يُمكن لغياب اتفاقيات مُجدية لتحديد الأسلحة أن يُهدّد بحدوث سباق تسلّح ويرفع عتبة استخدام الأسلحة النووية، وفق ما جاء في تقريرٍ برلماني.
فمزيج التقنيات الحديثة وإنهيار التواصل الديبلوماسي بين الدول، يُعزّز اليوم وبشكلٍ غير مسبوق منذ الحرب الباردة، خطر حدوث ضربة نووية، حذّرت لجنة العلاقات الدولية في مجلس اللوردات البريطاني.
وبالتزامن مع تحديد الأمم المتحدة موعد اجتماعٍ مهم بشأن عدم الانتشار النووي في نيويورك الأسبوع القادم، أصدرت اللجنة تقريراً مفصّلاً لما وصفته بـ"المخاوف الخطيرة"، دعت فيه الحكومة إلى إصلاح "الوضع المتدهور للديبلوماسية النووية".
وقال رئيس لجنة العلاقات الدولية، اللورد هويل أوف غيلفورد إنّنا "على مشارف عالمٍ يخلو من اتفاقيات تحديد الأسلحة، ما من شأنه أن يُمهّد لانطلاق سباق تسلّحٍ جديد، ويزيد خطر استعمال الأسلحة النووية".
وأضاف: "إنّ تفكك العلاقات بين الدول المالكة للأسلحة النووية، والتقنيات والمقدرات الجديدة ممزوجة بنقصٍ في التواصل والتفاهم، كلّها مؤشرات على أنّ خطر استخدام الأسلحة النووية اليوم أعظم من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة".
"فاجتماع العام 2019 للجنة التحضيرية لمؤتمر استعراض معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 2020 والمزمع انعقاده الأسبوع القادم، هو فرصة للحثّ على تعزيز الحوار وزيادة الشفافية بين الدول النووية من أجل الحصول منها على التزامٍ أكيد بعدم التسلّح. وها نحن اليوم نشدّ على يد الحكومة لتأخذ مخاوفنا يعين الاعتبار وتُعوّل على اللجنة التحضيرية للتصدّي لها"، على حدّ تعبير غيلفورد.
ويأتي تقرير لجنة العلاقات الدولية هذا بعد مرور أشهر على انسحاب الولايات المتحدة وروسيا من اتفاقيات نووية مهمة تعود إلى حقبة الحرب الباردة.
ففي شهر شباط (فبراير) الماضي، أعلنت إدارة ترمب تعليق إلتزاماتها بمعاهدة القوى النووية متوسطة المدى، متذرّعةً بإنتهاك روسيا للاتفاقية القائمة منذ 32 عاماً.
وبعد أيام قليلة، أعرب الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين عن رغبة بلاده بتعليق المعاهدة، واتّهم الولايات المتحدة باستخدامها نماذج من الأسلحة واختبارها، في ما اعتبره "انتهاكاً مباشراً" لاتفاقية العام 1987.
وفي أعقاب ذلك، وافق السيد بوتين على المضي قدماً بخطط الكرملين لبناء صواريخ أرضية فوق صوتية ونسخة أرضيّة من صواريخ "كاليبر" الإنسيابية المُطلقة من البحر، على أن يكتمل العمل على المنظومتين الجديدتين بحلول العام 2021.
وإبان العام الفائت، سحب دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وهو الاتفاق النووي التاريخي الذي أُبرم عام 2015 ورُفعت بموجبه العقوبات الدوليّة التعجيزية عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
إنّه الاتفاق الذي تخلّت بموجبه طهران عن أيّ محاولات لبناء ترسانة نووية، وإنتهت معه الأزمة التي دامت 12 عاماً.
ولكنّ السيد ترمب وصف الاتفاق بـ"المتعفّن والفاسد" وقال إنّ الولايات المتحدة "لن تكون رهينة للابتزاز النووي" و لن تسمح "لنظامٍ يُنادي بـ"الموت لأميركا" أن يحوز أسلحةً نووية.
وفي ما يلي لائحة بالمخاوف الرئيسة كما فنّدتها لجنة العلاقات الدولية في مجلس اللوردات:
- "سوء التفاهم أو سوء التقدير أو ]الأخطاء[ التي يمكن أن تتسبب باستخدام أسلحة نووية"، لاسيما بوجود "انعدام تفاهم بين الدول المالكة لأسلحة نووية بشأن السياسات المعلنة والمبادئ النووية الخاصة بكلٍّ منها".
- الخوف من التواصل الرقمي واستخدام "الخطاب النووي المتهوّر" عبر الإنترنت، وما "يُمكن أن ينتج عنهما من سوء تفاهم".
- توقّف التقدّم نحو عدم التسلّح النووي.
- إنهيار اتفاقيات الأسلحة الدولية.
وبناءً عليه، دعت لجنة العلاقات الدولية الحكومة إلى "تشجيع كافة الدول المالكة للأسلحة النووية على خوض حوار أوسع نطاقاً بشأن الخطر النووي، والتّخفيف من حدّة التوترات العالمية".
واقترحت الحفاظ على الاتفاق مع إيران، وأعربت عن رغبتها في أن تتناقش دول حلف شمال الأطلسي مع بعضها البعض، سعياً إما لإعادة إنعاش معاهدة القوى النووية متوسطة المدى التي تخلّى عنها كل من ترمب وبوتين "أو لتلافي انتشار الصّواريخ متوسطة المدى في أوروبا، على الأقل".
© The Independent