بمشرط طبيب جراح تحفر سهى حسين على قطع من خام السيراميك مخصصة للزينة، مستغلة هواية أخذتها عن شقيقها، لتصبح مصدراً لدخلها بعد فقدانها عملها في مجال الإعلام قبل سنتين.
لم تطق سهى البقاء في المنزل بعد تركها عملها الرئيس، والتحقت بالصناعة التي أجادها شقيقها والتي خبرتها قبل ذلك بسنوات.
بعد فترة طويلة من العمل في المجال الإعلامي والإدارة، لجأت سهى إلى الحفر على السيراميك في مشغل خاص بشقيقها قبل انتقالها إلى العمل في حديقة منزلها بسبب الإغلاق المصاحب لإجراءات الحد من وباء كورونا.
وهي تعتزم تعميم تجربتها بتنظيم ورشات عمل للراغبين في التدرب على هذا النوع من الفنون ولطلاب كليات الفنون الجميلة.
في حديقة منزلها، تمارس سهى هوايتها التي تحولت إلى حرفة تعتاش منها، طامحة إلى تطويرها وتوسيعها.
شهر لإنجاز عملية صناعة القوالب
بعد صناعة قوالب من الجبص بخاصة بالقطع التي تستخدم "كنجف وزينة للشمع"، تصب سهى السيراميك في تلك القوالب قبل نحت أشكال ورسومات مرنة عليها باستخدام مشرط الأطباء.
تستمر العملية ساعات، ثم تضع سهى تلك القطع في الفرن بدرجة حرارة تصل إلى الـ1000 لساعات مرة واحدة إن كانت دون طلاء زجاجي ومرتين بعد طلائها.
وتحتاج صناعة القوالب إلى شهر حتى تجفّ نهائياً، وبعدها تصبّ السيراميك فيه لتشكيل قطع فنية تستخدم للزينة بالاعتماد على انعكاس ضوء الإنارة التي توضع داخلها.
لكن بعضها، يحتاج إلى طلاء بالألوان باستخدام "إبرة للحقن"، بعد تزويدها بالدهان المناسب في عملية تحتاج إلى الكثير من الدقة والصبر والتركيز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"جيش البطالة"
سهى قالت، إبنها تشعر "بالسعادة والراحة النفسية" في عملها بقطع السيراميك والحفر عليها، مضيفة أنها لا تطيق البقاء في المنزل من دون عمل، داعية الشبان والشابات إلى ضرورة البحث عن أي حرفة تحقق السعادة لهم والرضا الذاتي وتكون مصدراً لرزقهم.
وتطمح سهى بتوسيع عملها وإقامة مشغل خاص للتصدير إلى خارج فلسطين، قائلة إنها تشتكي من قلة التسويق في الوقت الحالي.
وتبيع الطالبة الجامعية قطعها عبر الإنترنت بأسعار مخفّضة مقارنة بالصناعات اليدوية التي تأخذ الكثير من الوقت والجهد.
يصل عدد الخريجين الجامعيين الفلسطينيين إلى أكثر من 35 ألفاً سنوياً، يستوعب القطاعان العام والخاص حوالى 4000 وينضم الباقون إلى "جيش البطالة" الذي يكبر سنة تلو الأخرى.
حالات مشابهة
لم تكن حالة أنس أبو أسنينة، ببعيدة عن سهى، فبعد تخرجه من كلية الهندسة الإلكترونية قبل خمس سنوات، لجأ إلى العمل في مشغل لصناعة نوافذ الألمنيوم والحديد.
وقال أنس، إنه رفض عرضاً كمراقب على الآلات مقابل أقل من 400 دولار شهرياً كأي عامل آخر، مضيفاً أن الحرفي يتقاضى أكثر من ثلاثة أضعاف ذلك المبلغ.
وبعد خمس سنوات قضاها علاء الأطرش في دراسة الهندسة الزراعية في جامعة الخليل، اضطر إلى العمل في تجارة الأحذية، بعد تعذّره طيلة أكثر من عشر سنوات في إيجاد وظيفة وفق تخصصه.
وقال علاء، إنه يشعر بالحسرة والألم والضياع من وضعه الحالي، لهدر خمس سنوات جامعية مع مصاريفها من دون أن يعمل فيها.