أكد محللون ماليون أهمية رصد ومراقبة السوق المالية ومتابعة سلوك التداولات خلال رمضان، وقالوا إنه لا يختلف عن باقي أشهر السنة، من حيث اقتناص المستثمر للفرص إن وجدت. وأجمعوا على عدم وجود رابط ما بين رمضان وتراجع التداولات.
لكن، على العكس من ذلك، فقد شهدت أشهر رمضان في السنوات الماضية نشاطاً ملحوظاً في عمليات التداول، وكان أداء الأسواق جيداً خلاله، لهذا السبب لا يمكن تعميم نتائج محددة أو سمات عريضة واسعة على نمط أو قيمة التداولات بشكل عام.
وعلى الرغم من تباين توقيت الشهر، فأحياناً يتزامن مع نتائج الشركات وأخرى مع إفصاحاتها، لم يتوصل بعد إلى نمط محدد للتداول خلال رمضان طوال السنوات الماضية، لكن بشكل عام كانت السمة الأساسية الغالبة خلال عدد من السنوات أن تداولات الأيام الأولى من رمضان تكون أقل نسبياً كقيمة، في بعض السنوات، لا في كلها، لكن، ما يلبث أن يعود نشاط التداول مجدداً.
الأبحاث العلمية تؤكد أن الصوم يرفع من معدلات التركيز واليقظة، فماذا يعني ذلك للمتداولين الصائمين في أسواق المال؟ هل سيكونون أكثر حذراً في عمليات الشراء؟ وماذا يعني تغيير مواعيد التداول في بعض الأسواق خلال رمضان؟ وهل يمكن أن يؤثر الصيام على مزاج المتداول؟ وهل يشكل الشهر فرصة قيمة كي يعيد الصائم ترتيب أوراقه وقراراته الاستثمارية في السوق؟
ترقب نتائج الشركات
يقول المحلل في أسواق المال عميد كنعان، "لا يوجد مقاييس معينة للتداول في رمضان، فكل عام لديه ظروفه الخاصة، لا سيما هذا العام في ظل الجائحة التي يتصدى لها العالم منذ العام الماضي. بالتالي نحن نتحدث عن ظروف غير طبيعية في الحياة اليومية، على سبيل المثال محدودية السفر والسهر، خصوصاً في منطقة الخليج، حيث المجالس الرمضانية".
ويضيف، "أثر الصيام في التداولات سيستمر يومين أو ثلاثة أيام وربما حتى بداية الأسبوع المقبل، ومن ثم سنشهد عودة لنشاط التداول، لأن مقياس السوق موجود، والمستثمر المحلي والأجنبي موجودان، كما أن ظروف السوق تختلف عن السنوات الماضية بفعل الجائحة، ما يحتم الوجود في أسواق المال". لافتاً إلى أنه "من المهم عند الحديث عن حالة رمضان هذا العام أن نتذكر أنه يأتي في أبريل (نيسان)، أي إننا مع موعد مع نتائج الشركات للربع الأول من العام، وهناك ترقب في السوق لهذه النتائج".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبرأي كنعان إذا خفت العمليات الخارجية فإن الانتباه للسوق "سيكون أقوى"، موضحاً "رأينا ما حدث في الأسواق العالمية فيما يتعلق بالمنح والتوزيعات وأعداد العاطلين عن العمل، حيث توجه جزء كبير منهم إلى أسواق المال للتداول عبر (الأونلاين)".
وواصل، "توجد نقطة مهمة جداً، وهي أن الوجود في أسواق المال ليس بالضرورة أن يكون جسدياً، فيمكن أن يكون التداول إلكترونياً (أونلاين)، وأيضاً عبر الهاتف، بالتالي لا يوجد أي شيء يعرقل عمليات التداول في رمضان، بل على العكس إذا ما تدفقت أخبار إيجابية سنجد تعاملاً سريعاً معها وترجمة لهذه الأخبار في أسواق المال". وختم كنعان، "بالتأكيد، المستثمر لن يصوم عن التداول. رمضان بدأ اليوم الثلاثاء، أي منتصف الأسبوع، ونحن نقترب من عطلة نهاية الأسبوع، بالتالي نتوقع نشاطاً أكبر للتداول الأسبوع المقبل".
لا صوم عن التداول
من جانبه، يؤكد المصرفي في دبي، حسن الريس، أن المتداولين في أسواق الأسهم "لن يصوموا عن شراء الأسهم خلال رمضان". ويضيف، "عادةً ما يكون هناك بطء في التداول في الأيام الأولى من رمضان بسبب صعوبة الصوم خلال الطقس الحار، لكن سرعان ما ينتعش التداول في الأسواق مع مرور الأيام خلال رمضان".
وأضاف، "في 2020 كان الوضع مختلفاً بالنسبة لأسواق المال، حيث شهد العام الماضي ذروة تفشي الوباء، وكانت هناك موجة إغلاق، ولم يكن هناك لقاحات، لكن هذا العام الأمر مختلف، خصوصاً مع تقديم الحكومات والمصارف المركزية في العالم حزم تحفيز، إضافة إلى خروج عدد من اللقاحات، وبدء عمليات التلقيح في العالم، ما أنعش الاقتصادات المحلية والاقتصاد العالمي بشكل عام".
وتابع الريس، "بدأنا بالفعل نرى ضوءاً في نهاية النفق المظلم، ونلمس اليوم انتعاشاً في أسواق المال المحلية، أما بالنسبة إلى الأسواق العالمية فأداؤها كان جيداً، وقد قادت شركات التكنولوجيا نمو الأسواق، بالتالي هناك كثير من الإيجابية مدفوعة بحزم التحفيز الكبيرة في الأسواق بصورة مباشرة وغير مباشرة".
فرصة ذهبية
وقال الريس، إن الأبحاث العلمية أثبتت أن معدلات تركيز الصائم تكون أكبر في جسم الإنسان، بسبب تراجع نسب الدهون بفعل الصوم، وهذا بطبيعة الحال سيخدم المتداولين الصائمين، حيث سيرفع من مستويات تركيزهم، وسيكون لذلك تأثير إيجابي في قرارات الشراء.
ويرى الريس أن الفرصة الراهنة ذهبية للاستثمار في أسواق المال، مع التراجع الكبير في أسعار الفائدة وإقراض البنوك بمعدلات أقل، ما يوفر عوائد أفضل في الأسهم للمستثمرين في حدود 5 إلى 6 في المئة، الأمر الذي سيحقق لهم عوائد جيدة بنهاية العام، ناصحاً المستثمرين بتخصيص جزء من السيولة في محافظهم، لاستثمارها في سوق الأسهم، الذي سيوفر لهم مردود جيد. وأضاف، "علينا أن لا ننسى أن أسهم الشركات العقارية مقومة بأقل من قيمتها في الوقت الراهن، فالعقارات تتحرك، لكن أسهم العقارات لا تتحرك، لكنها لن تبقى كذلك، فستواصل تحركها عندما تعاود أسعار العقارات ارتفاعاتها، وسيكون لذلك أثر إيجابي على أسهم الشركات العقارية المدرجة في أسواق المال".
وأوضح، "علينا أن لا ننسى أن عام 2021 هو عام (إكسبو دبي)، ويتوقع أن يتدفق 25 مليون زائر للحدث العالمي، نحو 80 في المئة منهم من خارج الدولة، وهؤلاء سيزورون المعرض الذي سيستمر ستة أشهر، ويتوقع أن يكون لـ(إكسبو) آثار إيجابية جداً على أسواق المال في الدولة".