حرمان أفقر مدارس إنجلترا من عدة ملايين من الجنيهات، بسبب تحويل هذه المبالغ لاستثمارها في مناطق يسيطر عليها حزب المحافظين، يثير اتهامات جديدة بالتمييز (السياسي) بين المناطق.
فقد جرى تغيير تاريخ احتساب عدد الأطفال المؤهلين "للمنح النقدية الإضافية" بهدوء، حيث تحدد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي حين لم تكن المدارس قادرةً على تسجيل عدد كبير منهم.
ومن المتوقع أن يخسر أحد أفقر أحياء لندن، باركينغ وداغنهام وحده، أكثر من مليون جنيه، وقد يصل المبلغ الذي ستخسره المدارس في مناطق محرومة مثل هذه المنطقة إلى عشرات الملايين من الجنيهات.
وقال مدير إحدى المدارس (الذي ستخسر مدرسته 40 ألف جنيه)، إن المبلغ يساوي كلفة توظيف أستاذ إضافي، أو موظفيّ دعم، ما يجعل مهمة اتخاذ القرارات في المؤسسة "في غاية الصعوبة".
وشرح سكوت هاليويل من مدرسة ساوثوود الابتدائية في داغنهام لـ"اندبندنت" "سوف يعاني أصغر طلابنا عمراً من أكبر سلبيات هذا القرار، فيما تبين كل الدراسات أنه كلما قدمت المساعدة في وقت أبكر يكون ذلك أفضل".
وما أجج الغضب هو الإعلان عن هذا التغيير بعد فوات الأوان بالنسبة إلى المدارس لكي تحث الأهل على التسجيل في مخطط التمويل الإضافي للطلاب، الهادف إلى مساعدة أشد الأطفال فقراً.
وأعربت النائبة البرلمانية عن حزب العمال في المنطقة، مارغريت هودج، عن اعتقادها بأنه يتم التلاعب بهذه المنح لصالح مناطق المحافظين. تصريح هودج يدخل ضمن سلسلة ادعاءات مماثلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشفت "اندبندنت" كيف حُول التمويل الطارئ لـ"كوفيد-19" إلى مجالس محلية أكثر ثراء، فيما اتُهم ريشي سوناك بانتهاج "سياسات ضخ أموال لمصلحة حزبية" من خلال توزيع هبات من الميزانية.
وقالت السيدة هودج "أنا على يقين من أن وزارة التعليم نظرت إلى طريقة توزيع هذه المبالغ ووجدت أنها تصب في مصلحة الدوائر الانتخابية لنواب المحافظين".
"إن محور هذا الموضوع هو السياسة وليس الحاجة. هذا القرار سوف يقتطع أكثر من مليون جنيه من مدارس منطقتي وهذا ليس عدلاً، وإن كانت الحكومة جادة بشأن تحسين مستويات المناطق، فهذا ليس عدلاً".
واحتج السيد هاليول على إعلان القرار بعد فوات أوان التصرف. فأصغر الطلاب عمراً يحصلون على وجبات مدرسية مجانية في كل الأحوال، ما يفقد الأهل الحافز للتسجيل في مخطط المنح الإضافية للطلاب، إلا إذا شُجعوا على ذلك.
وقال "أُبلغنا في ديسمبر (كانون الأول) عن تغيير أُدخل قبل ذلك بشهرين"، شارحاً أن 30 من 171 طالباً مؤهلاً للمشاركة في المخطط قد أُغفلوا، ومنهم 20 ضمن المجموعات الأصغر سناً.
وأجاب مدير المدرسة رداً على سؤاله عن سبب قيام وزارة التعليم بهذا التغيير، "لا يمكنني أن أعلق. لا أعلم إن كانوا يدركون الأثر الذي سيخلفه هذا القرار علينا".
كما دق معهد السياسات التعليمية ناقوس الخطر قائلاً، إن هناك "أسئلة يجب إثارتها بشأن توقيت هذا التغيير".
وقال رئيس قسم التحليل في المعهد، جون آندروز، "بسبب الوضع الاقتصادي الذي تسببت به الجائحة، من الأرجح أن مزيداً من طلاب المدارس أصبحوا مؤهلين للمنح الطلابية عند نهاية العام الماضي".
"وهذا يعني أننا قد نرى الآن زيادةً في عدد الطلاب المُصنفين "أكثر حرماناً" لكن من دون تأمين التمويل اللازم لدعم هؤلاء الطلاب الإضافيين لسنة كاملة".
وتقدم هذه المنح الطلابية، التي أرستها حكومة كاميرون-كليغ، أكثر من 1345 جنيهاً لكل طالب في المرحلة الابتدائية يطلب وجبة مدرسية مجانية، مقابل 955 جنيه لطالب المرحلة الثانوية.
ولطالما ارتكزت المخصصات النقدية على عدد الطلاب المسجلين بحلول يناير (كانون الثاني)، لكن ذلك تغير فجأة ليصبح "عدد الطلاب المؤهلين المسجلين في المدارس ضمن الإحصاء الذي أجرته في أكتوبر 2020 ".
أي بعد مرور أسابيع قليلة على بداية السنة الدراسية الجديدة. وقد أثيرت انتقادات منذ فترة طويلة بسبب عدم وضع آلية تسجيل تلقائي، الأمر الذي أزعج أولياء التلاميذ.
هذا، وقد أظهر استطلاع قام به مجلس باركينغ وداغنهام أن 40 مدرسة من أصل 60 في المنطقة خسرت مُجتمعةً 862 ألف جنيه، وهذا مؤشر على أن الخسارة الإجمالية ستفوق مليون جنيه.
وهو ما "سيقلص جداً" المبلغ الذي ستتلقاه كتمويل "إضافي"، موعود به، وقيمته 700 مليون جنيه، وذلك للتعويض عن فترات التعليم الضائعة بسبب جائحة كورونا.
لكن وزارة التربية أصرت على أن استخدام المعلومات ابتداءا من أكتوبر سوف يسمح للمدارس "أن تعرف ميزانيتها في وقت أبكر من العام، ما يساعدها على التخطيط المسبق".
وقال ناطق باسم الوزارة "كما سبق أن أعلنا أخيراً عن تقديم 302 مليون جنيه كمبالغ إضافية من أجل التعافي، تُضاف إلى المنح الطلابية، فإن هذا التمويل يستهدف أكثر المدارس حرماناً من أجل دعم التحصيل العلمي لأكثر الطلاب حرماناً".
© The Independent