كنوز غارقة من حقب تاريخية وحضارات مختلفة تحويها السواحل المصرية، مثّلت فترات من التاريخ المصري وتركت آثاراً متنوعة، ليس فقط في البناء والآثار فوق الأرض، وإنما داخل أعماق البحر. ومع تنامي الاهتمام بالآثار الغارقة واكتشافها أُنشئت إدارة مختصة بالآثار الغارقة تابعة لوزارة الآثار المصرية في عام 1996 لتختص بهذا المجال وتسعى إلى اكتشاف هذه الكنوز تحت الماء. وفي مشروع جديد ستقوم وزارة الآثار بتسجيل وتوثيق خمس سفن غارقة في منطقة البحر الأحمر تعود إلى حقبة الحربين العالميتين تمهيداً لإعلانها كأثر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
توثيق وتنظيم زيارتها
الدكتور إيهاب فهمي، رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة بوزارة الآثار، قال لـ"اندبندنت عربية" إن "التوثيق يكون بأحدث الوسائل ونستعين فيه بالتكنولوجيا الحديثة فيتم التصوير بتقنية 3D ، إضافة إلى تصوير الفيديو، ومن بعدها ما سيحدث هو إخضاع أو ضمّ هذه السفن الغارقة لوزارة الآثار بقرار وزاري، وبالتالي تنظيم زيارتها عن طريق الآثار وتحت إشرافها، لأنها الآن يُجرى زيارتها عن طريق مراكز الغطس المنتشرة في هذه المنطقة، وبعض هذه السفن بدأ يتعرض لأضرار بالفعل، وبالتالي فإننا نهدف إلى الحفاظ عليها بعد توثيقها كأثر، وهي ليست السابقة الأولى في مصر، فمنطقة الميناء والقلعة في الإسكندرية خاضعة لإشراف وزارة الآثار".
تاريخ غارق وكنوز "من ذهب"
أما عن أهم السفن التي سيتم توثيقها تمهيداً لإعلانها كأثر، يقول الدكتور إيهاب "السفن التي سيتم توثيقها هي السفينة The Thistlegorm وهي سفينة إنجليزية، وتقع في نطاق سواحل جنوب سيناء، وتحديدا شمال شرق شعاب عليّ، وشيدت السفينة عام 1940 وغرقت عام 1941 عندما قصفها الطيران الألماني لأنها كانت محملة بالسلاح للجيش الإنجليزي، وهي حاليا تقبع في مياه البحر الأحمر شمال الغردقة، وما زال عليها بعض المعدات العسكرية وتعتبر متحفا بحريا حربيا تحت الماء ووثيقة مهمة تؤرخ للحرب العالمية الثانية، وقد تعرضت أخيرا لبعض أعمال النهب والسرقة وهو ما يعد ناقوس خطر.
والسفينة The Aida التي شيدت في فرنسا عام 1911 وضربها الألمان، وتم إنقاذها ثم غرقت بعد ذلك بعد أن اصطدمت بالصخور نظرا لسوء الأحوال الجوية عام 1957، وتوجد حـاليا على عمق 60 مترا عند جزيرة (الإخوة) شمال القصير، والســفينة The Numidiaوهي سفينة نقل إنجليزية شيدت في عام 1901 وتوجد حالياً عند جزيرة (الإخوة) شمال القصير، وغرقت بسبب اصطدامها بالشعب المرجانية".
ويضيف "إضافة إلى ما سبق سيتم توثيق السفينة The Carnatic وتقع شمال الغردقة، وبالتحديد شمال ريف أبو نحاس، وهو ريف شهير ويرجع تاريخها إلى نهاية القرن التاسع عشر، وجدير بالذكر أن هذا الموقع يحتوي على نحو خمسة سفن غارقة من فترات أحدث، والمدمرة الروسية بيرسيفيت والتي دخلت الخدمة قبل الحرب العالمية الأولى بأربع سنوات، وفي عام 1917 توجهت المدمرة إلى ميناء بور سعيد حيث تم إمدادها بالوقود ثم تحركت وعلى متنها 800 بحار لتغرق على بعد 10 كم من شواطئ بورسعيد، وقد كان على متن السفينة تمثال للمسيح من الذهب الخالص وبالحجم الطبيعي، بالإضافة إلى صناديق من الفولاذ تحتوي على عشرة آلاف قطعة نقود ذهبية تمثل رواتب الجند، وقد كانت هناك محاولات عدة لانتشالها، ففي عام 1921 حاولت شركة إيطالية انتشالها ولكن المحاولة فشلت لضعف الإمكانيات والمعدات حينها، وقد تكررت المحاولة مرة أخرى عامي 1925 و 1958 ولكن باءت أيضاً بالفشل".
تسويق سياحي لمصر
ويشير الدكتور إيهاب فهمي إلى أن توثيق الآثار الغارقة ليس بالأمر الجديد في مصر، فهناك مناطق كثيرة على السواحل المصرية سواء البحر المتوسط أو البحر الأحمر تحوي كنوزاً من الآثار الغارقة من حقب زمنية مختلفة، وبالفعل تم اكتشاف الكثير منها على مدار السنوات، وفي نطاق الحديث عن السفن يمكن أن نذكر سفينة القيادة (أورينت) التي يعود تاريخها إلى أسطول نابليون والحملة الفرنسية على مصر، إضافة إلى العديد من الاكتشافات المتعلقة بالسفن وغيرها، والتي تعود لفترات مختلفة من التاريخ مثل الحقب اليونانية الرومانية، وبالطبع الآثار الغارقة يمكن أن تصبح وسيلة للتسويق السياحي في مصر.