كعادته أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضجة بعد إعلانه، الخميس، توقيع المغرب اتفاق سلام مع إسرائيل، مقابل اعتراف بلاده بسيادة الرباط على الصحراء الغربية.
في المقابل، سارع المغرب إلى التأكيد، في بيان صادر عن القصر الملكي، استمرار دعمه للقضية الفلسطينية.
ويعتبر محللون أن القضية لا تعدو كونها اعترافاً بسيادة المغرب على أرضه، من دون الإضرار بالقضية الفلسطينية.
ويقول المحلل السياسي المغربي إدريس قصوري، إنه من خلال تحليل القرار الأميركي وموقف المغرب، نرى أن هناك ثابتاً ومتغيراً. الأول هو الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على كامل تراب صحرائه، الذي يشكل حدثاً تاريخياً استثنائياً ومنعطفاً مهماً لطي ملف الصحراء، على أن تتلو ذلك خطوات مشابهة من قبل دول أخرى، بخاصة الأوروبية منها.
ووفق قصوري، فإن العلاقات السياسية الدولية مطبوعة بالمد والجزر، بحيث تحكمها مصالح ظرفية، موضحاً أن "المغرب يتمتع بالسيادة والاستقلالية في قراراته، بالتالي فإنه لن يكون خانعاً لأي دولة بما في ذلك إسرائيل، بدليل أنه افتتح مكتب اتصال معها عندما أراد، ثم أغلقه تبعاً لظروف معينة".
وأشار إلى وجود جالية يهودية مغربية في إسرائيل، وأن الرباط لم تكن يوماً ضدها، بل كانت مع ضمان حقوق الشعب الفلسطيني، بخلاف تفسيرات تصريحات ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي قد تُفهم على أنها اتجاه للمغرب نحو فتح علاقات جديدة مع تل أبيب، موضحاً أن الموقف المغربي ثابت وراسخ، ولن يتغير تجاه القضية الفلسطينية مع تأييد حل الدولتين.
ويشير إلى أن ما دفع الولايات المتحدة إلى الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه لم يكن المقايضة، بل ارتكازاً على مكانة المغرب، الذي يحترم المعايير الدولية في علاقاته الخارجية، والفعال في حل الأزمات، كإسهامه في حل الأزمة الليبية ومكافحة الإرهاب.
موقف أميركي متوازن
تؤكد ياسمين الحسناوي، الباحثة المتخصصة في قضية الصحراء، أن السياسية الخارجية الأميركية، كانت تعتمد مبدأ التوازن في نزاع الصحراء، خصوصاً في فترات حكم الجمهوريين. أما الديمقراطيون فكانوا متوافقين مع المقترح الرسمي بشأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وتشير إلى التحرك الدبلوماسي المغربي، الذي تمكن خلال السنوات العشر الأخيرة من التأثير على صيغة قرارات مجلس الأمن، من خلال توضيح استحالة تنفيذ مبدأ تقرير المصير في نزاع الصحراء، وصار له حضور مكثف سواء على مستوى الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي. واستطاعت الرباط كسب ود عديد من الدول التي غيرت موقفها من نزاع الصحراء لصالح سيادة الشرعية المغربية.
فتح قنصلية اقتصادية
يأمل المغرب من خلال الاستثمار في منطقة الصحراء بجعلها محوراً اقتصادياً عالمياً. وهذا ما يزكيه اعتزام الإدارة الأميركية افتتاح قنصلية ذات اختصاص اقتصادي في مدينة الداخلة الواقعة في الجنوب المغربي.
ويؤكد الخبير الاقتصادي نجيب الصومعي، أن القرار الأميركي هو مؤشر على قوة المبادرات الاقتصادية المغربية في المنطقة الصحراوية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتبر أن المغرب من خلال استثماراته الداخلية الراهنة سيجعل نحو 25 في المئة من حجم التجارة العالمية يمر من المحورين اللوجستيين لمحوري طنجة والداخلة، في انفتاح على أكبر منطقة تبادل حر في القارة الأفريقية التي تضم نحو مليار و300 مليون مستهلك، بالإضافة إلى تمتع المغرب بعلاقات تجارية قوية مع الاتحاد الأوروبي والعلاقات الجديدة مع دول أميركا الجنوبية، بالإضافة إلى الدينامية الجديدة التي يخلقها المغرب جراء انخراطه في مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وأوضح أن إعلان واشنطن فتح قنصلية لها في الداخلة أمر غير مفاجئ، لكنه سيسهل بحث دول عظمى أخرى عن موطئ قدم اقتصادي، للاستفادة من الفرص التي يمنحها المغرب في منطقة الصحراء، حيث يتوقع أن تصبح الداخلة بعد خمس سنوات أهم منطقة صناعية في القارة الأفريقية.
إدانة واستنكار
نددت مجموعة "العمل الوطنية من أجل فلسطين" المغربية بأي توجه للسلام مع إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، مشددة على "موقف المغاربة الرافض لكل أشكال التطبيع كيفما كان مستواه وطبيعته ومبرراته".
ووصفت خطوة المغرب بـ"المفاجئة والشاردة عن الموقف العام للدولة، بخاصة في السنوات الأخيرة من خلال رفض تصفية قضية فلسطين وصفقة القرن".