أصبحت النرويج أول دولة في العالم يتجاوز فيها عدد السيارات الكهربائية المباعة في السوق المحلية عدد السيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل أو السيارات الهجين (التي تعمل بالوقود والكهرباء معاً)، إذ ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية في البلد المنتج للنفط إلى مستوى قياسي بحصة سوقية 54 في المئة خلال عام 2020.
وقال اتحاد الطرق النرويجي، إن المركبات الكهربائية شكلت 54.3 في المئة من السيارات الجديدة التي بيعت في البلد الإسكندنافي في 2020. وهو مستوى قياسي عالمي، ارتفاعاً من 42.4 في المئة خلال 2019، ومن واحد في المئة فقط قبل 10 سنوات.
وتستهدف النرويج أن تصبح الدولة الأولى التي تنهي مبيعات السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل في حلول 2025. وتُعفي المركبات الكهربائية من الضرائب التي تفرض على تلك التي تعتمد على الوقود. وهي تسعى لأن تسبق دول العالم. فعلى سبيل المثال، تستهدف بريطانيا وقف السيارات التي تعمل بالديزل في 2030، على أن يتبع ذلك السيارات التي تعمل بالبنزين ربما في 2035 أو 2040.
الطاقة النظيفة
ومع زيادة الاستثمار في الطاقة النظيفة وتوليد الكهرباء من مصادر مستدامة غير ملوثة للبيئة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه والطاقة النووية، يُتوقع أن تختفي السيارات التي تعمل بالوقود من أغلبية دول العالم المتقدم والاقتصادات الصاعدة في حلول منتصف القرن الحالي.
ومن الآثار الجانبية لأزمة وباء فيروس كورونا، دفع العالم إلى الاهتمام أكثر بالبيئة وقضايا المناخ لما لها من تبعات سلبية على الصحة العامة للبشر، إضافة إلى ما يراه كثيرون من واضعي السياسات الاقتصادية في العالم من أن ما يسمى الاقتصاد الأخضر، مكافحة التلوث البيئي ومصادر الطاقة قليلة الانبعاثات الكربونية، يمكن أن يكون قاطرة الانتعاش الاقتصادي ما بعد أزمة كورونا.
وهذا ما دفع عدداً من شركات الطاقة الكبرى في العالم، مثل "بي بي" إلى وضع خطط للاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، إلى جانب نشاطها الرئيس في إنتاج النفط والغاز، ويُتوقع أن يستمر هذا النهج ويتسع نطاقه في السنوات الخمس المقبلة.
ويتوقع محللو قطاع صناعة السيارات وموزعو السيارات أن يستمر منحى زيادة إنتاج السيارات الكهربائية ومبيعاتها في 2021، على حساب حصة السيارات التي تعمل بالوقود، وتتوسع شركات صناعة السيارات في إنتاج موديلات مختلفة من السيارات الكهربائية للحد من منافسة شركة "تيسلا" الأميركية التي تنتج سيارات كهربائية فحسب.
موديلات جديدة
واتساقاً مع سياسات وقف بيع سيارات الديزل البنزين في كثير من دول العالم في غضون سنوات، تحول شركات كبرى مثل "مرسيدس وفولكسفاغن وكيا وتويوتا وهوندا وأوبل وستروين وبيجو وأودي" وغيرها، خطوط الإنتاج في مصانعها لإنتاج موديلات جديدة من السيارات الكهربائية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الوقت نفسه، تطور "تيسلا"، وشركات إنتاج سيارات كهربائية أصغر، موديلات جديدة لزيادة حصتها من السوق بالنسبة إلى مركبات معينة، مثل قاطرات الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي التي ما زالت أغلبيتها تعمل بالديزل أو البنزين.
على سبيل المثال، أعلنت شركة "جنرال موتورز الأميركية"، في نوفمبر (تشرين الثاني) عن تطوير 30 موديلاً جديداً من السيارات التي تنتجها، أغلبيتها سيارات كهربائية، بهدف زيادة حصتها من سوق تلك السيارات في الولايات المتحدة التي تستحوذ شركة "تيسلا" على 70 في المئة منها.
وعلى عكس توجه السيارات الهجينة، الذي بدأ بموديل "برايوس" من "تويوتا" ولم ينتشر ليغطي نسبة معقولة من السوق، يُتوقع أن تصبح السيارات الكهربائية الأكثر عدداً في الشوارع في المدن الرئيسة في العالم، في غضون سنوات.
ويساعد في ذلك السياسات الحكومية التي تشجع التحول إلى السيارات من دون انبعاثات كربونية ملوثة للبيئة عبر حوافز بإعفاءات من الضرائب والرسوم، إضافة إلى تطوير موديلات متنوعة من السيارات الكهربائية من جانب مختلف الشركات، ما يعني توسيع المنافسة، وبالتالي انخفاض الأسعار.
انطلاقة جديدة
وكان لتبعات أزمة وباء كورونا أثر كبير على قطاع صناعة السيارات في عام 2020، إذ تراجعت المبيعات بنسب كبيرة في معظم دول العالم، وأعلن في بريطانيا، الأربعاء، تراجع مبيعات السيارات بنحو الثلث في عام 2020، لتشهد أكبر انخفاض منذ 1943.
لكن أرقام مبيعات السيارات في بريطانيا، في ديسمبر (كانون الأول) 2020 تظهر تجاوز عدد السيارات الكهربائية لمبيعات السيارات التي تعمل بالديزل، وإن ظلت السيارات التي تعمل بالبنزين الأعلى مبيعاً، ففي مقابل 15.8 ألف سيارة ديزل، وصلت مبيعات السيارات الكهربائية في بريطانيا في ديسمبر إلى 22 ألفاً، بينما تقدمت سيارات البنزين لتباع منها 58 ألف سيارة في الشهر نفسه.
ومع اقتراب موعد إلغاء سيارات الديزل وتحديد موعد وقف بيع سيارات البنزين، ستتجاوز مبيعات السيارات الكهربائية كل السيارات التي تعمل بالوقود، وفي بريطانيا، كما في كثير من دول العالم الكبرى، يتوقع المحللون أن تكون السيارات الكهربائية هي الرائدة في انتعاش قطاع صناعة ومبيعات السيارات ما بعد أزمة كورونا.