تتواصل الجلسات الأخيرة من محادثات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق يوم الجمعة الماضي، على الرغم من تحذيرات من أنهما باتا أمام "لحظة الحقيقة".
وكان كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه قد أبلغ إلى البرلمان الأوروبي صباح الجمعة، أنه "لم يبقَ سوى ساعات قليلة" للتوصل إلى صفقة، وأن قضية صيد الأسماك ما زالت تشكل حجر عثرة أخيراً ورئيساً أمام عقد اتفاق بين الجانبين، لكن مع حلول الليل في بروكسل، أشارت مصادر من طرفي التفاوض إلى غياب أي ملامح انفراج في أفق الأزمة القائمة، وأن المفاوضات ستعاود في الصباح.
إلى ذلك، حاول الطرف الأوروبي في وقت متأخر من النهار كسر الجمود بتقديم عرض جديد في شأن قضية الصيد، وهي المسألة الأصعب التي ما زالت عالقة، والتي يتعين حلها. ومع ذلك، يبدو أن اقتراح بارنييه الذي يتيح للمملكة المتحدة الاحتفاظ بحصة إضافية من الأسماك في مياهها، لا يلقى ترحيباً من جانب لندن.
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد تحدث مع مذيعين قبل ساعات من ذلك، مؤكداً أن هناك "فجوةً يتعين ردمها"، وأنه يأمل في أن "يرى الاتحاد الأوروبي يتصرف بشكل منطقي وعقلاني" في الأيام الأخيرة من المفاوضات.
في غضون ذلك، بدت دبلن المتفائلة عادةً وكأنها تلقي بظلال من الشك على إمكان التوصل إلى حل، بحيث اعترف رئيس وزرائها مايكل مارتن بأن المفاوضات الشائكة ما زالت تواجه "عراقيل ومطبات صعبة للغاية".
وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية إنه "لا يوجد موعد نهائي رسمي لفض" المحادثات. ومع ذلك، لم يتبقَ سوى 48 ساعة حتى موعد إنهاء هذه المسألة برمتها، كما كان البرلمان الأوروبي قد لوح من قبل، من خلال رفضه إقرار صفقة "بريكست" في المدة المتبقية من هذه السنة، في حال لم يكن هناك اتفاق مكتوب بحلول يوم الأحد.
يأتي ذلك في وقت بدأت تظهر فيه صفوف طويلة من الشاحنات على الطريق السريع M20 في مدينة كينت، حيث تستعد الشركات لرفع منسوب مخزوناتها من البضائع، تحسباً لأي اضطرابات متوقعة في حال باءت محاولات التوصل إلى اتفاق بالفشل، وما ذلك إلا غيض من فيض مما هو مرتقب في الأيام الآتية.
ومعلوم أنه ما زالت هناك قضيتان رئيستان موضع خلاف بين الفريقين: الأولى تتعلق بالسماح لأساطيل الاتحاد الأوروبي بالصيد في المياه الإقليمية البريطانية، والثانية هي مسألة ما يسمى "تكافؤ الفرص" بالنسبة إلى القوانين. وفهم أنه تم إحراز بعض التقدم في القضية الأخيرة، على الرغم من أن هناك تفاصيل عدة لا يزال يتعين بلورتها والاتفاق عليها.
أما في ما يتعلق بالصيد، فيبدو أن الجانبين ما زالا متباعدين في المواقف، بحيث تصر بروكسل على أخذ حصة الأسد من الأسماك التي يتم صيدها في المياه البريطانية، وعلى حقها في فرض رسوم جمركية رداً على محاولة المملكة المتحدة تحصيل مزيد من الحقوق في مجال الصيد. وقال الجانبان إنهما لا يستطيعان تحديد ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق اعتباراً من مساء الجمعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار رئيس الوزراء البريطاني يوم الجمعة إلى أنه "لا توجد حكومة تتصرف بعقلانية" يمكنها القبول بالتوقيع على اتفاقية من النوع الذي يقترحه الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً أن "بابنا مفتوح. وسنواصل خوض المحادثات، لكن يجب أن أقر بأن الأمور تبدو صعبة".
وتابع يقول: "هناك فجوة يتعين سدها. لقد قمنا بالكثير من جانبنا للمساعدة في التوصل إلى حل. نأمل من أصدقائنا في الاتحاد الأوروبي الاحتكام إلى صوت العقل والمنطق، والإتيان بأنفسهم باقتراح ما إلى طاولة المفاوضات".
ونبه جونسون إلى أنه "في حال لم يحدث ذلك، فحينئذ ستجرى التداولات التجارية في ما بيننا ابتداءً من مطلع شهر يناير (كانون الثاني) وفق شروط (منظمة التجارة الدولية). إنه حدث استغرق ما يناهز أربعة أعوام ونصف العام من البحث".
وقال رئيس الوزراء البريطاني: "نعم، قد يكون الأمر صعباً في البداية، لكن بلادنا ستدخل حقبةً من الازدهار الكبير، كما رددت مرات عدة، بغض النظر عن الشروط والترتيبات التي سنتوصل إليها".
وكان ميشال بارنييه قد وجه في وقت سابق أمام الرلمان الأوروبي تحذيراً إلى بوريس جونسون، من أن المحادثات قد وصلت الآن إلى نقطة "يتعين فيها اتخاذ قرارات". وأوضح لأعضاء البرلمان أن "المسألة الآن تكمن في ما إذا كانت المملكة المتحدة ستغادر في غضون أيام قليلة - 10 أيام أو نحو ذلك - السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، باتفاق أم لا. إنها لحظة الحقيقة".
ورأى أخيراً أنه "لم يبقَ لدينا سوى قليل من الوقت يقدر بما لا يزيد على بضع ساعات، للعمل على هذه المفاوضات بطريقة مفيدة، إذا ما أردنا لهذا الاتفاق أن يدخل حيز التنفيذ في مطلع يناير (كانون الثاني)".
© The Independent