رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهنئة الرئيس الأوكراني المنتخب فولوديمير زيلينسكي على فوزه الساحق.
ففي حديث مع الصحفيين بعد يوم تقريبا من الفوز اليسير للممثل الكوميدي بحصوله على 73 في المائة من الأصوات، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه من "السابق لأوانه" الحديث عن مكالمة هاتفية بين موسكو وكييف.
وأضاف بيسكوف أن روسيا لن تفتح أبواب التعاون مع أوكرانيا إلا بعد الحكم على "الإجراءات الملموسة" للرئيس الجديد.
وقال بيسكوف: "نحترم الانتخابات الأوكرانية، خاصة وأن الحكم كان واضحا للغاية. لكن شرعية هذه الانتخابات لا تزال محل شك بالنظر إلى أن 3.5 مليون شخص لم يتمكنوا من التصويت،" في إشارة إلى العدد التقديري للسكان في منطقة الصراع بشرق أوكرانيا، والتي تقع تحت سيطرة التشكيلات المسلحة التي تدعمها روسيا.
وقد شارك ما مجموعه تقريبا 20 مليون ناخب في انتخابات يوم الأحد، مع نسبة إقبال أعلى من المتوقع بلغت 63 في المائة، وقد وصف المراقبون الدوليون الانتخابات بأنها الأكثر نزاهة في تاريخ أوكرانيا، مع تسجيل بعض الانتهاكات البسيطة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي وقت سابق، حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف من توقع عودة الدفء بسرعة للعلاقات. ففي تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي، قال ميدفيديف إن انتخاب زيلينسكي كان مؤشرا على أن الأوكرانيين يريدون النظر للعلاقات مع روسيا من منطلقات "منطقية". لكنه أضاف أن تحسين التعاون يتطلب "الصدق ونهجا عمليا ومسؤولا."
وخلال حملته الانتخابية المحدودة، لم يقدم زيلينسكي إشارات كافية حول مواقفه السياسية، لكنه كان واضحا في رفضه الصريح للقومية العرقية الناعمة التي كان يتبعها خصمه. وبدلا من ذلك، عرض المرشح الشعبوي أغصان الزيتون على سكان الجنوب الشرقي للبلاد الناطقين بالروسية. كما عبر عن حاجة أوكرانيا إلى إبداء تعاطف أكبر مع سكان مناطق الصراع في الشرق.
ويبدو أن هذا النهج ساعد زيلينسكي على تحقيق ما لم يحققه أي رئيس سابق، وهو تجاوز أنماط التصويت التقليدية المنقسمة بين الشرق والغرب على خطوط اللغة والهوية.
في الحدث الانتخابي، حظي زيلينسكي بدعم الأغلبية الساحقة في جميع مناطق أوكرانيا، فيما لم يتمكن خصمه بوروشينكو من الفوز سوى في منطقة لفيف، غربي البلاد، وكان ذلك فقط بأغلبية ضئيلة.
وقد أوجدت إعادة رسم الخريطة السياسية في أوكرانيا مشاكل جديدة لموسكو، التي ستلقى صعوبة في تصوير زيلينسكي كتهديد للروس العاديين.
وحتى الآن، كان نهج الكرملين تجاه رئاسة زيلينسكي متناقضا. فمن ناحية، قدمت وسائل الإعلام الحكومية الممثل الكوميدي كنموذج للاعتدال، فيما يشعر المسؤولون الحكوميون الروس بالسعادة إزاء رفض الشعب الأوكراني سياسة بوروشينكو.
من ناحية أخرى، كشّرت موسكو على أنيابها وكثفت معركتها التجارية مع كييف. ففي 18 أبريل، عشية الانتخابات مباشرة، طرح ميدفيديف حزمة عقوبات جديدة تستهدف الفحم والنفط ومشتقاته. وكانت أوكرانيا قد اتخذت خطوات لتنويع مصادر الطاقة لديها، غير أنها لا تزال تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط والفحم، وخاصة الديزل، من روسيا.
في الوقت نفسه تقريبا، طرح برلمانيون روس اقتراحا استفزازيا يشير إلى أن موسكو قد تبدأ في إصدار جوازات سفر للمواطنين الأوكرانيين الذين يعيشون في مناطق الصراع.
وفي خطاب النصر، قدم زيلينسكي إشارات واضحة على التوترات التي قد تنتظره. وبأسلوبه الشعبوي السلس، خاطب الشعب الروسي مباشرة بلغة تستعصي على الكرملين، قائلا: "أقول لكم، انظر إلينا"، في إشارة إلى التغيير السلمي الهائل في أوكرانيا: "كل شيء ممكن."
كما أشار الرئيس المنتخب إلى استمرار اعتقال الجنود الأوكرانيين الذين أسروا في اشتباكات بالقرب من شبه جزيرة القرم في نوفمبر 2018، ووعد بإعادة جميع أسرى الحرب.
لكن المتحدث باسم الكرملين بيسكوف، في تعليقاته للصحفيين، كان سريعا في تبديد الآمال بشأن الإفراج المبكر عن الأسرى.
"لقد قلنا إن هناك بعض الإجراءات القانونية التي يجب مراعاتها. لقد حُكم على الرجال بتهمة انتهاك حدود الدولة، وبالتالي لكي يحدث أي شيء نحتاج إلى قرار من المحكمة."
ومن المعروف على نطاق واسع أن نظام المحاكم في روسيا يخضع لسيطرة السلطات، ويلغي أحكام الإدانة في 99.9 في المائة من القضايا.
© The Independent