تجددت الهجمات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في أفغانستان، على الرغم من جلوس الطرفين على طاولة المفاوضات في قطر، برعاية أميركية، وسط أحاديث عن حوار جاد يروم إنهاء عقود من القتال الدائر بين الفريقين.
لكن نوايا السلام في الإمارة الخليجية لم تفلح حتى الآن في إسكات البنادق في البلد المنكوب وسط آسيا، إذ قُتل عشرات المقاتلين من حركة طالبان أثناء معارك عنيفة اندلعت ليل السبت – الأحد، بين القوات الأفغانية والمتمردين، الذين هاجموا نقاط تفتيش في ولاية قندهار جنوب معقل الحركة، على ما أفاد مسؤولون اليوم الأحد 13 ديسمبر(كانون الأول).
وأعلنت وزارة الدفاع الأفغانية في بيان أن "قوات الأمن صدت الهجوم وقتلت 51 إرهابياً وجرحت تسعة آخرين".
ونفذ متمردو طالبان اعتداءات شبه متزامنة ليل السبت - الأحد على نقاط تفتيش في خمس مناطق حول مدينة قندهار، عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه، فردت القوات الأفغانية جواً وبراً، وفق الوزارة.
وقال مسؤول محلي لوكالة فرانس برس رفض الكشف عن اسمه، إن سبعة أفراد من عائلة واحدة قُتلوا أيضاً في ضربة جوية للقوات الأفغانية في منطقة أرغنداب.
وأضاف أن "سلاح الجو الأفغاني كان يريد استهداف سيارة مفخخة... لكن عندما ضرب السيارة وانفجرت تسبب ذلك بمقتل مدنيين"، مشيراً إلى أن السيارة المستهدفة كانت متوقفة قرب منزل.
وقالت وزارة الدفاع إنها فتحت تحقيقاً في الأمر.
هل هو رد على هجوم سابق؟
وأفاد صحافي في المكان أن المعارك وعمليات إطلاق النار والضربات الجوية في أنحاء الولاية، استمرت لساعات عدة.
ولم ترغب حركة طالبان التعليق على هذه المعلومات.
وتُعد ولاية قندهار معقل حركة طالبان، وكانت مدينة قندهار عاصمة نظامها في تسعينيات القرن الماضي. وإذ تخضع المدينة اليوم لسيطرة الحكومة، فإن كثيراً من المناطق المحيطة بها تقع تحت سيطرة المتمردين أو يتنازعون عليها.
منذ بضع أسابيع، أطلقت حركة طالبان هجوماً واسع النطاق في مناطق مجاورة لمدينة قندهار على غرار زيراي وداند وبانجواي وحتى أرغنداب.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق المتمردون هجوماً مماثلاً في ولاية هلمند المجاورة، ما دفع بعشرات آلاف السكان إلى الفرار من منازلهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودفع هذا الهجوم الذي استهدف خصوصاً لشكرغاه، عاصمة ولاية هلمند، الولايات المتحدة إلى شن ضربات جوية للدفاع عن القوات الأفغانية.
وتعهد المتمردون عدم استهداف المدن الكبرى والقوات الأميركية منذ توقيع اتفاق مع الأميركيين في فبراير (شباط) الماضي.
استئناف المفاوضات بداية العام
إلا أنهم زادوا هجماتهم اليومية ضد القوات الأفغانية في أنحاء البلاد، وخصوصاً المناطق الريفية على رغم المحادثات الجارية بين المعسكرين.
وعُلقت محادثات السلام التي بدأت قبل أشهر في قطر بين طالبان والحكومة الأفغانية، وستُستأنف في الخامس من يناير (كانون الثاني) المقبل، وفق ما أفاد الجانبان السبت.
وكتب ممثلون عن المتمردين وكابول على "تويتر" أنهم غيروا "اللوائح الأولية للنقاط (التي ينبغي وضعها) على جدول أعمال المفاوضات الأفغانية، وأنهم أجروا مباحثات تمهيدية حول هذه المواضيع".
في الأشهر الأخيرة، شهدت كابول أيضاً اعتداءات دامية تبناها في غالب الأحيان تنظيم الدولة الإسلامية، بينها إطلاق قذائف السبت أدت إلى مقتل مدني.
وتسبب انفجار قنبلة في آلية الأحد أيضاً، بمقتل مدنيين اثنين في العاصمة الأفغانية، وفق ما أعلنت الشرطة.
يأتي ذلك في وقت أفادت أنباء من الدوحة، بأن الحكومة الأفغانية طلبت نقل المحادثات مع طالبان إلى أفغانستان بدلاً من قطر، على الرغم من المعارك الدائرة بين الطرفين.
ورحبت الولايات المتحدة بتشكيل واجتماع اللجنة القيادية الأولى للمجلس الأفغاني الأعلى للمصالحة الوطنية الأسبوع الماضي، برئاسة الدكتور عبد الله عبد الله.
وقالت الخارجية على موقعها الرسمي "لقد توحد القادة الأفغان من جميع الأطياف السياسية لاتخاذ القرارات، وحشد الدعم من أجل سلام عادل ودائم. يجب على جميع أطراف النزاع أن تتحد وترسم طريقاً إلى السلام".
بينما اعتبر المبعوث الأميركي للسلام والمصالحة في أفغانستان خليل زاده أنه "بعد الانتهاء من القواعد والإجراءات، تدخل فرق الجمهورية الإسلامية وطالبان الآن المرحلة التالية من المفاوضات، لإحراز تقدم نحو السلام. يتوق الشعب الأفغاني إلى السلام. الخطوات التي اتُخذت في الأيام الأخيرة إيجابية ومشجعة. إنني أحث كلا الجانبين على تسريع جهود السلام لإنهاء الحرب الطويلة في البلاد".
أي فائدة لتقدم بلا وقف إطلاق النار؟
في غضون ذلك قال الدكتور محمد سميح وهو ضمن فريق حركة طالبان المفاوض في قطر، "إن فريقي التفاوض الأفغاني قاما بتبادل القوائم الأولية بموضوعات الأجندة، وأجريا المناقشات التوضيحية حول تلك الموضوعات. والآن نظراً لأن موضوعات الأجندة تحتاج إلى مزيد من المشاورات، اتفق الفريقان على وقفة ستبدأ في 14 ديسمبر 2020، والجولة التالية تبدأ في 5 يناير 2021"، هذا قبل الهجوم الذي أوقع القتلى من حركته.
إلا أن أحد متابعيه من الأفغان على "تويتر" عقب بأن "الموضوع الأهم هو وقف إطلاق النار الذي يجب على جميع أطراف المفاوضات إعلانه، ووقف إطلاق النار هو أساس المفاوضات، التي تخلق جواً من الثقة، وإرادة جميع الأفغان هي وقف إطلاق النار".
من جهتها نددت حركة طالبان في موقعها الرسمي، بالهجوم الذي قالت إنه استهدف مدنيين وليس من تسميهم مجاهديها، وقالت إنها تتعهد بـ"الانتقام"، من دون أن تشير إلى الربط بين الحادثة والمفاوضات في قطر.
ويخشى المراقبون أن يلقي انتقال السلطة في أميركا بظلاله على مفاوضات السلام، إلا أن الرئيس المنتخب جو بايدن تعهد هو الآخر بإيجاد طريق لإنهاء الحرب في أفغانستان، وإعادة الجنود الأميركيين إلى ديارهم.