كشف تقرير حديث عن أن مصر ضمن أربعة اقتصادات ناشئة "هشة" قد تشهد مزيداً من الاضطرابات في القطاع السياحي، بسبب الموجة الحالية من جائحة فيروس كورونا المستجد. ويهدد الوضع الوبائي تعافي القطاع السياحي في عام 2021 في كل من تركيا وتونس وسريلانكا ومصر، التي تعتمد على عائدات السياحة بصورة كبيرة كمصدر للعملة الصعبة.
وتستهدف مصر 8 ملايين سائح وعائدات تصل إلى 8 مليارات دولار في العام الحالي، وفق تصريحات وزير السياحة، خالد العناني، وهو هدف أكثر طموحاً بقليل من الذي أعلنته نائبة الوزير، غادة شلبي، الشهر الماضي، والمحدد بين 6 و7 مليارات دولار.
وأعلنت وزارة المالية المصرية قبل أيام، ارتفاع الاحتياطي الأجنبي للبلاد بما يتجاوز 40 مليار دولار في أبريل (نيسان) الماضي، ليغطي احتياجات الاستيراد لأكثر من 7 أشهر. وارتفع صافي الاحتياطيات الأجنبية في مصر إلى 40.337 مليار دولار بنهاية مارس (آذار) الماضي، من 40.201 مليار دولار في فبراير (شباط). وكان احتياطي النقد الأجنبي لدى مصر قد بلغ أعلى مستوياته في مطلع عام 2020، حيث تجاوز 45 مليار دولار، مرتفعاً بذلك عن مستوياته قبل عام 2011.
وكان بنك "أوف أميركا" توقع الشهر الماضي، أن تتعافى عائدات السياحة المصرية لتسجل نحو 7 مليارات دولار، لكن ليس قبل عام 2022. وتشير البيانات الرسمية إلى تطور كبير في عائدات مصر من السياحة خلال الأعوام الخمسة الماضية، لكن ظهور جائحة فيروس كورونا، سبّب تراجعاً كبيراً بإجمالي العائدات. وتشير الأرقام إلى أن الإيرادات نمت من مستوى 2.5 مليار دولار خلال العام المالي 2016 - 2017 إلى نحو 11.6 مليار دولار خلال العام المالي 2017 - 2018.
كما بلغت عائدات مصر من السياحة نحو 13 مليار دولار خلال العام المالي 2018 - 2019، لكن مع دخول العالم في أزمة كورونا، هوت تلك العائدات إلى نحو 3.45 مليار دولار خلال العام المالي 2019 - 2020 لتسجل خلال الربع الأول من العام الحالي نحو 0.8 مليار دولار.
دول ذات ميزانيات خارجية ضعيفة
ووفق وكالة "رويترز"، فإنه مع اتساع عجز الحساب الجاري، يُتوقع أن تتلقى البلاد ضربةً جديدة من تراجع عائدات السياحة خلال موسم الصيف. وقال جيوم تريسكا، كبير محللي استراتيجيات الأسواق الناشئة لدى بنك "كريدي أغريكول"، إن "السياحة تعد مشكلة كبيرة لأي دولة تعاني عجزاً في الحساب الجاري". وأضاف، "عند التفكير بالسياحة في الأسواق الناشئة، عليك التركيز على الدول ذات الميزانيات الخارجية الضعيفة التي تعتمد على السياحة، ومنها تونس وتركيا ومصر".
في الوقت ذاته، توقعت وزارة المالية في الحكومة المصرية، أن يصل الفائض الأولي لميزانية السنة المالية الحالية إلى نحو 1 في المئة من الناتج المحلي، و1.5 في المئة في السنة. وكانت شركة "أتش سي" للأوراق المالية، رجحت في تقرير سابق، أن تؤدي عائدات السياحة المتدنية إلى عجز أكبر في الحساب الجاري بنسبة 4 في المئة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2020 - 2021 من 3 في المئة تقريباً في السنة المالية 2019 - 2020، وذلك على الرغم من توقعها السابق بأن تحقق مصر فائضاً في الميزان التجاري النفطي في السنة المالية 2020 - 2021، والتوقعات الخاصة بزيادة تحويلات العاملين بالخارج بنسبة 10 في المئة على أساس سنوي للسنة المالية 2020 - 2021.
وقال وزير السياحة المصري، خالد العناني، إن "إيرادات السياحة بلغت 500 مليون دولار في أبريل الماضي، واستقبلت مصر قرابة 500 ألف سائح خلال الشهر. وبدأت الإيرادات تنتعش بشكل بطيء في نهاية 2020، إذ ارتفعت إلى 987 مليون دولار خلال الربع الأخير من العام، بزيادة قدرها 25 في المئة عن الربع السابق. أمامنا طريق طويل. إيرادات الربع الأخير لا تزال أقل من ثلث حجوزات الفترة نفسها من العام السابق، والتي وصلت إلى 3.1 مليار دولار".
التعافي لن يحدث قبل 2023
في الوقت ذاته، كشف تقرير حديث لوكالة "ستاندرد أند بورز"، عن أنها لا تتوقع تعافي قطاع السياحة في مصر حتى عام 2023، وهو ما يعني بقاء الحساب الجاري دون مستويات ما قبل الوباء لسنتين أخريين. وتأمل الحكومة أن تعود حركة السياحة إلى مستويات عام 2019 البالغة 13 مليون سائح بحلول خريف 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن استمرار فرض قيود على السفر بسبب الوباء لا يزال يمثل مشكلة، فقد جرى إغلاق ثلث دول ومناطق العالم أمام السياحة مع فرض قيود على السفر للتصدي للموجة الجديدة والسلالات المتحورة من الفيروس. وفي حين كان تأثير الموجة الأخيرة على مصر بسيطاً، لا يزال السفر ممنوعاً بين القاهرة والكويت، بينما رفعت السعودية، الاثنين 17 مايو (أيار) مصر من قائمة الدول التي يُحظَر السفر إليها، وقررت استئناف الرحلات الدولية اليوم (18 مايو). وتنصح المملكة المتحدة مواطنيها بعدم السفر إلى مصر، وتفرض فترة حجر صحي لمدة 10 أيام على العائدين منها.
وتبقى مشكلة تأخر حصول المصريين على لقاح كورونا أكبر تحدٍ أمام الحكومة المصرية، حيث أنهت كل من مصر وتونس حتى الآن، تلقيح أقل من 5 في المئة من مواطنيها، وهي نسبة قليلة مقارنةً مع اليونان وإيطاليا وإسبانيا مثلاً، والتي تصل نسبة التطعيم لديها إلى 20 و30 في المئة. يأتي ذلك في وقت كشف فيه تقرير حديث لشركة "يونيون إنفستمنت"، عن أن بطء التطعيم يمثل "تهديداً خفياً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للعديد من الأسواق الناشئة، فبعد عام 2020 الصعب، سيكون عسيراً أن تخسر موسمَين على التوالي".
استئناف الرحلات بين القاهرة وموسكو
أما على صعيد قرار استئناف الرحلات المباشرة بين منتجعات البحر الأحمر وروسيا، فإن الوضع يتوقف على الوضع الوبائي في البلدين لضمان سلامة المسافرين خلال الجائحة، بحسب ما صرح نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري شيرنيشينكو خلال مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي. وأوضح أن "الأولوية هي الحفاظ على سلامة مواطنينا"، دون أن يقترح جدولاً زمنياً لعودة الرحلات الروسية إلى منتجعات البحر الأحمر.
ويأتي ذلك وسط توقعات بعودة السياحة بين روسيا والمنتجعات المصرية الشهر المقبل، حيث توقع السفير الروسي في مصر جيورجي بوريسنكو قبل أيام، عودة الرحلات المباشرة بين روسيا والمنتجات المصرية بداية يونيو (حزيران) المقبل، لكنه حذر من أن الجدول الزمني قد يطول في حال تفاقم الوضع الوبائي في أي من البلدين.
وكان وزير الطيران المصري، محمد منار عنبة، توقع عودة الرحلات الروسية إلى مصر خلال الأسبوع الأول من شهر مايو الحالي، بينما توقعت وكالة الأخبار الروسية "إنترفاكس" أن تكون العودة بحلول 10 مايو، لكن عودة الرحلات بحلول يونيو أصبحت محل شك، وفق تصريحات نائب رئيس الوزراء الروسي ديميتري روغوزين، الذي لم يقترح جدولاً زمنياً لعودة الرحلات الروسية إلى منتجعات البحر الأحمر.