أثار لجوء شخصيات أردنية بارزة للعلاج في إسرائيل جدلاً وغضباً في الشارع الأردني، واتهامات بتبرير تطوير العلاقات وتسويقها بين عمان وتل أبيب، في مقابل التقليل من أهمية ومستوى الخدمات الطبية في المملكة.
فقبل نحو شهر، نقلت طائرة عسكرية أردنية جنرالاً كبيراً يرأس الخدمات الطبية الملكية للعلاج في مستشفى "هداسا" الإسرائيلي بعد تدهور حالته إثر اصابته بوباء كورونا، ولم تمض أسابيع حتى ثار الجدل مجدداً مع لجوء أحد أشهر مدربي كرة القدم في البلاد إلى المستشفى ذاته بهدف تلقي العلاج من مرض السرطان الذي أنهك جسده.
حرج سياسي وشعبي
تسببت هذه الحالات بحرج سياسي وشعبي للحكومة الأردنية، إذ تأتي في وقت تتحدث الحكومة عن تطور خدماتها الطبية والصحية وتميزها في مستوى السياحة العلاجية، كما أنها في توقيت سياسي عصيب تراجعت فيه العلاقة مع إسرائيل إلى أدنى مستوياتها، وشهدت توتراً ملحوظاً مع حكومة بنيامين نتنياهو على وجه التحديد.
تزامن ذلك مع انتكاسة في عدد الإصابات والوفيات بالوباء، خصوصاً مع فقدان الطاقم الطبي عشرات الأطباء والممرضين، من الصف الأول، ما شكل مخاوف حقيقية من انهيار القطاع الصحي عموماً.
ليست وليدة اللحظة
رصدت نقابة الأطباء ونشطاء مقاومة تطوير العلاقات مع إسرائيل تزايداً في عدد الأردنيين الذين يتوجهون إلى تل أبيب لتلقي العلاج في السنوات الأخيرة، خصوصاً ذوي الأمراض المستعصية كالسرطان، على الرغم من تحول مركز الحسين للسرطان في العاصمة عمّان إلى مركز إقليمي معتمد من منظمة الصحة العالمية واستقباله حالات من دول عربية عدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يفسر مراقبون هذا الإقبال، بالدعاية الإسرائيلية التي تروج لوجود تقدم علمي كبير ومستوى طبي رفيع داخل مستشفياتها، بالإضافة إلى سياسة متعمّدة تهدف إلى تخفيض تكلفة علاج مرضى السرطان لاستقطابهم.
ويؤكد مدير مركز الحسين للسرطان الدكتور عاصم منصور، أنه لا يوجد أي إجراء طبي إضافي يمكن أن يقدمه مستشفى "هداسا" يختلف عما تقدمه المستشفيات الأردنية لعلاج مرضى السرطان، مشدداً على أن العديد من المرضى الذين عولجوا هناك، يذهبون بدافع نفسي لا أكثر.
ويبدو أن توجه الأردنيين للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية ليس وليد اللحظة، إذ هو ممارسة قديمة منذ سنوات طويلة، وتقف وراءها جهات متنفذة.
خشية أردنية
يخشى أردنيون أن تكون هذه الظاهرة، مقدمة لإقرار رسمي بتراجع الخدمات الصحية في المملكة، والتي ظلت لسنوات، أحد أبرز القطاعات التي يفخرون بها، وتنشط جمعيات طبية إسرائيلية خيرية في تنفيذ حملات لاستقدام مرضى أردنيين وعرب خصوصاً من الأطفال لتلقي العلاج في مستشفياتها بحجة عدم توفر علاج للحالات الصعبة والنادرة في بلدانهم، كما تسهّل السفارة الإسرائيلية في عمّان إجراءات عبور الحالات الطبية والمرافقين لها.
لا يقتصر العلاج في المستشفيات الإسرائيلية على الأردنيين، إذ كثير من القيادات الفلسطينية وعائلاتها تلقّت العلاج فيها، كان آخرها صائب عريقات، بالإضافة إلى أقارب آخرين في حركة حماس.
وإلى جانب العلاج الصحي، ثمة إقبال أردني على العمل فيها حيث أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية مطلع العام الماضي 2020، وقبل انتشار كورونا، توقيع اتفاق جديد مع الأردن يسمح بزيادة عدد العمال الأردنيين في مدينة "إيلات".
ووفق بيان الخارجية الإسرائيلية، فإنه ستتم زيادة عدد العمال الأردنيين 500 عامل، ليصبح العدد المسموح له العمل في "إيلات" 2000 عامل، معظمهم في قطاعات الإنشاءات والخدمات الفندقية.