على وقع ارتفاع كبير لمعدل البطالة وزيادة نسب الفقر، عبر الأردنيون عن استيائهم وغضبهم من الأنباء التي تتحدث عن تقاضي مسؤولين أردنيين رواتب شهرية وصفت بـ"الخيالية" في بلد مثقل بالمديونية ويفتقر إلى الموارد، ويعتمد على المنح والمساعدات الخارجية ويعاني من ضائقة اقتصادية كبيرة.
ففي الوقت الذي تطالب فيه الحكومة الأردنية المواطنين بـ"شد الأحزمة"، كشف نواب في البرلمان عن تلقي مسؤولين في مواقع مختلفة رواتب وامتيازات وصفت بـ"الفلكية" زاد بعضها على 40 ألف دولار شهرياً، مطالبين بالتحقيق في هذه الأرقام التي لا تتلاءم مع قرارات حكومية سابقة بوقف العلاوات والزيادات على رواتب الموظفين في 2020 بسبب جائحة كورونا.
استجوابات نيابية
وكان النائب محمد الفايز أول من وجه استجواباً لحكومة بشر الخصاونة مستفسراً عن تجاوزات خطيرة تمثلت بمنح بعض المسؤولين رواتب وامتيازات وحوافز مرتفعة جداً لا يتقاضاها مسؤولون في دول غربية ونفطية، واصفاً ما يحدث بالهدر المالي.
وتساءل الفايز عن المؤهلات والمبررات التي منحت بموجبها الحكومة مخصصات مالية وامتيازات كبيرة لرئيس وأعضاء هيئة الطاقة الذرية، المتهمة منذ سنوات بعدم جدواها الاقتصادية والمالية.
من جهته، نفى رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية خالد طوقان الأنباء التي تتحدث عن تلقيه 38 ألف دولار شهرياً ووصفها بـ"الشائعات"، وأضاف أن راتبه لا يزيد على سبعة آلاف دولار، فيما رد ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أن هذا الرقم لا يشمل الامتيازات والعلاوات الأخرى.
حكومة موازية
ويشكو مراقبون ونواب منذ سنوات من غياب الرقابة المالية على المخصصات المالية والرواتب للهيئات المستقلة، والتي يحلو لكثيرين وصفها بأنها حكومة موازية وبميزانية ضخمة ورواتب مرتفعة جداً، إلى درجة أن يتقاضى رئيس إحدى هذه الهيئات راتباً شهرياً يفوق ما يتقاضاه رئيس الحكومة الأردنية.
وقبل أسابيع تفجرت قضية تلقي نجل رئيس وزراء أردني سابق راتباً يُقدر بنحو ستة آلاف دولار بعد تعيينه في رئاسة الوزراء بشكل غير قانوني، وفق نواب في البرلمان الأردني ونشطاء أردنيين على وسائل التواصل الاجتماعي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ توالت الأنباء والتسريبات عن تعيينات مماثلة لأبناء مسؤولين أو مقربين منهم في وظائف مهمة وبرواتب وامتيازات كبيرة.
"جيش المستشارين"
ولم تكد عاصفة "الرواتب الفلكية" تهدأ حتى تفجرت قضية الراتب الكبير الذي يتقاضاه الرئيس التنفيذي لشركة مصفاة البترول الأردنية، والذي يبلغ نحو 38 ألف دولار شهرياً، بعد أن كان يتقاضى راتباً لا يزيد على ثمانية آلاف دولار شهرياً، لقاء إدارته لشركة حكومية زادت خسائرها في السنوات الأخيرة عن 43 مليون دولار، وفقاً للمستشار الاقتصادي السابق في الديوان الملكي محمد الرواشدة.
الرواشدة تحدث أيضاً عن ظاهرة سماها "جيش المستشارين" في الوزارات والمؤسسات الحكومية كافة كأحد أوجه البذخ، والذين تُصرف لهم رواتب مرتفعة جداً.
ورد الرئيس التنفيذي لمصفاة البترول الأردنية عبد الكريم العلاوين بأن مستوى الرواتب في قطاع الطاقة عموماً أقل بكثير من شركات أخرى، رافضاً التعليق على الأمر أو كشف قيمة راتبه.
"تحاسد طبقي"
ويرى الكاتب والصحافي ماهر أبو طير أن الحملات ضد رواتب بعض المسؤولين الأردنيين تكون شخصية أحياناً وغير محايدة، ويضيف أن المشكلة الفعلية ليست في الراتب، بل في الإنفاق على بعض المشاريع من دون وجود أي جدوى يلمسها الناس.
ويعتقد أن كلفة بعض المشاريع مبالغ فيها، خصوصاً في القطاع العام والمؤسسات المستقلة التي يحصل فيها رؤساء مجالس الإدارة، وأعضاء المجالس على مبالغ مالية عالية على الرغم من خسارة أغلب هذه الشركات.
و"خشية من استدراج الرأي العام في الأردن نحو التحاسد الطبقي والكراهية والانتقائية" يطالب أبو طير بـ"تخفيض الرواتب لا سيما موظفي الفئات العلي".
ويبلغ الحد الأدنى للأجور في الأردن 366 دولاراً فقط، فيما تشير تقديرات غير رسمية إلى أن متوسط الأجور في البلاد يبلغ 800 دولار، وتظهر الأرقام أن نحو 14 في المئة من الأردنيين يتقاضون رواتب أقل من الحد الأدنى للأجور.