بين الصعوبات الاقتصادية وخطط التعافي، يحاول الأردن جاهداً، عبور عام 2021 بأقل الخسائر، قياساً بعام 2020، الذي شهد انتشار كورونا في المملكة، وتسبب بكارثة اقتصادية كبيرة لا تزال تداعياتها ماثلة حتى اللحظة.
ووسط هذا المشهد الضبابي، ثمة من يتوقع انتعاشاً اقتصادياً للأردنيين ونهوضاً من وسط الركام، كصندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار، في وقت أعلنت فيه الحكومة الأردنية عن حزمة إجراءات تخفيفية بقيمة (630 مليون دولار)، من قبيل تعزيز برامج الحماية الاجتماعية وتوسيعها، والمحافظة على فرص العمل القائمة في القطاع الخاص وتحفيز التشغيل، والتخفيف من التداعيات على قطاع النقل العام والأنشطة الاستثمارية.
الاقتصاد ينكمش
وأظهرت أرقام دائرة الإحصاءات العامة انكماش قيمة الناتج المحلي الإجمالي الأردني، بنسبة 1.8 المئة خلال العام الماضي مقارنة مع 2019، بسبب التبعات السلبية لتفشي كورونا، وبلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي (43.745) مليار دولار.
وتصف وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الأردن بأنه أول انكماش اقتصادي منذ ثلاثة عقود في البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
انتعاش في 2021
وخلافاً لبعض التوقعات، يشير تقرير نشره البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، إلى أن الأردن على موعد مع الانتعاش في الناتج المحلي هذا العام، بفضل انخفاض تكلفة موارد الطاقة المستوردة، وزيادة تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، والإصلاحات المنصوص عليها في البرنامج الجديد المدعوم من صندوق النقد الدولي، لكن لهذا الانتعاش سلبيات وتداعيات من بينها غياب التنافسية، وانعدام الاستقرار في المنطقة، وسرعة انتعاش الاقتصادات الشريكة.
سنة استثنائية
بدوره، يرى الكاتب الاقتصادي سلامة الدرعاوي، أن هذه السنة ستكون استثنائية بتحدياتها على المملكة، واعتبر أن الاقتصاد الأردني تكيف مع الأزمات، وتعايش مع بعضها التي وظفها لصالحه، وانعكست إيجاباً عليه من خلال تدفق مزيد من المنح والمساعدات.
ويلخص الدرعاوي مشاكل الاقتصاد الوطني الأردني بالبطالة التي تجاوزت نسبتها 24 في المئة، والعجز المالي الإجمالي، والمديونية الإجمالية من الناتج المحلي، وتراجع النمو الاقتصادي ودخوله في مرحلة الانكماش، لكنه يرفض، في المقابل، الحديث عن أن الاقتصاد الوطني في حال دمار وتراجع شامل، وأن البلاد في اتجاهها نحو الانهيار، ويشير الدرعاوي إلى أرقام قد لا تعجب المتشائمين، كارتفاع تحصيلات الضريبة بمقدار 275 مليون دولار، وبنسبة نمو فاقت الـ20 في المئة كمؤشر على نجاح عديد من القطاعات في مواجهة تحدي كورونا.
ويؤكد الدرعاوي أن من بين المؤشرات الإيجابية، الاحتياطات من العملات الأجنبية، والتي بلغت 21 مليار دولار، في حين نمت ودائع البنوك بأكثر من 1.4 في المئة، وارتفعت التسهيلات المصرفية لمختلف القطاعات بأكثر من 1.8 في المئة، كما ارتفع حجم الصادرات الوطنية بنسبة واحد في المئة.
الدين العام إلى 50 ملياراً
في هذا الوقت، توقع البنك الدولي أن يتخطى الدين العام الأردني في العام الحالي 50 مليار دولار، بعد أن سجل العام الماضي 47 ملياراً ونصف مليار دولار، كما توقع أن تصل نسبة النمو، العام الحالي، إلى 1.8 في المئة، مع إمكان انخفاض عجز الموازنة إلى 5.5 في المئة من الناتج المحلي خلال عام 2021.
وذكر البنك الدولي أن تأثير الصدمة الأولى على الاقتصاد الأردني كان معتدلاً، على عكس الاقتصادات الإقليمية الأخرى التي تضررت بشكل فادح.
عام صعب
كان وزير المال الأردني، محمد العسعس، قد صارح الأردنيين خلال جلسة برلمانية لمناقشة موازنة 2021 بعام جديد صعب مع استمرار جائحة كورونا.
وبلغت ميزانية العام الحالي 14 مليار دولار، في وقت سجلت فيه أرقام البطالة ارتفاعاً ملحوظاً، وبنسبة 22 في المئة، وسط تكلفة اقتصادية كبيرة بسبب الجائحة العام الماضي، وبلغ عدد الأردنيين الباحثين عن العمل نحو نصف مليون شخص، في حين توقع البنك الدولي زيادة عدد الفقراء في الأردن، لتصل نسبتهم إلى نحو 27 في المئة خلال 2021.
كما توقع العسعس انكماشاً اقتصادياً بنسبة ثلاثة في المئة، وعجزاً قدره 2.89 مليار دولار، وانخفاض المنح الخارجية إلى 813.5 مليون دولار.
وسط هذه الجواء، تستمر سياسة الاقتراض من الخارج، وسط نقص في الموارد الطبيعية، ما يدفع البلاد إلى الاعتماد، إلى حد كبير، على المساعدات الخارجية.