أعلن بنك إنجلترا ووزارة الخزانة البريطانية، في بيان، إنشاء فريق عمل مشترك لتنسيق سبل استكشاف عملة رقمية محتملة للبنك المركزي البريطاني. وستكون العملة الرقمية، وفق البيان الذي نشر على موقع البنك، شكلاً جديداً من أشكال النقود الرقمية التي يصدرها بنك إنجلترا لتستخدمها الأسر والشركات.
وستكون موجودة، بحسب البيان، جنباً إلى جنب مع النقد والودائع المصرفية بدلاً من استبدالها.
ويضم فريق العمل نائب المحافظ للاستقرار المالي في بنك إنجلترا جون كونليف، والمدير العام للخدمات المالية في وزارة الخزانة كاثرين برادك. وستشارك سلطات المملكة المتحدة الأخرى في فرقة العمل بحسب الحاجة. وأعلن بنك إنجلترا عن تأسيس "وحدة البنك المركزي للعملات الرقمية". وقال إنها ستقود المشاركة الخارجية للبنك في عملات البنوك المركزية، بما في ذلك مع السلطات البريطانية والدولية الأخرى. وسيقوم نائب المحافظ للاستقرار المالي، جون كونليف، بالإشراف على عمل الوحدة الجديدة.
الانضمام لركب العملات الرقمية
وقال وزير المالية البريطاني ريشي سوناك، "بالانضمام إلى الموضة العالمية في إنشاء عملات رقمية للبنوك المركزية، فإن بريطانيا بحاجة إلى المضي قدماً للبقاء في طليعة الابتكار المالي". وستكون العملة الرقمية للبنك المركزي التي يجري درسها منفصلة عن البنوك التجارية وشركات المدفوعات الكبيرة، التي تستخدم العملات الوطنية، مثل فيزا وماستركارد.
وقال بنك إنجلترا إنه ووزارة الخزانة لم يتخذا بعد قراراً بإصدار عملة رقمية للبنك المركزي، وستقوم فرقة العمل بدرس مجموعة واسعة من القضايا لتحديد إذا ما كانت ستخدم غرضاً قيماً. وكان المركزي نشر ورقة مناقشة حول العملات الرقمية العام الماضي، مشيراً إلى أنها ستصدر بالجنيه الاسترليني، وستكون في واجهة بين أنظمة المدفوعات النقدية والخاصة.
وتستهدف العملة الرقمية للمركزي الأفراد الذين لديهم حسابات رقمية في البنك المركزي أو رمز رقمي محدود، وستخدم الأغراض نفسها مثل الأوراق النقدية والعملات المعدنية في النظام المالي. وتشمل فوائدها خفضاً محتملاً لكُلف المعاملات، مما يضمن حماية الأشخاص من عدم الاستقرار المالي لأنظمة المدفوعات الخاصة التي يحتمل أن تفشل وتضمن احتفاظ البنك المركزي بالسيطرة على السياسة النقدية ضد احتمالات انتقال المدفوعات إلى العملات المشفرة التي ليس لديه نفوذ عليها.
ولن تكون العملة الرقمية للمركزي البريطاني أحد الأصول المشفرة، مثل "بيتكوين"، التي يمكن أن تزيد أو تنقص في القيمة مقارنة بالعملات الوطنية، إذ قال بنك إنجلترا إن استخدام النقد قد انخفض بسرعة مع تجاوز استخدام بطاقة النقد كتقنية للدفع في عام 2018.
مخاوف من تقويض البنوك التجارية
وأقر عدد من محافظي البنوك المركزية في العالم بوجود مخاطر كبيرة يجب التغلب عليها، والمتعلقة بإدخال العملات الرقمية للبنوك المركزية.
ومن المحتمل أن يحتاج بنك إنجلترا إلى الامتثال لقواعد معرفة العملاء لمنع استخدام العملة في تمويل الإرهاب أو غسل الأموال، في حين قد يؤدي وجود العملة الرقمية إلى تقويض البنوك التجارية وإزالة الودائع التي تعتمد عليها.
وأعلن بنك إنجلترا أن فريق العمل سيدرس الفرص والمخاطر المرتبطة بإصدار عملة رقمية، وسيُقوم التقنيات البديلة ويدرس التطورات في البلدان الأخرى. وأضاف أنه سيوفر بعد ذلك "تقويماً صارماً ومتماسكاً وشاملاً للحال الإجمالية للعملة الرقمية للبنك المركزي البريطاني".
الأصول المشفرة
وكان محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، ناقش العام 2020 الابتكار في المدفوعات خلال حدث افتراضي استضافته مؤسسة بروكينغز. وتناول الأصول المشفرة والأموال الإلكترونية والعملات المستقرة والحاجة إلى معايير دولية للتحكم بفعالية في هذه التطورات. بيلي كان ناقش الطريقة التي "بدأت بها" الأصول المشفرة "في إجهاد" الأطر التنظيمية التي تنفذها البنوك المركزية التي تسعى إلى ضمان "النهاية القانونية المناسبة للتسوية والمرونة التشغيلية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار في ذلك الوقت بصراحة إلى عملة "بيتكوين"، وأكد أن مثل هذه الأصول المشفرة "لا علاقة لها على الإطلاق بالمال". وبالإشارة إلى التقلب "الجامح" في قيم الأصول المشفرة، اعتبر أنها "غير ملائمة للعالم في ما يتعلق بالمدفوعات، حيث يكون اليقين من القيمة أمراً مهماً".
وانتشرت تعليقاته في ذلك الوقت على نطاق واسع باعتبارها تمثل رفضاً دامغاً لفائدة "بيتكوين" كآلية للدفع.
ويتوافق هذا التصريح مع الموقف التاريخي لبنك إنجلترا في شأن "بيتكوين" والعملات المشفرة الأخرى المماثلة، وهذا الموقف غير مفاجئ بصرف النظر عن قضايا التقييم التي أبرزها بيلي والقيود الفنية المتعلقة بإمكان التوسع في عالم العملات الرقمية، ويعكس حقيقة أن البنوك المركزية مثل بنك إنجلترا لا تستطيع تنفيذ السياسة النقدية والرقابة التنظيمية على الأصول اللامركزية مثل "بيتكوين". ونظر محافظ بنك إنجلترا في المدفوعات البديلة مثل النقود الإلكترونية، التي نمت في أوروبا تحت رعاية التوجيه الثاني للأموال الإلكترونية (إيه إم دي 2) وتوجيه خدمات الدفع الثاني (بي أس دي 2).
هجين
ويرى محافظ بنك إنجلترا أن النقود الإلكترونية تمثل "هجيناً" يتضمن شيئاً "أكثر شبهاً بالنقود بمعنى أموال البنوك التجارية، ولكن من دون بعض الحماية الممنوحة للأموال الإلزامية. وأشار بيلي إلى أن المعايير لمقدمي النقود الإلكترونية أقل تطوراً من تلك الخاصة بالبنوك. واعتبر أنه لا يوجد نظام لحماية المُودعين، وأن الشركات تخضع لمتطلبات رأس المال والسيولة المحدودة وحسب، والأهم من ذلك تأكيده أنه لا يوجد قرار أو نظام إداري لمقدمي النقود الإلكترونية. وحذّر من أنه إذا فشل مقدم النقود الإلكترونية، فسيضطر مالكو "أمواله" إلى متابعة أي استرداد من خلال إجراءات إعسار الشركات الذي لن يكون سريعاً ولن يضمن عودة أموالهم.
وكانت تعليقات محافظ بنك إنجلترا تتماشى مع تركيز البنك على الحفاظ على قنوات الدفع الحالية وأنظمته وتعزيزها، بينما تسعى الأموال الإلكترونية إلى توفير بديل. على سبيل المثال، خصص بنك إنجلترا موارد كبيرة لبرنامج تجديد "آر تي جي أس" الخاص به، وهي أنظمة تحويل أموال متخصصة.
وركز خطاب المحافظ على العملات المستقرة، وهي فئة من الأصول المشفرة تدعمها أو مرتبطة بأصل ثابت أو سلة أصول.
وتهدف قيمة التيثر (الدولار الأميركي) على سبيل المثال، عكس قيمة الدولار الأميركي، في حين يُفهم أن قيمة الأصول المشفرة لليبرا المقبلة المدعومة من "فيسبوك" مرتبطة بسلة من العملات الورقية العالمية، بما في ذلك الدولار الأميركي واليورو والين والجنيه الاسترليني والدولار السنغافوري.
العلاقة المحتملة بين العملات
وأكد بيلي أن العملات المستقرة "يمكن أن تقدم بعض الفوائد المفيدة". على وجه الخصوص. وأشار إلى أن العملات المستقرة يمكن أن تقود إلى تقليل الاحتكاكات في المدفوعات من طريق زيادة السرعة وخفض كلفة المدفوعات، خصوصاً إذا ما كان من المقرر إنشاء عملات مستقرة عالمية. وقد توفر العملات المستقرة مزيداً من الراحة، بما في ذلك من طريق التكامل مع التكنولوجيا الأخرى، مثل الشبكات الاجتماعية والمنصات الإعلامية أو خدمات البيع بالتجزئة". وأقر بيلي بالعلاقة المحتملة بين العملات المستقرة والعملات الرقمية للبنك المركزي. ويواصل بنك إنجلترا وضع نفسه في طليعة قادة الفكر العالمي للعملة الرقمية للبنك المركزي، على الرغم من حقيقة أن المناقشات لا تزال تركز على اعتبارات التصميم والسياسة، وتشير إلى أن التنمية الفعلية لا تزال بعيدة بعض الشيء.
وبالمقارنة فإن مشاريع العملات الرقمية في الصين واليابان والشرق الأوسط والدول الاسكندنافية وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي تشهد مزيداً من التقدم.