسد من المالية العامة، فإن الدين الخارجي ارتفع بأكثر من الضعف خلال السنوات الخمس الماضية، ليصل إلى نحو 30 في المئة من إجمالي الدين العام.
ورجحت أن يبقى التضخم منخفضاً بشدة ليبلغ 4.9 في المئة في المتوسط حتى نهاية العام المالي الحالي، أي أقل بنحو نقطة مئوية من النطاق المستهدف من البنك المركزي البالغ تسعة في المئة (±3 في المئة). وسيمهد ذلك الطريق لخفض الفائدة بنحو 200 نقطة أساس إضافية خلال العام 2021، ليصل العائد على الإقراض إلى 7.25 في المئة، والعائد على الإيداع 6.25 في المئة. وسيترك ذلك مساحة لمزيد من التيسير المالي، بخاصة إذا ظلت الظروف النقدية العالمية وتدفقات العملة الصعبة في مصر داعمة لأسعار الفائدة المنخفضة، وفقا للمذكرة البحثية.
وفي ما يتعلق بأداء الجنيه المصري في مقابل الدولار الأميركي، توقعت "فاروس" أن يتراجع سعر صرفه إلى نحو 16.0 في مقابل الدولار خلال العام المالي (2020 - 2021)، وليستمر على ذلك في المتوسط للسنوات الثلاث المقبلة. وعلى الرغم من التيسير النقدي وخفض الفائدة المتوقع، ترى "فاروس" أن أدوات الدين المصرية ستظل جاذبة للمستثمرين الأجانب، مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى.
وبفضل حزم التحفيز الإضافية، فإن الدول المتقدمة تقدم للمستثمرين عوائد سالبة تقريباً، أما الأسواق الناشئة الأخرى فتقدم عائداً على أدوات الدين أقل من خمسة في المئة. وبالمقارنة، فإن مصر تقدم سعر عائد لأدوات الدين لأجل سنة واحدة يبلغ 7.7 في المئة. كما توقعت أن تتعافى الاحتياطات الأجنبية لتصل إلى 43 مليار دولار بنهاية العام المالي المقبل، بعد أن كانت تراجعت إلى 36 مليار دولار في ذروة أزمة فيروس كورونا.