تستمر المفاوضات بشأن التوصل لاتفاق شامل يحكم علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، بعد نهاية الفترة الانتقالية لخروج بريطانيا من أوروبا "بريكست"، في بروكسل.
وكانت فرق المفاوضات التي يقودها من الجانب الأوروبي ميشيل بارنييه ومن جانب بريطانيا ديفيد فروست أنهت مفاوضات السبت، 19 ديسمبر (كانون الأول)، من دون حل مشكلة حقوق الصيد، العائق الأساسي المتبقي أمام استكمال مسودة اتفاق "بريكست".
وتطالب الحكومة البريطانية الاتحاد الأوروبي بالقيام بخطة جدية تتضمن "تحولاً كبيراً" كي يتمكن المفاوضون من التوصل لمسودة الاتفاق، وسبق أن أعلن البرلمان الأوروبي في بروكسل أنه كي يمكن التصديق على أي اتفاق قبل نهاية الفترة الانتقالية لـ"بريكست" في 31 ديسمبر، يتعين التوصل لمسودة الاتفاق بنهاية اليوم.
عودة التشاؤم
وعلى الرغم من تقديم الجانب الأوروبي مقترحاً جديداً بشأن حقوق الصيد، السبت، فإن الجانب البريطاني لم يقبل بالعرض الأوروبي، وتستمر المفاوضات في محاولة لحل هذه المشكلة، وعادت أجواء التشاؤم في لهجة تصريحات المسؤولين البريطانيين في عطلة نهاية الأسبوع، بعد تفاؤل، الخميس والجمعة، بشأن إمكانية التوصل لاتفاق قبل عطلة أعياد الميلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونقلت وسائل الإعلام البريطانية تصريحات نسبتها إلى مصدر حكومي قال فيها "نريد التوصل لاتفاق سليم يستند إلى شروط تحترم ما صوت من أجله البريطانيون، للأسف ما زال الاتحاد الأوروبي يصارع ليحصل على المرونة المطلوبة من الدول الأعضاء في موضوع حقوق الصيد، ويواصل طرح مطالب لا تتسق مع استقلالنا، نواصل البحث عن أي سبيل لاتفاق، لكن من دون تحول كبير من جانب المفوضية الأوروبية سنخرج في 31 ديسمبر على أساس قواعد منظمة التجارة العالمية".
وتعززت لهجة التشاؤم كذلك في تصريحات وزير الخارجية الإيرلندي سايمون كوفيني التي نقلتها صحيفة "الصنداي تايمز" وقال فيها "لا أعتقد أنه سيُتفق عليها (حقوق الصيد) بسهولة خلال الساعات الـ24 المقبلة، قد نشهد جموداً بسبب الأسماك، لن أُدهش إذا أدت المسألة إلى انهيار المفاوضات كلها. هي بالفعل يمكن أن تؤدي إلى ذلك".
كذلك صرح وزير شؤون مجلس الوزراء في الحكومة البريطانية مايكل غوف بأنه "من غير المحتمل بشكل واقعي التوصل لاتفاق إلا بعد أعياد الميلاد"، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "الصنداي تلغراف".
ويعني ذلك ضيق نافذة التوصل لمسودة الاتفاق والتصديق عليها من البرلمان الأوروبي ومجلس العموم (البرلمان) البريطاني في غضون ثلاثة أيام قبل نهاية العام، وهي نافذة ضيقة جداً بالفعل.
اتفاقيات ثنائية
ولم يستبعد مايكل غوف إمكان التوصل إلى سلسلة من "الاتفاقيات الثنائية المصغرة" بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي إذا لم يُتوصل لاتفاق "بريكست" شامل وفشل المفاوضات الحالية.
وكان غوف أوضح رؤيته تلك في كلمتين له أمام لجنتين للنواب في مجلس العموم الأسبوع الماضي، مشيراً إلى أن الاتفاقيات الثنائية ستجعل العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في النهاية شبيهة بالعلاقات البريطانية الأميركية التي توصف دوماً بأنها "علاقة خاصة".
وقال وزير شؤون مجلس الوزراء للنواب، إنه إذا لم يتوصل لاتفاق فيمكن لبريطانيا والاتحاد الأوروبي "اتخاذ قرارات ثنائية تسهل الأمور للجانبين (تفادياً لفوضى بريكست من دون اتفاق)". ووصف تلك الاتفاقيات الثنائية في خطابه وقتها بأنها "اتفاقيات جانبية"، لكنه شدد على أن تلك الاتفاقيات الثنائية "لن تعني أننا سنعود للمفاوضات للتوصل إلى اتفاقية تجارة حرة" كالتي يجري التفاوض بشأنها الآن.
وأكد غوف أنه على ثقة من أن أي مشاكل على الحدود بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيمكن حلها بسرعة في حال لم يُتوصل لاتفاق قبل نهاية الفترة الانتقالية، وأضاف "أتوقع أنه بعد أيام أو أسابيع من الفوضى المحتملة ستحل تلك الأمور نفسها ونعود إلى وضع طبيعي نسبياً خلال العام المقبل".
حقوق الصيد
ومع الانتهاء من معظم بنود الاتفاق الشامل، ضمن مسودة الاتفاق التي قد تصل إلى 800 صفحة، لم يتبق سوى مسألة حقوق الصيد التي تتركز عليها المفاوضات، اليوم الأحد، في بروكسل، وكان الوفد الأوروبي تقدم باقتراح، السبت، زاد فيه من نسبة الصيد في المياه البريطانية التي يمكن للأوروبيين التخلي عنها في الاتفاق إلى 25 في المئة، وكان الأوروبيون اقترحوا من قبل خفض حصة الصيد بما بين 15 و18 في المئة، وهو ما رفضه الوفد البريطاني متمسكاً بالمطلب الأساسي لبريطانيا بأن تتخلى أساطيل الصيد الأوروبية عن 80 في المئة من حصتها من الأسماك في المياه البريطانية.
ويواجه الأوروبيون خلافات داخلية بشأن هذه المسألة، إذ تقود فرنسا وهولندا معسكراً متشدداً بشأن بند حقوق الصيد يصر على أن يتنازل البريطانيون أكثر إذا كانوا يريدون التوصل لاتفاق، ومع فرنسا وهولندا في هذا الصدد، تقف الدنمارك وإسبانيا اللتان تصطاد أساطيل صياديهما من المياه البريطانية أيضاً.
ويحاول الأوروبيون تقليص تنازلاتهم في موضوع حقوق الصيد، الذي يبلغ عائده السنوي 795 مليون دولار (650 مليون يورو) من الأسماك من المياه البريطانية، لإرضاء الدول الساحلية التي يستفيد صيادوها من الصيد في المياه البريطانية، بينما تحاول بريطانيا السيطرة الكاملة على مياهها وتحديد حصص الصيد للأساطيل الأوروبية بأقل ما يمكن، هذا على الرغم من أن أساطيل الصيد البريطانية الحالية لن تكون قادرة على الاستفادة من كميات الأسماك بسبب أعداد القوارب المحدودة.
ومساء السبت، انتقد تحالف مصايد الأسماك الأوروبي الذي يضم الصيادين في فرنسا وهولندا وبلجيكا المفوضية الأوروبية بالتضحية بمصالح الصيادين من أجل التوصل لاتفاق مع بريطانيا، كما احتج الصيادون الفرنسيون أيضاً قبل يومين مطالبين المفاوضين الأوروبيين في مفاوضات "بريكست" بعدم التنازل أكثر في ما يتعلق بحقوق الصيد.