لم يخالف "البنك المركزي المصري" توقعات المحللين وشركات الأبحاث والدراسات، إذ قرر خلال الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
وأوضحت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري، أنه تقرر الإبقاء على سعرَي عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسة عند مستويات 8.25 و9.25 و8.75 في المئة على الترتيب، وكذلك الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 8.75 في المئة.
ولفت بيان لجنة السياسة النقدية إلى أن العام الحالي، شهد خفض معدلات الفائدة بواقع 4 في المئة. وأشار المركزي المصري، إلى أن المعدل السنوي للتضخم العام ارتفع للشهر الثالث على التوالي إلى 5.7 في المئة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من 4.5 في المئة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) من ذات العام، مدفوعاً بارتفاع المساهمة السنوية للسلع الغذائية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتوقع المحلل المالي أحمد الحارثي أن يواصل البنك المركزي المصري دورة التيسير النقدي، خصوصاً مع توقعات بشأن استقرار معدلات التضخم واتجاهها إلى الهبوط خلال النصف الأول من العام المقبل.
وأشار الحارثي إلى أن "احتياطي النقد الأجنبي الذي تمكن البنك المركزي المصري من الحفاظ عليه عند مستويات تقترب من 40 مليار دولار، على الرغم من تأثير جائحة كورونا على احتياطيات البنوك المركزية على مستوى العالم، سيتيح للمركزي المصري فرصاً قوية للمشاركة بخطط تحفيز لدعم السوق والموازنة العامة، ما قد يعزز السيطرة على الأسعار، بالتالي إمكانية العودة إلى دورة التيسير النقدي".
إجراءات استباقية للسيطرة على التضخم
كذلك أشار "المركزي المصري" إلى أن صعود معدل التضخم العام في نوفمبر الماضي، عكس صدمة عرض مؤقتة في أسعار بعض الخضروات، وارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي بدرجة طفيفة إلى 4.0 في المئة خلال نوفمبر، مقابل 3.9 في المئة خلال أكتوبر، ما يشير إلى استمرار احتواء الضغوط التضخمية.
وتوقع المصرف المركزي أن يسجل متوسط معدل التضخم العام، معدلات أحادية تحت مستوى 6 في المئة خلال الربع الأخير من العام الحالي، اعتماداً على درجة انخفاض أسعار الطماطم بعد انتهاء الصدمة، بخلاف التغيّر في البنود الأخرى.
وأشار "المركزي" إلى أنه اتخذ بشكل استباقي مجموعة إجراءات بدءاً من اجتماع لجنة السياسة النقدية الطارئ الذي عُقِد في منتصف مارس (آذار) الماضي، والذي تقرر فيه خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 300 نقطة أساس كإجراء استثنائي، ما يسهم في دعم النشاط الاقتصادي بكل قطاعاته وبخاصةً قطاعَي الأعمال، العام والخاص والقطاع العائلي.
وحدد "المركزي المصري" معدل التضخم المستهدَف في المتوسط حتى الربع الأخير من عام 2022 عند 7 في المئة، مقارنةً مع نسبة 9 في المئة في المتوسط حتى نهاية الربع الرابع من عام 2020.
وأكد استمراره في استخدام أدوات السياسة النقدية للسيطرة على توقعات التضخم واحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب، والآثار الثانوية لصدمات العرض، التي قد تؤدي إلى انحراف التضخم عن المعدلات المستهدفة. ولفت إلى إمكانية حياد التضخم عن المعدلات المستهدفة نتيجة عوامل خارجة عن نطاق تأثير السياسة النقدية. وألمح إلى تقديرات بتأثُر المعدلات السنوية للتضخم بالوقع السلبي لفترة الأساس خلال عام 2021، إلا أنها ستستمر في تسجيل معدلات قريبة من منتصف نطاق المعدل المستهدف البالغ 7 في المئة خلال عام 2022.
وأوضح "البنك المركزي المصري" أن المبادرات التي أطلقها للاعتماد على الإنتاج المحلي والمحافظة على معدلات بطالة منخفضة، واستتبعها خفض أسعار العائد الأساسية لديه بواقع 50 نقطة أساس في كل من اجتماع 24 سبتمبر و12 نوفمبر الماضيين، وذلك في ضوء استمرار احتواء الضغوط التضخمية المتوقَعة في المدى المتوسط. وأكد أن خفض سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي بواقع 400 نقطة أساس منذ بداية العام، أسهم في دعم النشاط الاقتصادي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
النمو يتحول إلى الارتفاع في الربع الثالث
وذكر "المركزي المصري" أن من بين عوامل قرار تثبيت الفائدة، تسجيل معدل نمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي، 0.7 في المئة بشكل مبدئي خلال الربع الثالث من العام الحالي، مرتفعاً عن سالب 1.7 في المئة خلال الربع السابق من العام ذاته. وسجل معدل نمو الاقتصاد المصري نحو 3.6 في المئة بشكل مبدئي خلال العام المالي 2019 - 2020، مقارنةً مع نسبة 5.6 في المئة خلال العام المالي 2018 - 2019.
وجاء تباطؤ معدل النمو بسبب جائحة كورونا والإجراءات الاحتوائية المصاحِبة لها، وما تسببت فيه من تداعيات سلبية على كل النشاط الاقتصادي وعلى جميع اقتصادات دول العالم. وتوقع المركزي المصري، تعافي معدل النمو الإجمالي الحقيقي للاقتصاد المصري بشكل تدريجي، وذلك بالتوازي مع استمرار دعم الإصلاحات الهيكلية للنشاط الاقتصادي.
واستمرت معظم المؤشرات الأولية من ناحية الطلب في التعافي التدريجي خلال شهري أكتوبر، ونوفمبر من عام 2020 وذلك مقارنةً مع الضعف المشهود خلال الربع الثاني من العام ذاته. ولفت "المركزي" إلى أن معدل البطالة انخفض ليسجل مستوى 7.3 في المئة خلال الربع الثالث من العام الحالي، وهو أدني معدل تاريخي سجلته مصر، وذلك مقارنةً مع نحو 9.6 في المئة خلال الربع الثاني من العام ذاته.
النشاط الاقتصادي العالمي ما زال ضعيفاً
أما بالنسبة للاقتصاد العالمي، فكشف البنك المركزي المصري أن النشاط الاقتصادي ما زال ضعيفاً، على الرغم من تيسيير الأوضاع المالية العالمية، وذلك نتيجة انتشار الموجة الثانية لجائحة كورونا وعودة الإغلاق وتشديد الإجراءات الاحترازية، التي ستؤثر سلباً على آفاق الاقتصاد العالمي على المدى القريب.
وعلى الرغم من ذلك، فإن تطوير اللقاحات وبدء توزيعها، قد يخفف من حالة عدم اليقين السائدة على المدى المتوسط، تزامناً مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً بشكل طفيف أخيراً. وتوقع المركزي تعافي معدل النمو الإجمالي الحقيقي للاقتصاد المصري بشكل تدريجي، وذلك بموازاة استمرار دعم الإصلاحات الهيكلية للنشاط الاقتصادي. وأشار إلى تقديرات بتاثر المعدلات السنوية للتضخم بالوقع السلبي لفترة الأساس وذلك خلال عام 2021، إلا أنها ستستمر في تسجيل معدلات قريبة من منتصف نطاق المعدل المستهدف البالغ نحو 7 في المئة خلال عام 2022.