منذ عام بالتمام سجلت في مصر الإصابة الأولى بفيروس كورونا في أفريقيا، ما أثار مخاوف حينها من حدوث انفجار في الأنظمة الصحية الهشة في القارة، لكن هذا السيناريو المروع لم يتحقق، إذ لا تزال القارة أقل تضرراً من مناطق أخرى حتى الآن، وقد سجلت فيها 3.5 في المئة من الإصابات، و4 في المئة من الوفيات المعلنة رسمياً في جميع أنحاء العالم، بحسب مراكز أفريقيا لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وعلى الرغم من ذلك، تواجه بلدان أفريقية عدة موجة ثانية لكورونا مثيرة للقلق، وتكافح من أجل الحصول على ما يكفي من اللقاحات.
وسط ذلك، يعقد الزعماء الأفارقة قمة عبر الإنترنت، وتستمر يومين، وعلى جدول أعمالها مناقشة استجابة القارة لوباء "كوفيد-19" إلى جانب قضايا أمنية صرف الوباء الانتباه عنها.
تصحيح غياب المساواة
وأفاد رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامابوزا، رئيس الاتحاد الأفريقي المنتهية ولايته، في مستهل القمة "تسبب هذا الوباء بكثير من المعاناة والصعوبات في أنحاء قارتنا".
وأضاف "لا يعد (الوباء) حالة طوارئ صحية شديدة فحسب، بل إنه أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة أيضاً".
ومن المقرر أن يقدم رامابوزا، خلال الجزء المغلق من القمة معلومات محدثة عن الاستجابة للوباء، بحسب مسودة للبرنامج.
ودعا في كلمته الافتتاحية إلى "جرعة جديدة من الموارد" من صندوق النقد الدولي من أجل "تصحيح غياب المساواة الصارخ في تدابير التحفيز المالي بين الاقتصادات المتقدمة وباقي العالم".
ولم يخفِ القادة الأفارقة استياءهم من تهافت الدول الغنية على اللقاحات على حساب تلك الأفقر.
وكان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي محمد، في وقت سابق، قد دان هيمنة "النزعة القومية، إذ تتجاوز دول غنية دورها (في الحصول على اللقاحات)، حتى إن بعضها يطلب سلفاً أكثر مما يحتاج".
الولايات المتحدة والشراكة مع أفريقيا
وتتزامن القمة مع تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن إعادة الاتصال بالمؤسسات متعددة الأطراف مثل الاتحاد الأفريقي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال بايدن في تسجيل فيديو نشر الجمعة، إن إدارته ستنخرط في "دبلوماسية مستدامة بالاشتراك مع الاتحاد الأفريقي للتعامل مع الصراعات التي يسقط فيها ضحايا في القارة".
وتمثل القمة الانطلاقة الرسمية لرئاسة الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسكيدي، الذي سيحل محل رامابوزا.
وفي خطابه أمام رؤساء الدول والحكومات، السبت، تعهد تشيسكيدي جعل الاتحاد الأفريقي ذا صلة أكثر عبر "إبعاده عن غرف الاجتماعات".
واستعرض تشيسكيدي الخطوط العريضة لجدول أعمال طموح يشمل الاستجابة إلى التغير المناخي ومحاربة العنف الجنسي والترويج لمنطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية وتسريع مشروع "غراند إنغا" للطاقة الكهرمائية في بلاده، والذي يراه الاتحاد الأفريقي مصدراً مهماً للطاقة في القارة.
لكن تشيسكيدي غارق في صراع على السلطة في بلده ضد أنصار رئيس الكونغو الديمقراطية السابق جوزف كابيلا.
وأشار الباحث لدى "معهد الدراسات الأمنية" محمد دياتا إلى أن تشيسكيدي "يحاول جاهداً ترسيخ سلطته في بلده، لكنها مهمة ليست بالسهلة".
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية "سيبقى على الأرجح منشغلاً بذلك، إذ إنه أقام في بلده ائتلافاً حاكماً هشاً وفضفاضاً".
وهناك عديد من العناوين التي تخيم على القمة الأفريقية، بعضها يتعلق بنزاعات داخلية، منها النزاع بين الحكومة الكاميرونية والمتمردين الناطقين بالإنجليزية، وصعود الإسلاميين المتطرفين في موزمبيق، إضافة إلى ما شهدته إثيوبيا، الدولة التي تستضيف مقر الاتحاد الأفريقي، ولا سيما الحرب في إقليم تيغراي (شمال).
قيادة مفوضية الاتحاد الأفريقي
على صعيد منفصل، أجرت الدول الأعضاء انتخابات داخلية في شأن قيادة مفوضية الاتحاد الأفريقي التي أعيدت هيكلتها أخيراً، وهي قضية مهمة لتحديد قدرتها على مواجهة الوباء وتحديات القارة في مجالي الاقتصاد والأمن.
وفاز المرشح الوحيد فكي، رئيس وزراء تشاد الأسبق، بولاية جديدة مدتها أربع سنوات على رأس المفوضية - الهيئة التنفيذية للاتحاد. وضمن فكي فوزه بعد أن حاز 51 صوتاً من أصل 55 صوتاً.
وكتب على "تويتر": "أشعر بتواضع عميق إثر تصويت الثقة التاريخي والساحق". وهنأ مونيك نسانزاباجانوا، نائبة محافظ المصرف الوطني لرواندا، بانتخابها نائباً له.
وفي سباق آخر، ينظر عديد من الدبلوماسيين إلى النيجيري بانكولي أدييوي على أنه المرشح الأوفر حظاً لرئاسة مفوضية عليا تجمع بين الشؤون السياسية وإدارة السلام والأمن، لكن قواعد الاتحاد الأفريقي التي تفرض توزيع المناصب الرئيسة بين مختلف مناطق أفريقيا يمكن أن تخالف هذه التوقعات.
وسيلعب الفائز في هذه الانتخابات دوراً مهماً إلى جانب فكي في محاولة حل عديد من الأزمات الداخلية في القارة التي يتهم الاتحاد الأفريقي بإهمالها.