أظهر تقرير الأرباح الأول لشركة "بوينغ" منذ حادثتي تحطم طائرة "737 ماكس" الخاصة بها أن السقطة العالمية للشركة الرائدة أثرت سلباً على أعمالها. وأعلنت الأسبوع الماضي أن أرباحها في الربع الأول تراجعت بنسبة 10% لتصل إلى 3.75 دولار للسهم الواحد في الربع الأول، وانخفضت أرباحها بنسبة 13% إلى مليارين و100 مليون دولار، فيما تراجعت مبيعاتها 2% إلى 22.9 مليار دولار.
وفي السباق الطويل مع غريمة عنيدة هي "إيرباص،" كانت "بوينغ" حتى أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) العام 2018 في الصدارة. فقد سلمت 704 طائرات وسجّلت 690 طلبية صافية (912 في العام 2017). في المقابل، أنتجت "إيرباص" 673 طائرة وسلمتها لشركات الطيران، ووقعت 380 عقداً صافيا ( 1109 في العام 2017).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اختبارات السلامة
هذه النتائج المخيبة للآمال هي نموذج لما قد تكون عليه سنة طويلة من النكسات بالنسبة إلى "بوينغ"، بحيث تقبع طائراتها غير المباعة في مرافق الإنتاج التابعة لها. وتسعى الشركة إلى الحصول على موافقات الجهات التنظيمية التي تسمح لطائراتها بالطيران مرة أخرى، من دون تحديد المدة التي تتوقع أن تستغرقها تلك الموافقات. وقد بدا الناطق باسمها حذراً عندما سألته "اندبندنت عربية" عن موعد إعادة "737 ماكس" إلى الأجواء؟ فأجاب أن "التركيز ينصب الآن على دعم العودة الآمنة لهذه الطائرة إلى الخدمة، ونحن نعمل على ذلك مع عملائنا والجهات التنظيمية العالمية".
وفي المعلومات أن "بوينغ" تقوم بتحديث برنامج مشكلة السلامة، وتنتظر موافقة الجهات التنظيمية، ويتعين عليها تقديم الرزمة النهائية لتصليحات البرامج إلى "إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية"FAA للموافقة عليها. وكان رئيسها التنفيذي دينيس مويلينبورغ أكد قبل أيام أن الشركة أكملت أكثر من 135 رحلة يبلغ مجموعها أكثر من 230 ساعة طيران على طائرات "737 ماكس" مع البرنامج المحدّث. وهي تحضّر مع "إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية" لرحلة شهادة رسمية تتم بواسطة طيّاري اختبار.
تراجع مالي
وتظهر الصورة المؤلمة لأعمال "بوينغ" مدى سرعة تراجع ثروات الشركة التي طالما حازت جوائز من المستثمرين العالميين على أنها "آلة مدرّة للربح" مع إمكانات نمو هائلة. فالشركة التي كانت قد تفوقت على تقديرات أرباح "وول ستريت" خلال 11 ربعاً متتاليا، هي عاجزة عن تقدير النتائج المالية المستقبلية، ولا تعرف عدد الطائرات التي يمكنها بيعها هذه السنة. وقد وصف الناطق باسمها لـ"اندبندنت عربية" هذا الوضع بأنه موقت حين قال: "نواصل تقييم خطط الإنتاج لدينا، ونعمل مع سلسلة التوريد الخاصة بنا على تخفيف أي تأثير خلال هذا التباطؤ الموقت. هذا النهج المنضبط يوفر لنا المرونة اللازمة للتكيف مع التطورات الناشئة". وماذا عن عقود شركات الطيران ولاسيما منها الخليجية الموقعة مع "بوينغ"؟ يتحفظ الناطق باسمها بقوله: "انسجاماً مع سياسة الشركة المعمول بها منذ مدة طويلة، لا يمكننا التعليق على المناقشات التي نجريها مع عملائنا أو نكشف تفاصيل العقود".
ويرى محللون ماليون أميركيون في مجال الطيران المدني أن السنة 2019 هي سنة ضائعة بالنسبة إلى "بوينغ" من حيث الأداء المالي، لأن مبيعات النموذج الأكثر ربحاً في الشركة معلقة حتى يتم رفع الحظر عنه. وتحوطاً لمخاطر نضوب الأموال المطلوبة لاستثمارات الشركة وحفاظاً على السيولة، أوقفت "بوينغ" خطتها لإعادة شراء 18 مليار دولار من الأسهم من المستثمرين، واعدة إياهم بمعاودة برنامج إعادة الشراء في مرحلة لاحقة. فهل سيكون للأزمة تأثير دائم على أعمالها؟ يقول الناطق باسم الشركة: " يُعدّ السفر الجوي التجاري من أكثر أنظمة النقل أماناً في العالم، وصناعتنا بمجملها تعمل بالتعاون مع الحكومات في جميع أنحاء العالم لتحسين السلامة. ونحن على يقين بأننا يمكن أن نكون أفضل".
دعاوى وتعويضات
تتزايد الأدلة على أن الشركة لعبت دوراً رئيسياً في حادثتي تحطم طائرتيها. فوفقاً لتقرير أولي عن الرحلة الرقم 302 لـ"الخطوط الجوية الإثيوبية" قام الطيارون بجميع الإجراءات التي أوصت بها "بوينغ" لإنقاذ طائرتهم، لكنهم لم يتمكنوا من إيقاف النظام المسؤول عن تحطمها Flight-system-induced dive. وفيما تواجه الشركة دعاوى قضائية من عائلات تحطم طائرتي Lion Air و"الخطوط الجوية الإثيوبية،" تتحمل شركات الطيران الأخرى تكاليف بملايين الدولارات لأنها ألغت مئات الرحلات اليومية.
وتتردد معلومات أن "بوينغ" قد تطرح تسديد الخسائر على شكل حسومات مستقبلية على الطائرات الجديدة تُقدر بمليارات الدولارات. لكن كيف تستعيد "بوينغ" ثقة العملاء والمسافرين؟ يجيب الناطق الرسمي بإسمها الذي إعتذرت الشركة ذكر إسمه في إتصال مع اندبندنت عربية "لقد هالتنا المآسي التي لحقت بطائرتي "الخطوط الجوية الإثيوبية" وLion Air. ما زلنا في حال حزن على أولئك الذين كانوا على متن الطائرتين ونتعاطف بعمق مع أحبائهم. نحن نتفهم ونأسف للتحديات التي يواجهها عملاؤنا بسبب تعليق العمل بالنموذج 737 ماكس، ونركز على كسب ثقتهم في أنحاء العالم بكل طريقة ممكنة لضمان الثقة الكاملة في هذا الطراز وعودته الآمنة إلى الطيران التجاري".
منافسة جديدة
في الانتظار، كيف يكون وضع سوق الطيران التجاري، وهل "إيرباص" قادرة على سد حاجة الشركات العالمية؟ على مدى الأعوام الـ15 الأخيرة، عملت الشركتان على تحسين معدل الإنتاج من أجل خدمة السوق المتنامية التي تحتاج 900 طائرة في كل من السنتين 2019-2020. وكانت دفاتر الطلبات تتضمن حتى نهاية نوفمبر 2018 إنتاج 7337 طائرة "إيرباص" و5772 طائرة "بوينغ".
وفي هذا الإطار توقع إبراهيم خياط "رئيس المركز الدولي للتحليل الاستراتيجي" لـ"اندبندنت عربية" أن يشهد العالم حرب طرازات بين عملاقي صناعة الطيران في ظل بيئة اقتصادية ملبدة بالغيوم ستوسع الهوة على طرفي الأطلسي. وأوضح أن "النزاع بين الشركتين شهد تراجعاً في السابق، لكن السياسة الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترمب وانسحابه من معاهدات تجارية دولية أوجد هوة كبيرة في التعاقدات التجارية المقبلة، وهذه العدائية قد تقابل بالمثل فيما يتعلق بالصفقات التجارية".
واعتبر أنه فيما يتعلق بالمنافسة بين طائرات "بوينغ" من طراز 787 و777 مع طائرات "إيرباص إي 380"، قد لا تكون بالدرجة ذاتها لأن "إيرباص" أعلنت أنها ستوقف إنتاج طائرة "إي 380" التي تعد الأضخم في العالم وذلك بسبب تراجع الطلب عليها. وستركز الشركة الأوروبية على طائرات "إي 350"، فيما تركز "بوينغ" على طائرات 787، وبالتالي "أتوقع أن نشهد حرب طرازات بين الجانبين".