أكد رئيس المفوضية القومية للحدود السودانية، الدكتور معاذ محمد أحمد تنقو، ألا مجال لحل قضية ترسيم الحدود بين السودان وإثيوبيا بالقوة أو الحرب، على الرغم من التعقيدات التي تشوب الملف، داعياً إثيوبيا إلى التوقف عن نهج التسويف والمراوغة الذي ظلت تمارسه على مدى 50 عاماً، الأمر الذي أوصل البلدين إلى مرحلة التوتر الراهنة نتيجة عدم حسم هذا الملف.
وشدد على أهمية التزام إثيوبيا بالقانون الدولي في ما يختص بإعمال مبدأ توفر حسن النية عند تنفيذ الالتزامات الدولية، وفق ما نص عليه اتفاق فيينا لقانون المعاهدات الدولية لسنة 1969، وضرورة انتهاز فرصة العلاقات الطيبة بين البلدين من أجل إنهاء ملف الخلافات بينهما، معرباً عن أمله بأن يحسم الاجتماع المرتقب في أديس أبابا للجنة السياسية بين البلدين الأمر، بتوجيه اللجان الفنية ببدء الترسيم فوراً.
مخاوف العودة إلى الوراء
وفي حوار مع "اندبندنت عربية"، حول ملابسات المفاوضات في شأن حل النزاع الحدودي بين الخرطوم وأديس أبابا، حذّر تنقو الجانب الإثيوبي من محاولات السعي إلى نقل الخلافات لخانة النزاع القانوني مجدداً، لأن ذلك من شأنه أن يضيف تعقيدات لا داعي لها ولا يحقق أي مكاسب، بل سيكون عليه وقتها أن يتحمل العواقب والمسؤولية التي تنجم عن ذلك، مشدداً على ضرورة إبقاء النزاع في إطاره الحقيقي والصحيح، كونه عبارة عن مشكلات حدودية بين مزارعين، وليس نزاعاً قانونياً حول مسار حدود الدولتين.
وأضاف أن "السودان لا يرغب بأن يتطور موضوع هذا الخلاف ليخرج عن كونه مشكلة حدودية بين البلدين، لذلك يتوجب على الطرف الإثيوبي أن يتوقف عن وضع العراقيل أمام ترسيم الحدود، حتى لا يضطر السودان إلى استخدام حقه في اللجوء إلى وسائل أخرى، ليس بينها الدخول في حرب مع دولة جارة وصديقة"، ملوحاً بأنه في حالة تعثر الحل التفاوضي، فإن الأعراف الدولية تتيح للسودان أن يسلك كل السبل السلمية الممكنة والخيارات البديلة عبر الوسائل الدبلوماسية المعنية بالحلول السلمية المعروفة، التي تبدأ بالتفاوض المباشر ثم الوساطة، فاستخدام المنظمات الإقليمية أو الدولية، ونهاية بالتحكيم الدولي أو محكمة العدل الدولية.
التحكيم حل سلمي يحقن الدماء
وبسؤاله عن سبب تفادى الطرفين اللجوء إلى التحكيم طوال الفترة الماضية، يجيب رئيس المفوضية القومية للحدود بأن "التحكيم والقضاء الدولي هما أحد الحلول السلمية التي تلجأ لها الدول باختيارها في حال العجز عن حل المشكلات بينها عبر التفاوض، ومن مميزاته أيضاً أنه لا يؤثر في العلاقات الطيبة بين الطرفين المختصمين أمام القضاء، وسبق أن لجأت إلى مثل ذلك الحل كل من ليبيا وتشاد في نزاعهما على إقليم "أوزو"، وكذلك كل من الكاميرون ونيجيريا، والسودان هو الآخر قد يفضل اللجوء إلى القضاء الدولي بدلاً من الدخول في حرب مع الجارة إثيوبيا".
لكن ما الذي يجبر السودان على القبول بأي نوع من التحكيم الدولي وهو الآن غير متضرر بعد أن سيطر على أراضيه؟ يفسر ذلك المسؤول السوداني بأنه "إن كان هناك سبب يمكن أن يجعل السودان يوافق على الذهاب إلى التحكيم في محكمة العدل الدولية إذا رأت إثيوبيا ذلك، فهو من أجل حقن دماء الشعبين الجارين وحفاظاً على علاقاتهما، أكثر من كونه طلباً لإحقاق الحق السوداني، لأنه مثبت بكل الوثائق والأدلة والبراهين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعزز ذلك في نظر المتحدث أن "السودان بسط سيطرته على أراضيه التي عملت إثيوبيا خلال 30 عاماً على تهجير السودانيين منها، وهم الآن سيعودون إلى مزارعهم وقراهم، بعد اعتداء وتغول إثيوبي عليها من دون وجه حق أو صكوك ملكية".
الحدود الموروثة من الاستعمار
وعن تلميح الجانب الإثيوبي في الآونة الأخيرة بعدم شرعية اتفاق 1902 وبروتوكول 1973 المترتب عليه، بحجة أنه تم في عهد الاستعمار، يؤكد رئيس مفوضية الحدود أن هذا الحديث جديد من الجانب الإثيوبي، ولم يقل به أو يطرحه طوال السنين الماضية، ولم نسمع به إلا في تصريحات القنصل الإثيوبي بالقضارف (شرق السودان)، ثم ما لبث أن كرره رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمام البرلمان الإثيوبي، حين قال لهم "إن الحرب في إقليم "تيغراي" ساعدت السودان على بسط سيطرته على مناطق متنازع حولها"، وهذا أيضاً حديث جديد لم يقل من قبل، إذ إن كل الوثائق تؤكد أن إثيوبيا تعترف بالحدود المتفق عليها في الاتفاقات المشار إليها، وأن هناك فقط مشكلات خاصة بالمزارعين الإثيوبيين تحتاج إلى المعالجة.
أما بخصوص التشكيك في اتفاق الحدود كونه موروثاً من المستعمر، فهو أمر في نظر السودانيين "لا ينبغي أن يصدر عن أية دولة أفريقية، وبخاصة إثيوبيا ومصر، لأن مبدأ الاعتراف بالحدود التي خلفها الاستعمار تم إقراره في قمة القاهرة 1963، عندما تبنى الزعماء الأفارقة إعلان منظمة الوحدة الأفريقية، وتم تضمينه في مسودة اتفاق المنظمة، ومن بعد ضمن النص في اتفاق إنشاء المنظمة، وصادقت عليه الدول في قمة أديس أبابا 1964، وأصبح مادة في صلب ميثاق الاتحاد الأفريقي العام 1998، وكل ذلك يؤكد أنه إذا ذهبت إثيوبيا إلى التحكيم الدولي بتلك الدعاوى، فهي خاسرة ولا شك في ذلك".
دعاوى لن تسعف الطرف الآخر
وعن تفسيره لهذا الحديث الجديد في الموقف الإثيوبي، وكيف سيؤثر في مستقبل الاجتماعات المشتركة للجان الحدود مستقبلاً؟
يجيب، تنقو، "أولاً أود التأكيد على أن إثيوبيا هي التي بادرت بعرض اتفاق العام 1902، وهي بذلك ملزمة بموجب القانون الدولي بتنفيذ التزاماتها الدولية، لكن على الرغم من ذلك لم تفعل، أما إذا افترضنا أن إثيوبيا ذهبت إلى التحكيم الدولي، فهي تدرك جيداً أنها ستخسر، لأن السودان التزم بما يليه، بينما لم تلتزم إثيوبيا بما ابتدرت به الاتفاق المعني، وذلك قطعاً ليس في مصلحتها، وليس من مصلحتها أيضاً الاحتجاج بأن الحدود الحالية وضعها الاستعمار، لأن هذه الحُجة هي من حق السودان وليس لها، لأن إثيوبيا كانت وقتها هي الدولة المستقلة، والسودان كان هو المستعمر، فضلاً عن أن المستعمر توخى المصلحة الإثيوبية لدرجة أن اقتطع بعض المناطق السودانية وضمها إليه، وبالتالي فإن ذلك الدفع بأن اتفاق 1902 وبروتوكول الترسيم في 1903، واتفاق 1972 (استعمارية)، أيضاً ليس من مصلحة إثيوبيا".
إذن، على ماذا تراهن إثيوبيا وهي تخوض في هذا الجانب، هل تسعى إلى إقرار الأمر الواقع على الأرض، مع إحداث تغيير ديموغرافي كبير في المنطقة، ثم تلجأ من بعد إلى التحكيم والاستفتاء مثلاً؟
يستبعد رئيس المفوضية الحدودية، في رده، أن تلجأ أية منظمة عدلية دولية إلى استفتاء السكان أو تخييرهم في الانتماء ضمن وسائل التحكيم، ويستدل على ذلك بشاهد وسابقة النزاع الليبي - التشادي حول إقليم "أوزو"، "حين جاء مواطنو المنطقة إلى محكمة العدل الدولية يحملون عريضة مع جنسياتهم التي تثبت أنهم مواطنون ليبيون يقيمون هناك منذ أجدادهم الأوائل، ومع ذلك أصدرت المحكمة حكمها بأحقية تشاد في الإقليم، لذلك يرى أن أي أنشطة إثيوبية في هذا الخصوص لن تجدي أو تثمر".
تاريخ مضن من المماطلات والتسويف
لكن إلى متى يستمر ذلك الجمود بينما الأوضاع على الحدود تشهد تحشيداً متبادلاً، ولا يكاد الوضع يحتمل مزيداً من هدر الوقت؟ يجيب عن ذلك المتحدث بأن "التفاوض الفني مع الجانب الإثيوبي أمر مضن للغاية، ومليء بالتعقيدات والعراقيل، وكأنما يهدف الطرف الثاني إلى جعله يدور في حلقة مفرغة لا تثمر أبداً، لذلك لابد أولاً من إنهاء حال المماطلة هذه، التي ظلت مستمرة حوالى نصف قرن، فليس من المنطق أن يتحدثوا عن حلول للمشكلة قبل التأكيد على مسار الحدود مثلاً، فذلك منطق عاجز يضع العربة أمام الحصان، إذ لابد من تحديد مسار الحدود أولاً، لتحديد أين وقعت المشكلات في أي إقليم أو منطقة وأي بلد، ومن المسؤول عنها".
ويمضي في سرد تفاصيل وحيثيات الرحلة الطوية من التفاوض مع الجانب الإثيوبي، التي وصفها بأنها كانت مشواراً طويلاً مليئاً بالمماطلة والتلكؤ من الطرف الآخر، فلقد فضّل البلدان طوال 50 عاماً مضت التفاوض من أجل الحل الثنائي كأفضل أنواع وطرق الحلول لمثل هذه المشكلات، من دون تدخل طرف ثالث، "ووصل الأمر في ترسيم الحدود إلى درجة تحديد إحداثيات معترف بها من الطرفين، ووضعت علامات مؤقتة لكنها لا تزال موجودة وأماكنها معروفة بدقة شديدة، وتوصل الطرفان إلى اتفاق وتم تبادل المذكرات بين وزيري الخارجية في 1972، وجرى التصديق على هذا الاتفاق بواسطة برلماني البلدين، ومن ثم أصبح أمراً واقعاً كاتفاق دولي، وتم فيه الاعتراف بعلامات الحدود التي وضعت في 1903".
وكشف أن إثيوبيا في ذلك الحين "طلبت في الاتفاق أن يتنازل لها السودان عن بعض مناطق إقليمه، تحت مسمى إضفاء شيء من العدالة على مسار الحدود، كما طلبت أن يعمل البلدان على حل مشكلة المزارعين الإثيوبيين في السودان، وكان عددهم وقتها 21 مزارعاً فقط، واتفق على أن يكون هناك خط للتمييز وليست حدوداً دولية، مع التزام إثيوبيا بالإبقاء على الوضع الراهن حينذاك، 1972، على أن يقبل السودان تكوين لجنة لتقديم تقرير ميداني عن الموضوع، غير لجنة الترسيم".
دائما هناك عذر وحجة
يستطرد تنقو، "في 1973 قامت لجنة ترسيم الحدود بعمل كل الإجراءات الفنية اللازمة، ووضعت جدولاً لعملها، وحددت موازنتها البالغة 30 مليون دولار، لكن تعللت إثيوبيا بعدم المقدرة المالية وطالبت بعون خارجي، ومن فنلندا على وجه التحديد، ثم اعتذرت عنه مرة أخرى، ثم دخلت إثيوبيا في مرحلة من عدم الاستقرار، وتوقف العمل في الحدود، حتى جاء حكم منغتسو هيلا مريام، حيث ساءت العلاقات بين البلدين، وتم تجميد عمل الحدود، ثم جاءت فترة حكم مليس زيناوي في 1991، لتبدأ المحادثات حول الترسيم مرة أخرى، لكنها أيضاً، وتحت ذريعة أنها حكومة ثورة جديدة ولا يتوفر لديها متخصصون في مجال الحدود المشتركة، ظلت تعتذر لمدة 10 سنوات، إلى أن وافقت أخيراً في العام 2001 على إنشاء اللجنة المشتركة لمعالجة أوضاع المزارعين، وبالفعل قامت اللجنة بحصر المزارعين الذين اتضح أن عددهم ارتفع أثناء المماطلة من 21 إلى 1700 مزارع".
وتابع، "لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن عملية حصر المزارعين استمرت لفترة أطول مما ينبغي بسبب مماطلة الجانب الإثيوبي، بإبطاء وتيرة الاجتماعات تارة، والتحجج بفصل الخريف تارة أخرى، لتستمر عملية الحصر حتى العام 2005، ثم تدخل سكان "الأمهرا" وأوقفوا العمل الميداني، وسحب الوفد الإثيوبي عضويته من اللجنة، ثم بعد عامين واصلت اللجنة أعمالها في 2007، لتكتمل المهمة التي بدأت في 2001 أخيراً، في العام 2008".
اكتملت كل الترتيبات ولكن!
أما بخصوص لجنة إعادة ترسيم الحدود، فكانت وفق تنقو أكملت كل الإجراءات المكتبية والهندسية، وكل ما يتعلق بالخرائط وعلامات الحدود وأنواعها وأماكنها، ثم اختتمت بعمل مسح ميداني لعلامات الحدود الموجودة، الذي يسمى بعملية تأكيد الحدود، وتم التأكيد بالفعل وفقاً لبروتوكول 1903، كما تم اعتماده بواسطة اللجنة السياسية المشتركة بين البلدين في 2001".
ويواصل رئيس المفوضية القومية سرد رحلة المماطلة قائلاً، "أخيراً بعد كل هذا الجهد، طلب من لجنة الترسيم إعداد موازنة جديدة للترسيم وبرنامج عمل حتى يتم تحديد موعد بدء العمل، وبالفعل حددت اللجنة الموازنة بمبلغ 26 مليون دولار، غير أن إثيوبيا تحججت هذه المرة بضخامة الكلفة، وطالبت بخفضها على أن تكون مناصفة بالاعتماد على موارد الطرفين، وخفضت الكلفة إلى 12 مليون دولار، غير أن المماطلة استمرت حتى حدث انفصال جنوب السودان الذي ذهب بنصف طول الحدود، عندها تمت إعادة النظر في كلفة الترسيم لتصبح 12.9 مليون دولار، مناصفة بين البلدين، غير أن الذي حدث كان مزيداً من التسويف والتلكؤ، إذ وافق السودان واعتذرت إثيوبيا، فعرض السودان سداد الكلفة واعتبار نصيب إثيوبيا قرضاً، لكنها أيضاً رفضت".
مثابرة السودان وإرث التطويل
ليس هذا وحسب، يضيف تنقو، "بل إنه وعندما حانت لحظة المصادقة على تقارير لجنة الحدود عبر اللجنة الوزارية المشتركة، التي سترفعها إلى اللجنة السياسية العليا، عمد الجانب الإثيوبي إلى تكتيك فني بالدعوة إلى اجتماع اللجنة الوزارية قبل اللجنة السياسية، تفادياً لوضع التقرير في جدول الأعمال، ومع كل ذلك ثابر السودان حتى الرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2013، ليوافق أخيراً رئيس الوزراء مليس زيناوي في قمة الخرطوم على تقرير العمل الميداني، مع إرجاء توجيه لجنة الحدود لبدء الترسيم إلى ما بعد الانتخابات، التي كانت هي العذر هذه المرة".
ويكشف رئيس مفوضية الحدود في سرده لما وصفه بسلسلة المماطلات الإثيوبية، عن أنه عثر على وثيقة بدار الوثائق السودانية قطعت شكه باليقين، في شأن التلكؤ المتعمّد الذي كان يمارسه الجانب الإثيوبي، إذ تقول الوثيقة المكتوبة باللغة الإنجليزية، وهي عبارة من القنصل البريطاني في مدينة ماجي جنوب الحدود بين كينيا والصومال، حين كان مكلفاً بملف الحدود بين السودان وكينيا والصومال مع إثيوبيا، يقول القنصل في المذكرة المرسلة منه إلى السفير البريطاني في أديس أبابا وقتذاك ما ترجمته، "لم أر في حياتي شعباً أكثر مماطلة وأكثر تسويفاً وأكثر مراوغة من الشعب الإثيوبي في موضوع الحدود، والزمن سيثبت لك صحة كلامي"، مما يؤكد أن النهج ذاته بحذافيره مورس على السودان بحسب تنقو ولمدة 50 عاماً.
أثر الوضع الإثيوبي الداخلي في الحل
كيف ترى إذن أفق الحل مع كل هذه التعقيدات والتباينات والتحولات؟ يرد رئيس المفوضية القومية، بأن الإشكال يرتبط بالوضع الداخلي في إثيوبيا، "فهم عندما يتحدثون عن طرف ثالث إنما يقصدون طرفاً داخلياً في اعتقادنا، هذا الطرف هو الذي يسيّر السياسة الإثيوبية بدرجة كبيرة، وفي كثير من الأحيان يكون ما يريده، إقليم "الأمهرا" مثلاً ليس هو ما تريده الحكومة الإثيوبية، لأنه هو الإقليم المجاور والمستفيد، وهو الأكثر نفوذاً في أضابير الدولة الإثيوبية ومعظم المستفيدين من الأراضي السودانية".
لكن هل تلك الحيثيات التي ذكرتها هي التي تدفع السودان نحو القبول بالتحكيم مثلاً؟ يجيب، "السودان مستعد أن يلجأ إلى أي حل سلمي متاح، ولن يلجأ أبداً إلى خوض حرب مع الجارة إثيوبيا، كما أن ما حدث في منطقة الفشقة بولاية القضارف الحدودية ليس حرباً، لكن السودان لن يقصر في الدفاع عن نفسه وأراضيه وسيادته، ونحن كمفوضية قومية نقف مع قواتنا المسلحة في بسط سيطرتها على كل شبر من أراضي السودان".
بعد كل هذه الملابسات، ماذا تتوقع أو تنتظر من الاجتماع المقبل للجنة السياسية التي ستنعقد في أديس أبابا، وترك أمر تحديد أمنها لقيادة البلدين؟ أعرب رئيس المفوضية القومية للحدود عن أمله بأن تصدر اللجنة توجيهاتها للجان الحدود الفنية ولجنة ترسيم الحدود المشتركة لتبدأ عملها فوراً، بخاصة وأنها أدت عملها كاملاً على الرغم من كل المماطلات، وتنتظر فقط توجيهات بدء العمل، مشيرا إلى أن السودان وضع المقترحات لحلول مشكلات المزارعين الإثيوبيين منذ العام 2005، غير أن أديس أبابا لم ترد عليها منذ 15 عاماً وحتى اليوم.
اللجنة السياسية
وكانت اجتماعات اللجنة السياسية حول قضايا الحدود بين البلدين، التي ضمت وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني عمر مانيس ونائب رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الخارجية ديمكي مكنن، أكدت في ختام أعمالها بالخرطوم في 23 ديسمبر (كانون الأول)، على مبادئ حسن الجوار والتعاون والتفاهم المشترك، كما اتفق الطرفان على عقد الاجتماع القادم في أديس أبابا.
واتهم مكنن الخرطوم، في كلمته أمام اجتماعات اللجنة، بانتهاج سياسات تتعارض مع الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، مطالباً بوقف تحركاتها العسكرية، معرباً عن قلق بلاده من التطورات الأخيرة على الحدود.
كما بحث رئيسا وزراء البلدين ملف ترسيم الحدود بينهما خلال مشاركتهما في قمة الهيئة الحكومية للتنمية "الإيغاد" في جيبوتي مؤخراً.