استفاق اللبنانيون اليوم على حركة واسعة لإقفال الطرق الرئيسة والفرعية في معظم مناطق البلاد منذ ساعات الصباح الباكر، وذلك احتجاجاً على التدهور الاقتصادي الكارثي الذي يعيشه لبنان، إذ انهارت العملة الوطنية بشكل قياسي مسجلةً نحو 10200 ليرة أو أكثر مقابل أمام الدولار الأميركي الواحد.
اجتماع بعبدا
إلا انه في وقت لاحق من اليوم، انعقد في القصر الجمهوري في بعبدا اجتماعاً أمنياً - اقتصادياً للبحث في آلت إليه الأوضاع في البلاد. وطلب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية بعد الاجتماع، الأجهزة الأمنية والعسكرية بعدم السماح "بإقفال الطرقات مع الأخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين".
وعُقد الاجتماع برئاسة الرئيس ميشال عون وبحضور رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزراء في الحكومة ومسؤولين أمنيين وماليين. وقال عون بعد إنتهاء الإجتماع "اذا كان من حق المواطنين التعبير عن رأيهم بالتظاهر، إلا أن اقفال الطرقات هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقل والذهاب الى اعمالهم خصوصاً بعد أسابيع من الإقفال العام".
وجاء في البيان أن الحاضرين قرروا أيضاً "تكليف الأجهزة الأمنية بضبط جميع الأشخاص الذين يخالفون أحكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة" بما في ذلك مكاتب الصرافة الأجنبية.
وطلب عون من الإدارات والجهات المعنية قمع المخالفات التي تحصل، لا سيما التلاعب بأسعار المواد الغذائية واحتكارها"، معلناً أن "ما يجري له انعكاسات خطرة على الأمن الاجتماعي والأمن الوطني، وهو يفرض اتخاذ اجراءات سريعة وحاسمة، مالية وقضائية وأمنية، لملاحقة المتلاعبين بلقمة عيش اللبنانيين".
ونبّه عون المواطنين إلى "خطورة الشعارات التي تمس بوحدة الوطن واثارة الفتن والنيل من الدولة ورمزها".
وقال "أتيت لأحدث التغيير الذي ينشده اللبنانيون ولن أتراجع، وماضٍ في برنامجي الاصلاحي مهما بلغت الضغوط".
الجيش أيضاً يعاني
وفي موقف لافت، عقد قائد الجيش العماد جوزف عون اجتماعاً مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة في حضور أعضاء المجلس العسكري، تحدث خلاله عما يعانيه البلد نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى "أن الجيش هو جزء من هذا الشعب ويعاني مثله". وقال إن "الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد، بالأخص اقتصادياً، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع، كما أن أموال المودعين محجوزة في المصارف، وفقدت الرواتب قيمتها الشرائية، وبالتالي فإن راتب العسكري فقد قيمته".
وقال العماد عون إن "العسكريين يعانون ويجوعون مثل الشعب"، متوجهاً إلى المسؤولين بالسؤال "إلى أين نحن ذاهبون؟ ماذا تنوون أن تفعلوا؟ لقد حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره".
وأكد العماد عون أن "الجيش مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والمواثيق الدولية لكن دون التعدي على الأملاك العامة والخاصة"، مشدداً على "أن الجيش لن يسمح بالمس بالاستقرار والسلم الأهلي".
وأشار إلى "أن موازنة الجيش تُخفَّض في كل سنة بحيث أصبحت الأموال لا تكفي حتى نهاية العام". وأوضح "أن المؤسسة العسكرية بادرت إلى اعتماد سياسة تقشف كبيرة من تلقاء نفسها تماشياً مع الوضع الاقتصادي، وسأل "أتريدون جيشاً أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟ المطلوب من الجيش مهمات كثيرة وهو جاهز دائماً، لكن ذلك لا يمكن أن يُقابَل بخفض مستمر ومتكرر للموازنة وبنقاشات حول حقوق العسكريين".
وقال "تحدثنا مع المعنيين لأن الأمر يؤثر على معنويات العسكريين ولكننا لم نصل إلى نتيجة للأسف"، مضيفاً "لا يهمهم الجيش أو معاناة عسكرييه".
حالات الفرار
وذكر العماد عون أنه "على الرغم من الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي يعاني منها الجيش، ليس هناك حالات فرار بسبب الوضع الاقتصادي، فالعسكريون يجدون أن المؤسسة العسكرية هي الضمانة الأكيدة لمستقبلهم ومستقبل عائلاتهم". وأشار إلى "أن البعض يتهمنا أننا نعيش بنعيم، لكن هذا غير صحيح وهذه اتهامات باطلة لن نقبل بها، ولن نرضى أن يتم المس بحقوق عسكريينا سواء في الخدمة الفعلية أم المتقاعدين. وعلى الرغم من استعدادنا الدائم للتضحية في سبيل وطننا وأهلنا، لكن حقوقنا هي واجب على الدولة تجاهنا".
التهريب عبر الحدود
وعن موضوع التهريب على الحدود، دعا قائد الجيش اللبناني "الذين يتهمون الجيش بالتقصير إلى معاينة الحدود عن قرب والاطلاع على ما أنجزه الجيش من أبراج مراقبة وإجراءات، والظروف التي يتواجد فيها العسكريون". وتابع "في ما خص عملية التفاوض غير المباشر حول ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، فإن دور الجيش تقني بحت، ونحن جديون إلى أبعد الحدود للوصول إلى حل يحفظ حقوقنا وثرواتنا الوطنية وفق القوانين الدولية".
ودعا قائد الجيش السلطة السياسية إلى "القيام بواجباتها لدعم الوفد المفاوض ومواكبته وتحديد ما هو مطلوب منه، أو أن تعلن موقفها صراحة".
أما على الصعيد الأمني فقد أشار العماد عون إلى "أن الوضع غير مستقر بسبب الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها واستمرار تهديدات العدو الإسرائيلي وخروقاته اليومية، بالإضافة إلى الخلايا الإرهابية النائمة التي تسعى إلى استغلال الأوضاع الداخلية ومخيمات النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين للعبث بالاستقرار الأمني".
"اثنين الغضب"
وكان ناشطون دعوا خلال اليومين الماضيين إلى إعلان اليوم الاثنين 8 مارس (آذار) "اثنين الغضب"، فقطعوا الطرق بمستوعبات النفايات والإطارات المشتعلة أحياناً والشاحنات والخيام، في حين عمد الجيش اللبناني إلى فتح الطرق في بعض المناطق ووقف لحماية المتظاهرين في مناطق أخرى.
وقطع محتجون من الصباح الباكر، الطريق في ساحة الشهداء بوسط العاصمة بيروت في منطقة الصيفي وأمام مبنى جريدة "النهار"، وعند "تقاطع الكولا" باتجاه كورنيش المزرعة، وعلى مسلكي الطريق السريع في مناطق جل الديب والزوق وجبيل، شمال بيروت.
وأقفل محتجون، فجر اليوم، طريق الأوتوستراد الساحلي، بين العاصمة والجنوب، وتحديداً في منطقة الجية، بالقرب من مفرق برجا، بالاتجاهين، على المسربين، في حين عمل الجيش على تحويل السير إلى الطريق البحرية القديمة في الجية، والتي باتت تشهد زحمة سير خانقة بفعل الحركة الكثيفة والضاغطة للسير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
البنزين وأهالي الطلاب
وشهدت محطات المحروقات في منطقة الزهراني (جنوب)، زحمة كبيرة منذ الصباح الباكر، كما لوحظ أن بعض المحطات رفعت خراطيمها لعدم توفر مادة البنزين.
ونظمت "الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية"، و"الاتحاد الدولي للشباب اللبناني"، و"تكتل الطلاب اللبنانيين المغتربين"، وقفة احتجاجية أمام مصرف لبنان في منطقة الصنائع في بيروت، في شأن تنفيذ قانون "الدولار الطالبي" الرقم 193، الذي يتيح للبنانيين إرسال أموال من حساباتهم بالعملة الأجنبية إلى أبنائهم الذين يتابعون تعليمهم في الخارج، وذلك بعدما وضعت المصارف ضوابط قاسية على حركة تحويل الأموال من وإلى لبنان.
وبينما لا يزال السعر الرسمي للدولار 1510 ليرات، والدولار المدعوم 3900 ليرة، أمر الرئيس اللبناني ميشال عون الأربعاء الماضي، بفتح تحقيق في أسباب انهيار الليرة، مطالباً حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بإحالة نتائج التحقيق إلى النيابة العامة كي تتم ملاحقة المتورطين، في حال ثبت وجود عمليات مضاربة غير مشروعة على العملة الوطنية.