أثارت فتوى الأكاديمي المصري أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، بتحريم نبش القبور الفرعونية، واستخراج المومياوات منها وعرضها في المتاحف، جدلاً دينياً وأثرياً في مصر. خصوصاً أنها أذيعت على التلفزيون الرسمي للدولة.
وقال كريمة، الذي حلّ ضيفاً على أحد البرامج الحوارية بالتلفزيون المصري، إن "فتح قبور الفراعنة في الأصل ممنوع". مشدداً على أنه "محظور استخراج جثامين أجدادنا الفراعنة وعرضها في فاترينات مقابل حصد الدولارات من زوارها". وهو ما ردّ عليه أزهريون وأثريون في حديثهم إلى "اندبندنت عربية" في التقرير التالي.
اضبطوا الفتاوى
وصف زاهي حواس، متخصص الآثار المصري، فتوى كريمة بـ"الصادمة وغير الموفقة"، قائلاً "خالفت اعتدال ومرونة الشريعة الإسلامية التي تحث على البحث العلمي والاستكشاف، والتدبر لأخذ العبر من تاريخ الأمم السالفة".
وأضاف، "لم يستند كريمة إلى دليل مقنع، خصوصاً أن عرض المومياوات في المتاحف لا يتضمن أي إثارة أو إهانة لهم، كما أنها إحدى نوافذ جذب السياحة الأجنبية إلى مصر، لخلق الاستثمارات، بالتالي تشغيل الشباب ومواجهة البطالة".
وطالب حواس بضرورة "انضباط الفتاوى في ما يخص الآثار"، لأن الأمر يتعلق بسمعة قطاع مهم. وأردف، "كنت آمل توجيه فتوى بتحريم التنقيب الشعبي غير القانوني عن الآثار، فهؤلاء يستندون إلى أحكام فقهية قديمة عفاها الزمن" بحسب حواس.
ناقشوا الغيبيات
أما وسيم السيسي، عالم المصريات، فتساءل، "ما الذي يدفع رجل دين إلى الحديث عن الآثار المصرية والمقابر الفرعونية؟"، مجيباً "من الأَولى أن يناقشوا الغيبيات بدلاً من تصدير الفتاوى من دون دراية عن الموجودات".
وأضاف، "الحضارة الفرعونية بأسرارها ما زالت تبهر الإنسانية، ودراسة التاريخ من مقاصد الأديان كافة، كما أن استخراج المومياوات وتفحصها هدف نبيل لكل دارسي التاريخ والحضارة، ولن نصل لهذه الغاية إلا عبر فتح المقابر".
أمر مستحب
وفقهياً، قالت فتحية الحنفي، أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، إن عرض المومياوات في المتاحف والتنقيب عنها من قِبل وزارة الآثار "أمر مندوب". موضحة "هو أحد أبواب البحث العلمي للحضارة المصرية القديمة التي ما زالت تشغل العالم، والدراسة أمر محمود بغرض العلم وأخذ العبرة من الأمم السابقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت "عرض المومياوات في المتاحف لا توجد فيه مخالفة شرعية، خصوصاً أنها لا تُظهر عورات جثث الموتى". ودعت الحنفي إلى تدبر قوله تعالى (أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم)، لافتة إلى أن "الله أمر بالتدبّر في آثار من كانوا قبلنا". مؤكدة أن الفتوحات الإسلامية "حافظت على التراث والموروثات الحضارية"، كما هي الحال في مصر والعراق والأندلس والمغرب.
انطباع سيء
شعبياً، ومن داخل معبد الكرنك بمدينة الأقصر جنوب مصر. يقول أحمد البدري، مرشد سياحي، إن "الفتوى مزعجة". مضيفاً "تواصل معي كثير من أصدقائي السياح، متسائلين حول حقيقة الأمر". معرباً عن استيائه من إذاعتها "عبر التلفزيون الرسمي للدولة".
أما سيمون بلزوني، إيطالية مقيمة في مدينة الأقصر، فطالبت بـ"ضرورة انتقاء" من يتحدثون عن الحضارة الفرعونية، مشيرة إلى أن مثل هذه الفتاوى ترسم انطباعاً سيئاً عن القطاع السياحي والأثري في مصر، خصوصاً مع انتشار هوس الإسلاموفوبيا.
وناشد عبد الرحيم حسين، شاعر، دار الإفتاء المصرية، الرد على هذه "الفتوى المنحرفة" على حد وصفه. لأنها "تسيء إلى الصورة الثقافية المصرية"، خصوصاً أنها أذيعت "عبر نافذة رسمية".