بعد الخلاف بين لندن وبروكسل حول إمدادات لقاح فيروس كورونا، لا سيما لقاح شركة "أسترازينيكا"، رأى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن على المملكة المتحدة توضيح طبيعة العلاقة التي تريدها مع الاتحاد الأوروبي بعد الانفصال، وذلك في تصريحات نقلتها صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، السبت 30 يناير (كانون الثاني)، مشدداً على "المصير المشترك" الذي يجمع لندن بالأوروبيين.
وقال الرئيس الفرنسي، الجمعة، في مقابلة مع عشرات من مراسلي الصحف الأجنبية، أرسل الإليزيه نصها لوكالة الصحافة الفرنسية "ما السياسة التي ترغب (بريطانيا) باختيارها؟ لا يمكن لها أن تكون الحليف الأفضل للولايات المتحدة والحليف الأفضل للاتحاد الأوروبي، وأن تكون سنغافورة الجديدة (...)، عليها إذاً اختيار نموذج".
وأضاف "إذا ما قررت اتباع سياسة عابرة للأطلسي بشكل كامل، ستكون أمام لحظات توضيحية قوية جداً، لأنها ستتبع قواعد مختلفة، بالتالي فإن وصولها إلى الأسواق سيكون مختلفاً. وإذا ما قررت أن تكون سنغافورة الجديدة (...) لا أعلم، لست أنا من يقرر مصير هذا البلد".
المصير المشترك
وقال ماكرون "آمل أن تكون لدينا علاقات هادئة وبناءة، لأنني أؤمن بعمق بأن لدينا مصيراً مشتركاً، وأن مفكرينا مرتبطون، وأننا نفكر معاً بالعالم على الرغم من اختلافاتنا، ولباحثينا مصير مشترك، وصناعيونا يعملون معاً".
وأوضح "أنا أؤمن بالسيادة القارية، وأؤمن بالدولة الأمة، لكن لا أؤمن بالقومية الجديدة"، مكرراً موقفه بأن "بريكست" بنظره كان "خطأً" جرى التصويت عليه "على أساس العديد من الأكاذيب".
واعتبر الرئيس الفرنسي أنه "على الرغم من كل شيء، ستصبح الأمور أصعب في كثير من المواضيع"، لكن على الرغم من ذلك، يجمع البريطانيين والفرنسيين والأوروبيين الآخرين "مصير متداخل، لأن التاريخ والجغرافيا لا يتغيران، ولذلك لا أعتقد على الإطلاق أنه يمكن أن يكون للبريطانيين مصير مختلف".
وخلص إلى القول "آمل في أن يتخذ (رئيس الوزراء البريطاني) بوريس جونسون ومن يعملون معه هذا السبيل، وأؤمن بعمق أن الشعب البريطاني يسير على هذه الطريق".
ترحيب بريطاني بـ"التراجع" الأوروبي عن "الخطأ"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي سياق متّصل، قال وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني، مايكل غوف، إن الاتحاد الأوروبي أدرك أنه ارتكب خطأً بمحاولة قصيرة الأمد لتقييد بعض صادرات لقاحات كوفيد-19 استناداً إلى بند للطوارئ متعلّق بخروج بريطانيا من التكتل.
وفي غضون ساعات يوم الجمعة، تراجع الاتحاد الأوروبي عن تفعيل المادة 16 من البروتوكول الخاص بإيرلندا الشمالية من اتفاق "بريكست"، ووقف العبور الحر للقاحات عبر الحدود الإيرلندية، بعد أن أحدث هذا الإجراء موجات من الصدمة بأنحاء إيرلندا الشمالية وفي لندن ودبلن.
وقال غوف لشبكة "سكاي نيوز"، "لقد أدركوا أنهم ارتكبوا خطأً وأعتقد أنه يمكننا الآن التركيز على التأكّد من أن برنامج اللقاحات لدينا ناجح"، مضيفاً أنه تحدّث إلى نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش واتفق كلاهما على الحاجة إلى إعادة تنظيم العلاقات.
"أمر مشين"
وبعدما بات نقطة خلاف دبلوماسي في شأن لقاحات فيروس كورونا، حضّت الوزيرة الأولى في حكومة إيرلندا الشمالية، أرلين فوستر، السبت، بريطانيا على إزالة البند 16 من اتفاق "بريكست" مع الاتحاد الأوروبي.
وقالت فوستر لإذاعة "بي بي سي": "البروتوكول لا يمكن العمل به، لنكن واضحين، ويجب أن يتم استبداله لأنه بخلاف ذلك ستكون هناك صعوبات حقيقية هنا في إيرلندا الشمالية".
وكثيراً ما انتقدت زعيمة الحزب الوحدوي الديمقراطي المؤيد لـ"بريكست"، البند الذي يسمح لإيرلندا الشمالية بتطبيق قواعد الجمارك في الاتحاد الأوروبي، وتجنب حدود فعلية على جزيرة إيرلندا.
وأضافت الوزيرة الأولى "الأمر مشين... وعلى رئيس الوزراء أن يتحرك بسرعة لمعالجة مسألة تدفق التجارة الحقيقي الذي تتم عرقلته بين بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية".
الخلاف حول لقاح "أسترازينيكا"
وكاد خلاف حاد حول نقص إمدادات لقاح "كوفيد-19"، الذي تطوره شركة "أسترازينيكا" البريطانية السويدية بالتعاون مع جامعة أكسفورد، أن يتفاقم الجمعة بعد أسابيع قليلة على توصل لندن وبروكسل إلى اتفاق تجاري حول "بريكست"، لكن الكتلة الأوروبية تراجعت عن تفعيل المادة التي من شأنها مراقبة، وأحياناً منع، صادرات اللقاحات المنتجة في مصانع في الاتحاد الأوروبي.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في بيان، إن "المفوضية ستضمن ألا يتأثر بروتوكول إيرلندا/ إيرلندا الشمالية".
وكان جونسون عبر لفون دير لاين عن "قلقه البالغ في شأن التداعيات المحتملة" لقرار الاتحاد.
حظر صادرات اللقاح
وقال ميشال بارنييه، كبير المفاوضين الأوروبيين في ملف "بريكست"، لصحيفة الـ"تايمز"، إن على بروكسل أن تنسحب من الخلاف المتصاعد في شأن اللقاحات.
وأضاف "نواجه أزمة استثنائية خطيرة تخلق كثيراً من المعاناة التي تتسبب في عديد من الوفيات بالمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وفي كل مكان. علينا أن نواجه هذه الأزمة بمسؤولية، وبالتأكيد ليس بفوقية أو منافسة غير صحية".
ولا يزال الاتحاد الأوروبي يعتزم المضي بحظر أوسع نطاقاً لصادرات اللقاح، والذي يمكن أن يؤثر في إمدادات لقاح "فايزر- بيونتيك" في بريطانيا.