أطلقت مصر المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي التي تختص بالإصلاحات الهيكلية، وتمتد على مدى ثلاث سنوات، بعد أن أكملت المرحلة الأولى التي استهدفت معالجة اختلالات السياسات النقدية والمالية.
وبدأت القاهرة المرحلة الأولى (نوفمبر - تشرين الثاني 2016، ديسمبر - كانون الأول 2019) بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي، إذ منح الأخير مصر 12 مليار دولار على 6 شرائح، لمساعدتها في تنفيذ الإصلاحات.
محاور رئيسة
وقال رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن الغرض من إطلاق المرحلة الثانية من البرنامج الوصول بمعدل النمو إلى نحو سبعة في المئة في غضون السنوات الثلاث المقبلة، بدلاً من 3.6 في المئة خلال العام الحالي، إضافة إلى رفع مساهمة عدد من القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي، ليصل نصيب قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات منه إلى 5 في المئة بدلاً من 2.8 في المئة حالياً، إلى جانب زيادة نسبة قطاع الصناعات التحويلية من 12.5 في المئة إلى 15 في المئة حالياً، لافتاً إلى أن رفع معدل النمو يرتكز على تحقيق قطاع الاتصالات 5 في المئة على أقل تقدير، ومؤكداً ضرورة زيادة النمو في الصناعات التحويلية والزراعة.
أضاف مدبولي في مؤتمر صحافي، أننا نسعى إلى تحويل ميزان المدفوعات من تحقيق عجز إلى فائض، وتهدف خطتنا إلى تحقيق فائض ما بين 3 و5 مليارات دولار أميركي في ميزان المدفوعات، مقابل سالب 8.5 مليار دولار، علاوة على التقليل التدريجي في العجز الكلي في الموازنة بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، بحيث يكون خلال العام المالي 2023 - 2024 عند معدل 5.5 في المئة، بدلاً من 8 في المئة حالياً، وأخيراً وقف تصاعد الدين وتثبيته خلال العام المالي المقبل، وأن ينخفض تدريجاً.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن إصلاح السياسات النقدية والمالية إذا لم تتبعه معالجات هيكلية، سيكون مثله مثل دول أخرى حققت نمواً سنة أو سنتين وتراجعت بعد ذلك، مستشهداً بأن هذا حدث في مصر عام 1991، حيث اعتمدنا برنامجاً في هذا الوقت، واستطعنا تخطي المرحلة الأولى الخاصة بالسياسة النقدية والمالية، لتحقّق نجاحاً جزئياً، ونتيجة أنه لم تتبع البرنامج منظومة للإصلاحات الهيكلية، عاد الاقتصاد المصري إلى التراجع وإلى المشكلات ذاتها التي يعانيها.
ووفق ما أعلنته الحكومة المصرية، يرتكز البرنامج في المرحلة الثانية على 5 محاور رئيسة، في مقدمتها دعم بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص وزيادة الصادرات المصرية إلى الخارج وتعزيز المدخرات المحلية ودعم تسريع وتيرة الرقمنة الاقتصادية، وأخيراً مراعاة المساواة في توطين الإصلاحات المطلوبة بين المحافظات المصرية، وتستهدف المرحلة الثانية العمل على إصلاح خمس منظومات رئيسة: تتمثّل في التشريعات، والأداء الحكومي، واللوجستيات، والتمويل، وأخيراً منظومة الديموغرافيا وخصائص السكان.
مراعاة الطبقة الوسطى
من جانبها، قالت المتخصصة في شؤون الاقتصاد بسنت فهمي إن الغرض من المرحلة الثانية من البرنامج هو زيادة مرونة الاقتصاد المصري وتنوعه ورفع إنتاجيته، وأكدت لـ "اندبندنت عربية" أنه لكي تتحقق أهداف البرنامج، لا بد من إجراء إصلاحات جذرية تحقق النمو الشامل والمستدام، وتستكمل الدولة ما بدأته عام 2016 على مدار ثلاث سنوات، بما يضمن تفعيل واستدامة مكتسبات المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وطالبت فهمي الحكومة بضرورة حماية الشرائح الأكثر فقراً احتياجاً في أثناء سنوات الإصلاح الجديدة حتى لو كان الضرر لن يقع بشكل مباشر، مشيرة إلى أن طبقة الفقراء ومتوسطي الدخل تحمّلت عبء مرحلة الإصلاح الأولى، وقالت إن البرنامج استهدف في مرحلته الأولى معالجة الاختلالات الاقتصادية الداخلية والخارجية لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلّي، وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال تحرير سعر الصرف، وجعله أكثر مرونة بهدف رفع القدرة التنافسية الخارجية ودعم الصادرات والسياحة، وجذب الاستثمار الأجنبي، وإعادة بناء الاحتياطيات الدولية، إضافة إلى استهداف ضبط أوضاع المالية العامة وتقليص عجز الموازنة.
لجنة فنية للمتابعة
من جانبها، وضعت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية خطة عمل تنفيذية لبرنامج الإصلاحات الهيكلية طبقاً لإطار زمني محدد، تضمّن أربع مراحل رئيسة بداية من نوفمبر 2019 إلى مارس (آذار) 2021. وأشارت في بيان إلى أنها عقدت ما يزيد على 10 جلسات عمل ولقاءات حوارية مع المعنيين والخبراء، واستعانت بالخبرات والاستشارات الفنية الدولية من خلال اثنتين من المؤسسات الدولية الكبرى العاملة في هذا المجال (ماكنزي للاستشارات وباين للاستشارات)، وذلك من أجل استهداف سياسات الإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية للقطاع الحقيقي.
وأعلنت الوزارة المصرية تشكيل لجنة فنية رفيعة المستوى، ستضم ممثلين عن الوزارات والقطاعين العام والخاص ورجال الأعمال والأكاديميين والخبراء وممثلين عن مجلس النواب، بهدف متابعة تنفيذ البرنامج والتنسيق بين الجهات المسؤولة عن تنفيذ الإصلاحات اللازمة، والمراقبة والإشراف على عملية التنفيذ والتقييم ككل، ورفع تقارير دورية للجنة العليا للإصلاحات الهيكلية والمُشكّلة برئاسة مدبولي وعضوية الوزراء.
من جانبه، قال وزير المالية المصري محمد معيط إن هناك حزمة من الإصلاحات الهيكلية على مستوى السياسات المالية الكلّية، من أجل تحقيق الاستقرار المالي والسيطرة على معدلات عجز الموازنة والدين العام للناتج المحلي، والحفاظ على معدل نمو اقتصادي مستدام، ورفع كفاءة تحصيل الإيرادات العامة، وضمان حُسن إدارتها.
وأضاف في تصريحات صحافية أن المديونية الحكومية انخفضت 20.5 في المئة من الناتج المحلي على مدار 3 سنوات من 108 في المئة خلال يونيو (حزيران) 2017 إلى 87.5 في المئة في يونيو 2020، متوقعاً أن تصل إلى 89 في المئة في يونيو 2021.