تزامناً مع إعلان القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان تشكيله قائمة خاصة، للمشاركة في ماراثون الانتخابات التشريعية المقبلة، عاد فريق من معاونيه في قيادة التيار الإصلاحي الديمقراطي لـ"فتح"، إلى قطاع غزة، الذي يعد أفضل بؤرة يُسمح لفصيله العمل فيها.
وبعد موافقة حركة "حماس" على ذلك، وصل غزة نحو 15 شخصية قيادية من تيار دحلان، بينهم مسؤول ملف الانتخابات. وتشير المعلومات الواردة إلى أن عودة معاونيه ستستمر خلال فترة التحضير للاستحقاق الوطني المرتقب، وتشمل زيارة نائبه سمير المشهراوي للقطاع.
وبحسب المعلومات أيضاً، فإن لجنة العلاقات الوطنية في غزة، (تضم جميع الفصائل الفلسطينية)، وافقت على عودة 250 اسماً من التيار من أصل 300 غادروا القطاع إبان أحداث الاقتتال الفلسطيني عام 2007، حينها كانت "حماس" رافضة السماح لهم بدخول غزة، ووضعتهم على قائمة الملاحقين قانونياً وأمنياً.
العودة مستمرة
ويؤكد ذلك مسؤول ملف الانتخابات في التيار الإصلاحي لحركة "فتح" عبد الحكيم عوض، الذي يقول إن عودتهم إلى غزة "جاءت بعد أكثر من عام ونصف العام من التنسيق مع حركة "حماس"، لإزالة موانع رجوعهم للقطاع". مشيراً إلى أن الفترة المقبلة "ستشهد وصول مزيد من العناصر التي خرجت"، ومؤكداً "بات هذا المسار مفتوحاً للجميع، باستثناء عدد بسيط".
ولا تخفي "حماس" موافقتها على عودة معاوني دحلان إلى غزة. يقول عضو المكتب السياسي في الحركة أسامة حمدان، "يأتي ذلك تنفيذاً للمصالحة المجتمعية، ومرحب بقيادات التيار في القطاع إذا كانوا فاعلين وطنياً، لكن إذا عادوا إلى تنفيذ شيء آخر، فلا حماس ولا غيرها ستقبل بذلك".
للتحضير للانتخابات
ويعزو الناطق باسم "حماس" عبد اللطيف القانوع سبب السماح لهم بالعودة إلى "تهيئة المناخات، لدعم وإنجاح مسار الانتخابات، وفتح الفرص أمام الجميع من دون استثناء". لافتاً إلى أن "من حقهم ممارسة العمل السياسي"، تطبيقاً لقرار بقانون توسيع مساحة الحريات وتهيئة الأجواء، الذي أصدره رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أخيراً.
وفي السياق ذاته، يقول مسؤول ملف الانتخابات في التيار عبد الحكيم عوض، "الكوادر التي وصلت ستسهم في الإعداد والتحضير للاستحقاق الوطني، ليتبوأ التيار مركزاً لأول مرة في المشهد السياسي الفلسطيني المقبل. مؤكداً أن عودتهم "جاءت في ظل ما يشهده التيار من عمل سياسي جيد على ساحة غزة".
وفي الواقع، وطوال السنوات الماضية يعمل التيار الإصلاحي كجزء رئيس من حركة "فتح" التي يديرها محمود عباس، على أمل التقارب من جديد بينهم وتوحيد الفصيل، غير أن هذه المرة بات دحلان يفكر في حزب سياسي جديد مستقل عن "فتح" بدخوله الانتخابات بقائمة خاصة.
التقارب مع "حماس"
على أي حال، تدلل المؤشرات، (السماح للتيار بالعمل السياسي، وعودة عناصره)، إلى "وجود تقارب واضح بين حركة حماس وتيار دحلان"، على الرغم من أن الأولى أبدت تقارباً أكبر مع "فتح" بزعامة عباس، في ذات الفترة الزمنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن جهة حماس، يقول القيادي حماد الرقب، "لا نتقارب مع فصيل على حساب آخر، نحن متقاربون مع حركة فتح بصورة رسمية بقيادة عباس، وفي ذات الوقت لدينا علاقات جيدة مع التيارات الأخرى التي يقودها محمد دحلان، وناصر القدوة، ومروان البرغوثي. جميعهم تربطنا معهم علاقات بنفس الدرجة وفق مصالح مشتركة".
أما التيار فيؤكد عوض أنهم "منفتحون على حماس كثيراً، ويلتقون معها باستمرار، في ذات الوقت لكل طرف مصالح خاصة يسعى لتحقيقها، فأسهموا في تحقيق الكثير على أرض الواقع بما يخدم السلطات الحاكمة في غزة".
وعلى مدار السنوات الماضية يقدم تيار دحلان كثيراً لـ"حماس"، إذ أسهم من خلال علاقاته على إعادة "فتح" معبر رفح البري، وكذلك عمل على حل قضايا الدم الناتجة من الاقتتال الفلسطيني 2007، وقدم كثيراً من المشاريع الاجتماعية والتشغيلية في غزة.
لا قائمة مع "حماس"
ويعتقد مراقبون أن هذا التقارب "قد يدفع" "حماس" والتيار للذهاب إلى "تحالف انتخابي"، فحظوظ الأخير قوية في كسب أصوات كبيرة في أي استحقاق بعدما قدم الكثير لسكان القطاع.
ويستند المراقبون في رؤيتهم تلك إلى حديث عضو المكتب السياسي حسام بدران، الذي قال إنهم "يبحثون عن قائمة وطنية عريضة، تضم طيفاً واسعاً من الفصائل، لإعادة اللحمة والاعتبار للمشروع الوطني، ويشارك فيها الجميع". وجاء ذلك بعد القرار النهائي لعباس بعدم الذهاب مع "حماس" إلى تحالف انتخابي.
وعن ذلك يقول عوض، إن هذا الخيار "كان مطروحاً في البداية"، لكن لكل طرف "مسار ومصالح خاصة، ليس لدينا أي مانع بالمشاركة في ائتلاف وطني مع أي فصيل، لكن مشاركة حماس غير واردة بتاتاً".
أما "حماس" فتراوغ، إذ يشير الرقب إلى أنهم "متشجعون للذهاب بقائمة مشتركة وطنية، ولا يوجد فيتو على أي رأي أو مكون سياسي"، من أجل تكريس صورة حقيقية للشراكة الفلسطينية. لافتاً إلى أنهم يحاولون تدشين تجربة جديدة للذهاب للتداول السلمي للسلطة وضخ شرعيات جديدة.
شكل قائمة دحلان
وبينما تذهب المؤشرات إلى عدم دخول الطرفين في قائمة واحدة، يتوقع مسؤول العلاقات في التيار جودت أبو رمضان مشاركتهم القيادي المفصول من فتح ناصر القدوة في تحالف انتخابي.
لكن في الواقع، لا يعمل تيار دحلان بحرية في الضفة الغربية، وعادة ما يركز نشاطه على قطاع غزة. يشير عوض إلى أنهم يتعرضون لضغوط كبيرة هناك، بينما سيلاحظ نشاط في عملهم بعد تسجيل قائمتهم رسمياً لدى لجنة الانتخابات المركزية، وذلك حتى لا يجرؤ أي طرف على منعهم من ممارسة نشاطهم السياسي والدعائي.
وبحسب عوض فإن خيارين أمامهم في القائمة الانتخابية، الأول من مجموعة قيادات سياسية وأكاديمية مدعومة من دحلان، أو قائمة خاصة بقيادات التيار الإصلاحي، بينما يرجح العرض الأول حتى لا يجدوا معارضة لعملهم في الضفة الغربية.