تفتح التحولات الحالية التي تشهدها السعودية ملفات تراكم التعطيل، خصوصاً في المشاركة الرياضية، فعلى الرغم من الجهود التي تبذلها مؤسسة الرياضة الرسمية لتعويض سنوات الإقصاء للمرأة من الملاعب، إلا أن كل هذا غير كافٍ لتعويض فجوة البنى التحتية الملائمة للرياضة النسائية في سنوات قليلة.
لكن الأمر لم يجعل الكرة تتوقف عن التدحرج، فقد بدأت السعوديات باقتحام ملاعب كرة السلة المتاحة حتى باتت مواكبة سرعة تحركهن ملحّة، الأمر الذي تحدثن عنه، مستعرضات تجربتهن المتسارعة وتصورهن لتطوير مواطن النقص في اللعبة.
لاعبات بلا ملاعب كافية
لا تزال رياضة كرة السلة النسائية تواجه أزمة توفّر الملاعب النسائية المغلقة، على الرغم من جاهزية اللاعبات اللواتي خضن التجربة داخلياً وخارجياً.
وقالت يسرى أبو الجدايل، لاعبة كرة سلة ومؤسسة أكاديمية "أثيليتس"، "اسم اللاعبة السعودية مطروح في البطولات، صحيح أننا جاهزات، لكن استعدادنا مصدره الحقيقي هو الخبرة، فقد توسعنا من مدينة جدة وبدأنا نشارك خارجها في مدينة الرياض، وظهرت بشكل شخصي لتمثيل المنتخب الوطني في الكويت، فيما ظهرت لاعبات الأكاديمية في بطولة عربية مع دولة الإمارات. ولو سألتني عن النتائج فقد خسرنا مرة، وكسبنا أخرى، وهذا هو اللعب".
وتُعتبر أكاديمية "أثيليتس"، ثاني أكاديمية خاصة أنشئت داخل البلاد بعد أكاديمية "جدة يونايتد"، وأضافت أبو الجدايل "نحن في حالة بحث دائم لطرح البدائل وإيجاد الحلول، وأرى أن دخول مستثمرين لبناء الملاعب سيكون غاية في الأهمية، إضافةً إلى حاجتنا لأخرى حكومية نسير تحت مظلتها".
فريق نسائي وطني
وفيما لا يوجد إحصاء دقيق لعدد اللاعبات على مستوى البلاد، إلا أن العدد الذي تم حصره "على أتم الجاهزية والاستعداد"، بحسب أبو الجدايل التي ترى أنه "من ثمار تأسيس الأكاديمية السماح لكل الأعمار بالمشاركة في الملاعب، وكلهن وجدن في الرياضة مخرجاً مفيداً"، وحول الجانب التنظيمي "ألّفنا فريقاً من 12 سيدة لتمثيل السعودية. بعضهن بدأ من الطفولة، ومنهن من لعبن مع بعضهن، أو ضد الأخريات، ومن نتائجها تمثيل السعودية في البطولة العربية للإمارات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبيّنت استعدادها للعمل مع الاتحاد السعودي لكرة السلة، قائلةً "سأكون سعيدة بذلك لو حدث مستقبلاً، كما أن قنوات التواصل بيني وبين الاتحاد مفتوحة، وفيما لو كنت جزءًا منه، سأباشر بلا شك في طرح فكرة إنشاء دوري نسائي رسمي داخلي، وتوفير ملاعب ودعم للأكاديميات، وعمل معسكر بشكل دوري لفرز المواطنات الموهوبات". عدا عن ذلك، تبدو متحمسة جداً لحالة التغيير التي تشهدها المؤسسة الرياضية تجاه المرأة.
تنظيم الفعاليات المتفرقة أفرزت عاشقات الرياضة
وتعدّ تجربة تنظيم الفعاليات داخل المدارس والجامعات النسائية مؤشراً إلى انتشار اللعبة الحديثة بين الإناث في الدولة الخليجية، الأمر الذي أكدته أبو الجدايل، موضحةً "في ساحات اللعب، تجدين العشاق والمهتمات بالرياضة، وتجدين من يأخذن الأمر على محمل الجد"، وهو ما يرفع من أهمية تنظيم مسابقات منتظمة كشرط أساسي لتطويرها.
السلة سبقت القدم تاريخياً
وقالت لينه آل معينا، قائدة فريق "الرياض يونايتد" ولاعبة كرة السلة إن "انتظار إطلاق دوري لكرة السلة أمر يستحق العناء أسوة بكرة القدم"، مضيفةً "في تاريخ الرياضة النسائية، تحسب لكرة السلة الأقدمية، حين كانت أحد الأنشطة المهمة في غالبية المدارس الخاصة في الستينيات، من ضمنها مدرسة دار الحكمة أول مدرسة نظامية. وعلى أساس ذلك، ما زلت أحمل هوايتي التي امتد أثرها معي حتى اليوم، حين تولّيت قيادة فرق مدرسية في المرحلتين المتوسطة والثانوية. وفي عام 2006، نظمنا الكثير من البطولات المحلية، وكانت أول بطولة في جدة، وشاركنا في مباريات ودية خارج البلاد، في ماليزيا والمالديف والأردن وباريس والولايات المتحدة".
وأكدت آل معينا أن السلة النسائية "طالتها حظوظ كرة القدم النسائية"، ولفتت إلى أن "السيدات افتتحن ملعب الجوهرة، حين استضاف أول دوري، وكانت الافتتاحية برعاية الأميرة ريما بنت بندر والهيئة العامة للرياضة سابقاً ووزارة الصحة، كما شارك فريق يونايتد جدة لكرة السلة في بطولة الأندية العربية في الشارقة لعام 2018. بالتأكيد تلقّينا الدعم، لكننا نطمح للمزيد، وننتظر دوري السلة لنستمتع كما حدث مع كرة القدم النسائية".
وشاركت لاعبة كرة السلة بسمة الحسيني ضمن فريق "جدة يونايتد" في المباراة الرسمية لعام 2017، وأبدت كامل استعدادها لدوري كرة السلة، قائلةً "دوري كرة السلة تأخر بسبب الجائحة، لكننا مستعدون له الآن".
أسوةً بكرة القدم
وتنظر لاعبات كرة السلة إلى قريناتهن في كرة القدم، اللواتي دشنَّ دورياً رسمياً للعبة تحت تنظيم "الاتحاد السعودي للرياضة للجميع"، وبدت خطواتهن متسارعة بشكل رسمي على مستوى عالمي. ففي عام 2018، أصدرت الهيئة العامة للرياضة قرارها بالسماح للنساء بحضور المنافسات الرياضية في الملاعب. وفي الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، انطلق دوري جدة النسائي لكرة القدم، وفي عام 2013، فتحت الملاعب الخاصة أبوابها للسيدات لممارسة الرياضة ليوم واحد بسبب كثرة الطلبات. في المقابل، لاعبات كرة السلة ينتظرن دورهن للبدء بشكل رسمي من خلال انطلاق أول دوري لهن في داخل البلاد.