قال وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محمد علي المقدشي، "إن الشعب اليمني وقواته المسلحة وقيادته الشرعية يقفون في معركة مصيرية ضد الإرهاب الإيراني وميليشياته الحوثية، ولن يقبلوا تحويل صنعاء واليمن إلى مستعمرة فارسية أو ساحة عبور لتهديد الأمن القومي العربي وخطوط وممرات الملاحة البحرية والمصالح العالمية الحيوية".
جاء ذلك خلال زيارة ميدانية لمناطق القتال المشتعلة شمال محافظة مأرب (شرق اليمن) في جبهات محزام ماس والكسارة والمشجح، حيث تخوض قواته أعنف المعارك ضد مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، التي بلغت ذروتها خلال أيام عيد الفطر، ولهذا وصف المعركة التي تدور على أطراف محافظة مأرب بـ"المصيرية"، وفقاً لما جاء في وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ".
نقطة ارتكاز الحرب
ومنذ فبراير (شباط) الماضي، تواصل مليشيا الحوثي هجومها الضاغط على محافظة مأرب النفطية من عدة محاور قتالية، في ما قيل إنه محاولة من الحركة تعزيز موقعها في أي مفاوضات سياسية في المستقبل.
وإزاء موجة من النقد الشعبي والدولي لاستمرار هجومهم على مأرب التي تضم بين جنباتها أكثر من مليوني نازح، دافع الحوثيون عن "شرعية معركتهم".
وفي تغريدة له على "تويتر" في مارس (آذار) الماضي، قال القيادي في الجماعة محمد البخيتي، إن "الشعب اليمني يخوض معركة مقدسة ضد كل طواغيت العالم، الذين تكالبوا عليه، وسيترتب عليها مصير الأمة".
خسائر بشرية في تزايد
ونظراً للأهمية الاستراتيجية التي تكتسبها معركة مأرب بالنسبة إلى الطرفين، فقد نتج عن هذه الاستماتة التي يبديانها سقوط مئات القتلى من الجانبين.
وأمس الأول، أعلن الجيش اليمني أن ما لا يقل عن 40 من عناصر الحوثي لقوا مصرعهم، الخميس الماضي، بنيران الجيش اليمني بدعم القبائل، إضافة لقصف مقاتلات تحالف دعم الشرعية تعزيزات الميليشيا في جبهتي المشجح والكسارة وكبدتها خسائر بشرية ومادية، وفق ما نقله موقع "سبتمبر نت" الناطق باسم الجيش اليمني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في حين تتحدث قناة "المسيرة" الناطقة باسم المليشيا عن قتلى في صفوف من اعتادت نعتهم بـ"المرتزقة" في إشارة للقوات الحكومية.
هذا الوضع دفع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث للقول، إن "المعركة في مأرب نقطة ارتكاز هذه الحرب" في كلمته أمام مجلس الأمن فبراير الماضي.
استغلال إجازة العيد
ومنذ فبراير الماضي تواصل مليشيا الحوثي هجمومها على مأرب، بلغت ذروته خلال أيام العيد في مسعى لاستغلال الإجازة لإحداث اختراق ميداني نحو السيطرة على المحافظة الاستراتيجية.
وقال مستشار محافظ مأرب، القيادي في المقاومة الشعبية، يوسف أحمد العقيلي، إن المليشيا الحوثية شنت يوم العيد أقوى هجماتها على الإطلاق في محاولة لاستغلال مناسبة إجازة العيد، إلا أن المرابطين من قوات الجيش والمقاومة ومقاتلات التحالف العربي تصدت لها وكبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
هجوم لا يتوقف
في توضيح لمستجدات سير المعارك أفاد العقيلي، أن الحوثيين يواصلون منذ أشهر ضغطهم عبر محاور عدة، في مسعى حثيث لإحداث ثغرة من أي جبهة تمكنهم من التسرب إلى المدينة التي تعد عاصمة غير معلنة للحكومة الشرعية وآخر معاقلهم في شمال اليمن، إلا أن قوات الجيش ورجال القبائل بتعزيز جوي فعال من مقاتلات التحالف العربي "يتصدون لجحافل المليشيا ويفشلون مساعيهم الخاسرة، لهذا فكل ما يرددونه عن تقدم ميداني كاذب وغير صحيح".
تعزيز الجبهات
وتطرق القيادي في المقاومة إلى الدعوة التي وجهها محافظ مأرب، سلطان العرادة للنفير العام وقال، إنها "قوبلت بتفاعل وإقبال شعبي واسع وفتحت معسكرات الجيش لاستقبال ورفد الجبهات لمواجهة الغزو الحوثي الخاسر" حسب وصفه.
وقبل أسبوع، دعا محافظ مأرب العرادة، "شباب وأبناء اليمن للنفير العام والدفاع عن مستقبلهم"، داعياً إياهم إلى الانخراط في معسكرات التدريب في الجيش الوطني للالتحاق بزملائهم ورفاقهم في الجبهات، "لمواجهة ميليشيات الحوثي الإرهابية التي جاءت بمبادئ مغايرة لمبادئ الشعب اليمني وقيمه وهويته".
وقال في لقاء موسع لأبناء مأرب "ما تسعى إليه ميليشيات الحوثي، ومن خلفها إيران لفرض مشروعها التدميري وأطماعها التوسعية لن يتحقق، وهو أبعد عليهم من النجوم في السماء".
جني الثمار
وطلبت "اندبندنت عربية" في سؤال وجهته إلى الخارجية الإيرانية عبر البريد الإلكتروني، التعليق على اتهامها بدعم مليشيا الحوثي بالأسلحة، لكنها لم تتلق بعدُ رداً منها.
غير أن أمين عام ميليشيا "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله سبق ووجه كلمة للحوثيين في فبراير الماضي، يحرضهم فيها على ما اعتبره "الصمود" في القتال للسيطرة على مأرب.
وحث من وصفهم بـ"الصادقين والصامدين" على الثبات لجني الثمار، في إشارة لتقوية موقفهم على طاولة المفاوضات مستقبلاً.
وبلغة تهكمية تسخر من الدعوات الدولية المطالبة بوقف الهجوم الحوثي المستمر على مأرب قال نصر الله "إن الصراخ قائم قاعد بشأن مأرب، إذا تمكنت هذه الجبهة (يقصد الحوثي) من استعادتها، هذا يعني أن تأثيراته على الحل السياسي الموعود ستكون كبيرة جداً".
وهو التصريح الذي اعتبره مراقبون تأكيداً عملياً على تكامل الأدوار التي تنفذها الأذرع الإيرانية في المنطقة، خدمة لمشاريع "ولاية الفقيه" التوسعية وإن رفعت شعارات التحرر والمظالم.
وبحسب مجلس الأمن الدولي، فإن معركة مأرب "تعرض مليون نازح داخلياً لخطر كبير وتهدد جهود التوصل إلى حل سياسي، في وقت يتحد المجتمع الدولي بشكل متزايد لإنهاء النزاع".