بدأ المشاركون في الحوار الليبي برعاية الأمم المتحدة في سويسرا، الاثنين، الأول من فبراير (شباط)، اجتماعاتهم لاختيار رئيس وزراء جديد وأعضاء مجلس رئاسي سيكلفون ضمان عملية الانتقال في بلادهم التي تمزقها الحرب، إلى حين حلول موعد الانتخابات المرتقبة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتستمر المفاوضات التي يشارك فيها 75 مندوباً ليبياً من الأطراف كافةً حتى الجمعة، ويتعين عليهم تعيين شخصيات في المناصب المذكورة من أصل لائحة مؤلفة من 45 مرشحاً، كشفت عنها بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا السبت الماضي.
وقالت الأمم المتحدة إن المندوبين سيصوتون "على تشكيل مجلس الرئاسة الذي سيتألف من ثلاثة أعضاء ورئيس للوزراء، يعاونه نائبان". وينبغي على هذا المجلس الانتقالي "إعادة توحيد مؤسسات الدولة وضمان الأمن" حتى انتخابات 24 ديسمبر.
إجراء الانتخابات "مهما كلّف الثمن"
وأكّدت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة الى ليبيا، ستيفاني وليامز، أن المشاركين في الحوار الليبي "ينبغي أن يفوا مهما كلّف الثمن" بوعدهم إجراء انتخابات في نهاية العام الحالي. وقالت، "لقد وضعتم علامةً لا تُمّحى على الجدول الزمني هي إجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر من هذا العام. ووافق على هذا القرار الغالبية العظمى من مواطنيكم وهو تعهّد ينبغي احترامه مهما كلّف الثمن".
وعلى الرغم من تعيين السلوفاكي يان كوبيش مبعوثاً جديداً إلى ليبيا أخيراً، فإن ويليامز لا تزال ترأس المفاوضات الليبية الشاقة.
وكانت وليامز تتوجّه في كلمتها إلى المندوبين الليبيين الذين وضعوا الكمامات وبدأوا اجتماعاتهم في قاعة مؤتمرات كبيرة بغية احترام التباعد الاجتماعي، بعد الاستماع إلى النشيد الوطني الليبي.
وأضافت وليامز في القاعة التي بقي موقعها المحدّد سرياً، "الشعب الليبي يدعمكم. يدعمونكم ويتمنون أن تنجحوا. يحتاجون إلى أن تنجحوا. لا تخيبوا أملهم".
ومن دون تأخير، بدأ كل مرشّح يقدّم نفسه عبر الفيديو ويردّ على الأسئلة لمدة لا تتجاوز 20 دقيقة، ولا تخلو من المقاطعات بسبب انقطاع الاتصال بالإنترنت.
الصراع الليبي
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وغرقت ليبيا في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي، إثر انتفاضة شعبية عام 2011. وتتنازع سلطتان الحكم: في الغرب حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج التي تتخذ طرابلس مقراً، وتعترف بها الأمم المتحدة، وتدعمها تركيا، وفي الشرق برلمان منتخب يدعم قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر المدعوم من روسيا.
وبعد فشل هجوم شنه الجيش الوطني الليبي في أبريل (نيسان) 2019 للسيطرة على طرابلس، إثر دعم تركي لحكومة الوفاق، توصل طرفا النزاع إلى اتفاق على هدنة دائمة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واستأنفا الحوار السياسي بدعم من الأمم المتحدة.
وأطلق الحوار الليبي في تونس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، لمحاولة إخراج البلاد من الأزمة. وفي هذا الوقت، سجل الإنتاج النفطي، القطاع الرئيس للاقتصاد الليبي، انتعاشاً كبيراً.
المرشحون لرئاسة الوزراء
ووافق المشاركون في الحوار على لائحة المرشحين للمجلس الرئاسي، التي تتضمن ثلاث نساء. ومن بين الأسماء المطروحة لمنصب رئيس الوزراء، فتحي باشا آغا، وزير الداخلية القوي في حكومة الوفاق الوطني، وهو يحظى باحترام كبير في معقله مدينة مصراتة الساحلية، حيث تنتشر مجموعات عسكرية قوية، وغالباً ما طرح اسمه بين الأسماء المحتملة لتولي منصب رئيس الوزراء خلفاً لفايز السراج، وتوصف العلاقة بين الرجلين بأنها صدامية.
أما أحمد معيتيق، رجل الأعمال الطموح المتحدر من مصراتة، والذي يشغل منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي بطرابلس، فهو مرشح أيضاً لمنصب رئيس الوزراء الانتقالي، في حين أن وزير الدفاع صلاح الدين النمروش مرشح لعضوية المجلس الرئاسي.
المرشحون للمجلس الرئاسي
من المرشحين للمجلس الرئاسي أيضاً، خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية، وأسامة الجويلي، أحد القادة الذين شاركوا في الانتفاضة ضد نظام القذافي عام 2011.
وفي 13 نوفمبر، توافق الأفرقاء الليبيون في ملتقى الحوار السياسي الذي عقدت أولى جولاته في تونس، على تحديد موعد للانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر 2021، لكنهم لم يتفقوا على آلية اختيار سلطة تنفيذية موحدة لضمان عملية الانتقال إلى حين حلول موعد الانتخابات. وفي 19 يناير (كانون الثاني)، توافق طرفا النزاع على هذه الآلية.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالتقدم المحرز في المفاوضات، مكرراً دعوته إلى انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة الموجودين في البلاد، والذين كان من المفترض أن يخرجوا في 23 يناير في أقصى حد، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. وتتواصل حالياً انتهاكات الحظر على الأسلحة المفروض على ليبيا، مع استمرار وصول طائرات شحن للطرفين المتحاربين، بحسب الأمم المتحدة.
وفي هذا البلد المنقسم إلى حد بعيد، تم التوصل إلى اتفاقات عدة في السنوات الأخيرة، إلا أنها بقيت حبراً على ورق.
وقبل بدء الحوار في تونس، برزت خلافات حول شرعية المندوبين المشاركين في المفاوضات. ودعت منظمات ليبية بعد ذلك إلى التحقيق في شأن "مزاعم فساد" تهدف، بحسب قولها، إلى التأثير على عملية اختيار أعضاء السلطة التنفيذية.