أكدت منظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية في تقريرها للعام 2019 أن حرية الصحافة واصلت تراجعها في عدد من الدول، محذرة من أن "الكراهية للصحافيين تحولت إلى عنف".
وقالت المنظمة إن 24% فقط من 180 بلدا ومنطقة تمت دراستها تبدو في وضع "جيد" أو "أقرب إلى الجيد" لحرية الصحافة، مقابل 26% في 2018.
وأضافت "مراسلون بلا حدود" في بيان أنه العداء للصحافيين إن لم تكن الكراهية "التي يكنها لهم قادة سياسيون في عدد من دول العالم، في نهاية الأمر إلى تحول ذلك إلى أفعال أكثر خطورة وشيوعا".
تزايد المخاطر
وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى "تزايد المخاطر وهذا يسبب مستوى غير مسبوق من الخوف في بعض الأماكن" بين الصحافيين، موضحة أن المضايقات والتهديدات بالقتل والاعتقالات التعسفية تصبح أكثر فأكثر جزءا من "مخاطر المهنة".
وأشار التقرير إلى أنه "بينما انخفض بشكل طفيف عدد الصحافيين القتلى في سورية خلال عام 2018، فإن ممارسة العمل الصحافي لا تزال خطيرة للغاية في بعض البلدان، مثل اليمن. فإلى جانب الحروب والأزمات العميقة، كما هو الحال في ليبيا، يئن الفاعلون الإعلاميون في المنطقة أيضًا تحت وطأة الاعتقالات التعسفية وعقوبات السجن".
وذكر أن إيران لا تزال من أكبر سجون الصحافيين على الصعيد العالمي، وأن عشرات آخرين قابعين خلف القضبان في كل من السعودية ومصر والبحرين دون أن تُوجَّه لهم تهم رسمية يُحاكَمون بها. وعندما يمثلون أمام القضاء، كما هو الحال في المغرب، فإنهم يواجهون إجراءات ماراثونية لا نهاية لها. وفي مقابل هذه الصورة القاتمة، تبقى تونس هي الاستثناء حيث سجلت انخفاضًا ملحوظًا في عدد الانتهاكات.
وفي الولايات المتحدة التي تحتل المرتبة الثامنة والأربعين في حرية الصحافة (تراجعت ثلاث درجات) يسود جو أكثر عداء.
وقالت المنظمة "لم يحدث يوما أن تلقى الصحافيون الأميركيون هذا العدد من التهديدات بالقتل"، كما لم يحدث من قبل أن "طلب من شركات خاصة ضمان أمنهم إلى هذه الدرجة".
وفي يونيو (حزيران) الماضي قتل أربعة صحافيين وموظفة يعملون جميعا في صحيفة "كابيتال غازيت" بولاية ميريلاند في إطلاق نار.
وفي البرازيل (المرتبة 105 تراجعت ثلاث مراتب)، "تنذر" الحملة الرئاسية التي تخللها "خطاب كراهية" وتضليل "بمرحلة قاتمة للديموقراطية وحرية الصحافة"، حسب المنظمة.
النموذج الصيني يثير القلق
وفي آخر اللائحة، تأتي تركمانستان لتحل محل كوريا الشمالية. وقالت "مراسلون بلا حدود" إن معظم وسائل الإعلام فيها تسيطر عليها الدولة بينما تتم "مطاردة" آخر المراسلين السريين لوسائل إعلام في المنفى "بلا هوادة".
وفي فيتنام كما في الصين، تسيطر الصحافة الرسمية على النقاشات العامة ويقبع عشرات الصحافيين المحترفين وغير المحترفين في السجون.
وأضافت المنظمة أن "النموذج المضاد" الصيني الذي "يعتمد على مراقبة وتلاعب مؤذ بالمعلومات بفضل التقنيات الجديدة يثير قلقا من قيام بكين بالترويج لنموذجها القمعي خارج حدودها".
وحذر الأمين العام للمنظمة كريستوف ديلوار من أن "عدد الدول-المختبرات لمراقبة الأخبار يزداد". وأضاف أن "الوضع ملح. نحتاج إلى إنعاش النماذج الديموقراطية، وإلا ستزدهر هذه النماذج المضادة وتتكاثر".
وعبرت "مراسلون بلا حدود" عن أسفها لأنه في أماكن أخرى، "تضعف مقاومة" تعددية الصحافة "أمام منطق الاحتكار التجاري والمصالح الاقتصادية"، كما في اليابان (المرتبة 67) واستراليا (21، في تراجع مرتبتين).
وفي أوروبا سجل الوضع تراجعا كبيرا.
وكتبت المنظمة أنه في هذه المنطقة التي تعد الأكثر أمانا من حيث المبدأ، "يواجه الصحافيون أسوأ التهديدات اليوم"، مشيرة إلى قتل صحافيين في مالطا وسلوفاكيا وبلغاريا وهجمات كلامية في صربيا أو مونتينيغرو، أو مستوى غير مسبوق من العنف خلال تظاهرات "السترات الصفراء" من قبل رجال الشرطة والمتظاهرين على حد سواء، في فرنسا (المرتبة 32، تراجعت مرتبة واحدة).
النرويج الأولى وفنلندا الثانية
ومع ذلك ما زالت بعض الدول رائدة في حرية الصحافة، مثل النرويج التي بقيت في المرتبة الأولى، وفنلندا (الثانية) وكوستاريكا (العاشرة) التي تعد حالة متميزة في القارة الأميركية، يمكن للصحافيين فيها العمل بحرية.
وتغير الوضع في بعض الدول بسبب تغييرات في النظام.
ففي ماليزيا (122، تقدمت 22 مرتبة) والمالديف (98، +22) واثيوبيا (110، +40) أو غامبيا (92، +30)، أنعش وصول حكام جدد الصحافة.
وقال ديلوار إن "الدفاع عن حرية ومصداقية الخبر يجب أن يصبح رهانا أكبر للمواطنين، أيا كان موقفهم من الصحافيين وأيا تكن الانتقادات".
وتعد "مراسلون بلا حدود" هذا التصنيف السنوي بعد متابعة أعمال العنف التي ترتكب ضد الصحافيين وعبر جمع تحليلات الصحافيين والحقوقيين والباحثين في جميع أنحاء العالم.
وتجري المنظمة تقييما في كل منطقة لتعددية وسائل الإعلام واستقلاليتها وبيئتها والرقابة الذاتية والإطار القانوني والشفافية ونوعية البنى التحتية التي تدعم انتاج الأخبار.