بالتزامن مع قرب انطلاق النسخة الافتراضية الـ 51 للمنتدى الاقتصادي العالمي لدافوس في الفترة من 25 إلى 29 يناير (كانون الثاني) الحالي، أطلق المنتدى تقرير "المخاطر العالمية 2021".
وتوقع التقرير أن يجبر الركود العالمي 150 مليون شخص في العالم على الفقر المدقع، أي ما يشكل 9.4 في المئة من سكان العالم. وكان مفترضاً أن تنخفض النسبة إلى ثمانية في المئة بنهاية 2020. واعتبر المنتدى هذه الأرقام نكسة في جدول أعمال التنمية العالمية، ستقود إلى زيادة التعرض للصدمات المستقبلية والتهديد.
وقال إن عشرة اقتصادات من إجمالي 28 اقتصاداً في العالم ستحقق نمواً في 2021، من دون أن يسميها. ووجد التقرير أن زيادة مستويات الدين العام والخاص قد تقلل نطاق التحفيز الإضافي، الذي يعد أداة قوية في الاقتصادات المتقدمة، التي تتطلب المفاضلة بين الاستثمارات في حماية مجتمعات أقوى. وأضاف التقرير أن الصدمة الاقتصادية التي خلفها وباء كورونا تعادل ساعات العمل لنحو 495 مليون وظيفة في الربع الثاني من العام 2020 وحده، أي نحو 14 في المئة من إجمالي القوى العاملة في العالم، مما سيعمق عدم المساواة.
وعلى مستوى الشباب والعمال غير المهرة والآباء العاملين، خصوصاً الأمهات، وجد التقرير أن الأقليات المحرومة بالفعل كانت المتضررة بشكل خاص من الوباء، حيث إن 70 في المئة من النساء العاملات عبر تسعة من أكبر اقتصادات العالم يعتقدن أن حياتهن المهنية ستتباطأ بسبب اضطرابات الوباء.
تقليص سنوات من جهود الحد من الفقر
وشكل المسح السنوي أساساً لتصور الأخطار العالمية، الذي أنجزه أكثر من 650 عضواً في المنتدى الاقتصادي العالمي. ووصف التقرير الذي نشر عبر موقع المنتدى الكلفة البشرية والاقتصادية لجائحة كورونا بـ "الشديدة"، محذراً من أنها تهدد بتقليص سنوات من جهود الحد من الفقر وعدم المساواة في العالم، كما تهدد بإضعاف التماسك الاجتماعي والتعاون العالمي في ظل الخسائر الكبيرة التي خلفها الوباء، وفي ظل فجوة رقمية آخذة في الاتساع. مشيراً إلى أن التفاعلات والتحولات المفاجئة في الأسواق يمكن أن "تؤدي إلى عواقب وخيمة وفرص ضائعة على نطاق واسع في العالم".
وقال التقرير إن أعراض الجائحة ظهرت على شكل اضطرابات اجتماعية وتوترات جيوسياسية. ودعا حكومات العالم إلى ضرورة الاستجابة للتهديدات الرئيسة التي يواجهها العالم في العقد المقبل، وعلى رأسها الهجمات الإلكترونية وأسلحة الدمار الشامل، والأخطر من ذلك تحديات التغير المناخي، كما دعا أيضاً إلى ضرورة الاستفادة من دروس الوباء وتحليل الأخطار التاريخية.
تصورات الأخطار العالمية خلال 10 سنوات
وفنّد المنتدى الأخطار الأكثر احتمالاً خلال السنوات العشر المقبلة، وهي سنوات الطقس المتطرف، وفشل العمل المناخي والأضرار البيئية التي يتسبب فيها الإنسان، وتركيز الطاقة العالمية وعدم المساواة الرقمية وفشل الأمن السيبراني.
ومن بين أعلى أخطار التأثير خلال العقد المقبل، احتلت الأمراض المعدية الصدارة، يليها فشل العمل المناخي وغيرها من المشكلات البيئية، وكذلك أسلحة الدمار وأزمات سبل العيش والديون وانهيار البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات. ولفت التقرير إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالأفق الزمني لهذه الأخطار، فإنها ستتحول إلى تهديد للعالم "وشيك الحدوث"، مرجحاً أن تشمل التهديدات التي تواجه العالم خلال العامين المقبلين "أزمات العمالة والمعيشة الواسعة الانتشار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال التقرير إن خيبة أمل الشباب وعدم المساواة الرقمية والركود الاقتصادي والأضرار البيئية هي من صنع الإنسان، ناهيك عن الاعتداءات الإرهابية. وأضاف أنه ومع تآكل التماسك المجتمعي بشكل بارز خلال السنوات الثلاث أو الخمس الماضية، ظهرت أخطار اقتصادية بما في ذلك فقاعات الأصول وعدم استقرار الأسعار وصدمات السلع وأزمات الديون، تليها الأخطار الجيوسياسية، بما في ذلك العلاقات بين الدول والصراعات وجغرافيا الموارد، والأخطار البيئية مثل التنوع البيولوجي وأزمات الموارد الطبيعية، وفشل العمل المناخي إلى جانب أسلحة الدمار الشامل والآثار السلبية للتكنولوجيا وانهيار الدول أو المؤسسات المتعددة الأطراف.
شبكات الأمان والهياكل الاقتصادية
تقرير الأخطار العالمية في نسخته الـ 16 تحدث عن شبكات الأمان والهياكل الاقتصادية، وتساءل عما إذا كان يمكن تضييق الفجوات الاقتصادية القائمة، مشيراً إلى أن الأمر يتوقف عند الخطوات المتخذة في مواجهة تفشي الوباء من أجل إعادة البناء نحو مستقبل شامل، محذراً من أن التقاعس لإرساء المساواة الاقتصادية وردم الانقسام المجتمعي إلى جانب إجراءات المماطلة في شأن تغير المناخ "لا تزال وجودية وتشكل تهديداً للبشرية".
وأضاف أن تزايد التشرذم المجتمعي يتجلى من خلال الأخطار المستمرة والناشئة على الإنسانية، التي تشمل الصحة وارتفاع معدلات البطالة واتساع النطاق الرقمي والانقسامات وخيبة الأمل لدى الشباب، التي يمكن أن تكون شديدة العواقب في عصر الاقتصاد المركب. أضف إلى ذلك الأخطار البيئية والجيوسياسية والتكنولوجية المتمثلة في الفجوة بين "من يملكون ومن لا يملكون". وحذر التقرير من توسع هذه الفجوة أكثر فأكثر إذا ما بقيت قدرة الوصول إلى التكنولوجيا في العالم متباينة.
وفي ما يتعلق بالأعمال التجارية والاقتصادية والتكنولوجية، دعا التقرير حكومات العالم إلى ضرورة الموازنة بين إدارة الوباء والانكماش الاقتصادي، وفي الوقت ذاته خلق فرص جديدة تعتبر أساسية لتماسك المجتمعات والسكان، لافتاً إلى مغبة تجاهل الاعتبارات البيئية التي قال إنها "تشكّل أخطاراً طويلة الأجل"، إذا لم يجر التصدي لها على المدى القصير، ومشيراً إلى أن تقاطع التدهور البيئي مع التفكك المجتمعي قادر على "إحداث آثار دراماتيكية".