Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طالبان على وشك الاستيلاء على معقلها السابق والقوات الأفغانية مفلسة

يتدهور الوضع الأمني في قندهار بسرعة خلال مفاوضات السلام المتواصلة. يتحدث تشارلي فولكنر مع الذين يستميتون في محاولة صد تقدم الميليشيات على الرغم من ضعف المعنويات

بعض الجنود الأفغان لم يتقاضوا رواتبهم منذ ثمانية أشهر (غيتي)

حين التحق بلال، 24 سنة، بالقوات الأفغانية منذ ست سنوات، كانت دوافعه أبعد من قبض راتب شهري- فقد أراد أن يخدم وطنه. ومن دواعي السخرية أن هذا الالتزام أُخضع أخيراً لامتحان قاسٍ بسبب التأخير في قبض راتبه لأشهر طويلة على الرغم من تفاقم العنف في قندهار.

ويقول وهو واقف على سطح مركز للشرطة في مقاطعة زاري في قندهار تحوّل إلى خط مواجهة أمامي بعد سقوط عدة نقاط تفتيش تابعة للشرطة على مقربة منه: "لم أتقاضَ راتبي منذ ثمانية أشهر، لكن إن لم أقاتل، فمن سيفعل، من سيحارب لأجل بلدي"؟ ذلك الصباح، أُطلقت 15 قذيفة هاون 950 ملماً من السطح نفسه باتجاه مناطق سيطرة الطالبان الواقعة خلف صفّ منازل باتت مهجورة مقابل المركز مباشرة. 

تتمركز في هذا الموقع قوات الشرطة وجنود الجيش الوطني الأفغاني- وقد مضى على انتشارها لمحاربة طالبان شهر كامل مع أن المناوشات غالباً ما تستمر 72 ساعة كحدٍّ أقصى قبل أن يعود الرجال إلى قواعدهم. قُتل نحو 40 رجلاً في هذه الوحدة فقط في التصعيد الأخير للقتال، على الرغم من أن المفاوضات مستمرة حول تشارك السلطة بين طالبان والحكومة الأفغانية في الدوحة حيث انطلقت في سبتمبر (أيلول).

بلال، الذي لا يفصح سوى عن اسمه الأول، مخطوب ويحتاج لكسب المال من أجل تمويل زفافه، إضافة إلى أنه يتحدر من عائلة تعتمد على الدعم المالي الذي يوفّره لها. وهو واحد من بين آلاف الشرطيين الذين يخاطرون بحياتهم في مقاطعة قندهار، وقد حُرموا من رواتبهم لفترات طويلة من الزمن. ونتيجةً لذلك، هجر العديد منهم مواقعهم - وهو أمر تمكنت حركة طالبان من استغلاله.

وبينما يجلس عناصر الشرطة معاً لتناول الغداء، يصلهم عبر جهاز اللاسلكي تقرير عن وقوع انفجار على بُعد 5 كيلومترات داخل قاعدة عسكرية في مقاطعة بانجواي المجاورة. كانت طالبان قد حفرت نفقاً وفجّرت مواد ناسفة ضمن محيط القاعدة وقتلت أربعة عناصر من القوات الأمنية.

تركّز النزاع في المحافظة على مناطق أرغنداب وزاري وبانجواي، حيث تسعى القوات الأفغانية إلى الثبات في مواقعها والتمسك بها. وقد شكّل الدعم الأميركي الجوي سنداً حيوياً في معركة الحكومة.

ويقول رئيس الشرطة النقيب معصوم خان لـ"اندبندنت" من موقعه في زاري: "لم يقبض عدة مئات من رجالي رواتبهم منذ أشهر- بعضهم منذ ستة أشهر".

"إن رجال الشرطة يتحدرون من هذه القرى وقد حاربوا هنا طيلة سنوات. هم مضطرون إلى الاستمرار بالقتال وإلا يلقون حتفهم، لكن هذا لا يعني أننا لم نخسر رجالاً سئموا من عدم تلقي رواتبهم".

وهو يلقي بمسؤولية عدم دفع الرواتب على عاتق فساد الإدارة بأعلى مستوياتها.

ويقول النقيب خان: "هذه بلادنا ومحافظتنا وقريتنا، وعلينا حمايتها. إن لم نفعل ذلك، فلن يفعله أي أحد آخر. لا نمانع هذا العمل لكننا نتوقّع من الحكومة أن تزوّدنا بالأسلحة المناسبة، كما نتوقع انتشار عدد كافٍ من القوات وأن تتلقّى هذه القوات رواتبها وتحصل على الدعم".

"قبل تشكيل الحكومة الجديدة (بعد الاجتياح الأميركي في عام 2001) نتذكر أن حقوق الإنسان كانت معدومة. لم يكن باستطاعة النساء الخروج من المنزل مثلاً. فيما بتنا الآن نرى الإناث يعملن في سلك الشرطة وفي القوات الأمنية والبرلمان- كل هذا سيضيع إن لم نقاتل".

ويقول إنه شهد تدهوراً كبيراً في الوضع الأمني في المنطقة خلال الأشهر الماضية ويعتقد بأن انسحاب القوات الأميركية سوف يفاقم هذا الوضع. 

ويرى: "أن الوضع غير مستقر بما يكفي لكي تغادر القوات الأميركية البلاد. عندما تنتهي مفاوضات السلام وتُحلّ المشكلة، عندها يمكنها مغادرة أفغانستان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أثناء إجراء الحوار مع النقيب خان، كان نصف منطقة زاري تقريباً يقع تحت سيطرة الحكومة. بعد مرور أيام عدة، أي بحلول منتصف يناير (كانون الثاني) كانت طالبان قد تقدّمت حتى مسافة كيلومتر واحد من مركز المقاطعة.

ويقر النائب العام الذي عُيّن أخيراً في قندهار، فريد أحمد مشعل، بأن عدم دفع رواتب ضبّاط الشرطة قد أضعف جهود القوات الأمنية في المقاطعة. ويقول "إن تناقص أعداد عناصر الشرطة بسبب هذه المسألة هو لا شك نقطة ضعف استغلّتها طالبان".

"لسوء الحظ، وقعت مشكلة تتعلق بالعملية الإدارية في هذه المسألة، لكننا نعمل على حلّ المشكلة بأسرع وقت ممكن".

في مقر الشرطة في بانجواي، يقول عناصر إن العديد من زملائهم تركوا وظائفهم بسبب عدم تلقيهم الرواتب. كما يقرّون بأن انسحاب القوات الأميركية قد أضعف الروح المعنوية، لكن كثيرين يقولون مع ذلك بأنهم يثقون بقدرتهم على القتال. وقد سقط 60 في المئة من بانجواي تقريباً في يد طالبان.

تعرّض عدد من الرجال للتشويه خلال القتال. يكشف أحد الرجال عن يد متورّمة أصيبت بحرق بالغ في انفجار عبوة ناسفة؛ فيما يشرح آخر- هو حياة الله البالغ من العمر 22 سنة- أن ذراعه اليمنى قد أصيبت إصابة بالغة منذ ثلاثة أشهر.

ويقول فيما تتدلّى ذراعه بطريقة غريبة في حضنه، وتغطي سترته كتفه بسبب جهاز التثبيت المعدني الذي يبقي عظمته الناتئة في مكانها: "كنت في برج المراقبة حين هاجمت طالبان نقطة التفتيش. أصبت بطلق في ذراعي. أدركت ذلك لكنني واصلت القتال أكثر من ساعة. ثم تلقيت رصاصة أخرى في الذراع نفسها". وكان شقيق حياة الله أحد الرجال الثلاثة الذين قُتلوا في الهجوم نفسه.

ويقول حياة الله الذي لا يفصح سوى عن اسمه الأول: "قُتل أربعة أفراد من عائلتي خلال السنوات الثلاث الماضية. لا يمكنني العودة إلى قريتي خشية أن أكون مستهدفاً".

يستلقي عزيز الله على سرير مستشفى، ويتنفّس بصعوبة، فيما يتعافى من جرح أصيب به جراء تعرضه لإطلاق النار في مستشفى ميرويس الإقليمي. 

كان الرجل البالغ من العمر 41 سنة عضواً في القوات الخاصة طيلة 13 عاماً، حيث عمل إلى جانب القوات الأجنبية قبل أن يأخذ استراحة منذ 10 أشهر. وهو يعتقد بأن طالبان استهدفته لهذا السبب.

ويقول والد خمسة أطفال "كنت جالساً خارج متجر في أرغانداب، أحتسي الشاي مع أصدقائي بعد الظهر حين سمعت دوي طلقة رصاص. وقفت وشعرت بأنني أتعرض للصعق بالكهرباء. فور وقوفي انهرت وسقطت أرضاً".

"ليس لدي خيار سوى العودة إلى القوات الأمنية؛ لا وظائف متاحة ولا يمكنني أن أكون صاحب متجر أو سائق سيارة أجرة في كل الأحوال، لأن عملي يعني أنني سوف أكون دائماً مستهدفاً".

لم يجب الناطق باسم طالبان على طلب التعليق الذي أرسلته إليه "اندبندنت".

ويقول مشعل إن زيادة عدد الهجمات المحدّدة الأهداف مصدر قلق كبير، كما يشدّد على أن إزالة العبوات الناسفة التي تزرعها طالبان بعد استيلائهم على منطقة تشكل تحدياً يستغرق الكثير من الوقت. ويقول إن الحركة تستخدم منازل المدنيّين أملاً في تقليص احتمال استهداف مواقعها.

"كما نعلم أن الحركة تستغلّ خفض عديد القوات الأميركية كجزء من حملتها الدعائية التي تقول إنها هزمتها في أفغانستان مما أدى إلى زيادة نسبة التجنيد والانضمام إلى طالبان". 

ويتهم حركة طالبان بعدم احترام الجزء المعني بها في الاتفاق الذي وقعته مع الولايات المتحدة في فبراير (شباط) من العام الماضي.

وقال، مؤكداً أهمية الغارات الجوية الأميركية بالنسبة للقوات العسكرية الأفغانية، "لقد رفعت الحركة من مستوى القتال. نحن نقاتل طالبان في 10 من أصل 17 مقاطعة كل ليلة". "في غياب الدعم الجوي الأميركي، سوف ترجح كفة طالبان هنا".

*ساهم في التقرير عبد المتين أميري

© The Independent

المزيد من متابعات