أنا أعطي الأمر سنة. أفترض أن يثير الإعلان عن زواج بوريس جونسون وكاري سيموندز موجة من الاحتفالات الكبيرة على المستوى الوطني. وربما ستظهر مناشف شاي يرتسم عليها وجها الزوجين المشرقين، وتصدر مؤسسة "البريد الملكي" بعض الطوابع الخاصة بتصميم غير مألوف يتميز بوجود "وجهين" عليه من الأمام والخلف. وكذلك قد يجري الإعلامي هيو إدواردز مقابلة معهما سيتمتم فيها جونسون ببعض الكلمات بسخرية حول "أياً كان معنى الحب" (العبارة الشهيرة التي نقلها الأمير تشارلز إلى ديانا في مقابلة تلفزيونية بعد خطبتهما). وبذا، سيكون لدينا السبق الصحافي جاهزاً للنشر في صدر الصفحة الأولى.
أنا أشك في أن ردود فعل كثيرين على تلك الأنباء ستكون مزيجاً من السخرية، والتوجس والدعابة السوداء. وأحسب أن من المسيء وغير المناسب التساؤل عمن سيدفع تكلفة هذا الحدث "الباذخ" الذي سيجري إما في "تشيكرز" (المقر الريفي الرسمي لرئيس الوزراء)، أو وفق ما يتردد، في أحد منتزهات الـ"سفاري" (هذا أكثر ملاءمة إلى حد ما)، لكن ربما جرت طمأنتنا إلى أن جونسون لن يسدد الفاتورة بنفسه.
وعلى الرغم من ذلك، ثمة شيء مفاجئ بعض الشيء. ففي آخر إطلالة عامة لهما أمام الكاميرات، حينما سار الخطيبان بخفة إلى مركز الإقتراع لالتقاط الصور الإلزامية في تلك المناسبة، بدت سيموندز أشبه برهينة منها بامرأة سعيدة على أعتاب الزواج. مع ذلك، فإن من الصعب أن نعرف ذلك بصورة مؤكدة.
وعلى الرغم من سماته الحسنة كلها، من الواضح أن جونسون ليس مناسباً بشكل طبيعي للزواج الأحادي. ومن الإنصاف القول إن هناك ما يبرهن على أن الإقتران بزوجة واحدة شكل عبئاً عليه في الماضي، والالتزامات التي يشتمل عليها هذا الارتباط أرهقته أيضاً.
واستطراداً، تتضمن عظة الكنيسة الإنجيلية حول الزواج عبارات رائعة رنانة، يرد فيها إن "كلمة الله القدير تشهد وتعلن من أين تأتي البداية الأصيلة للزواج، ولماذا يجري تحديدها. لقد أرساها الله، بقصد أن يعيش الرجل والمرأة بشكل مشروع في زمالة ودية دائمة، كي يؤتي الزواج ثماره ويجري تجنب الرذيلة. وبهذه الطريقة يمكن الحفاظ على ضمير صالح لدى الطرفين في كبح جماح الميول الجسدية الفاسدة ضمن حدود الصدق، إذ حرم الله بشدة كل البغاء والنجاسة، وأنزل من وقت إلى آخر عقوبات موجعة بسبب هذه الشهوة المفرطة، وفق ما بينت القصص والعصور كلها".
يمكنك أن تتخيل جيداً جونسون الخليع، محدقاً في حذائه فيما القس يتابع التمتمة لبعض الوقت بكلمات العظة.
واستطراداً، لقد خطرت في بالي لسبب ما جينيفر أركوري (خليلة جونسون سابقاً)، بثوب استحمام ارتسم عليه العلم الأميركي أثناء أدائها استعراضاً خلاعياً راقصاً، فيما كنت أفكر بمدى قدرة رئيس وزرائنا على كبح جماح ميوله الجسدية الفاسدة فعلياً. وأتساءل إذا كان أستاذ تقنية المعلومات القديم الذي علم جونسون، قد يحاول التطفل على حفل زواجه المتضخم وفق عادة حزب المحافظين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل سيأخذ جونسون، هذه المرة، عهود زواجه بجدية أكثر مما فعله في الماضي؟ هل سيعتبرها ملزمة أكثر أو أقل من البيان الانتخابي الذي أصدره حزب المحافظين في عام 2019 مثلاً، أو البروتوكول الإيرلندي، أو ذلك الوعد الشهير (عن استعادة السيطرة على مقدرات البلاد بفضل الخروج من الاتحاد الأوروبي) الذي ظهر على جانب الحافلة التي استخدمها خلال حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو لعله في الواقع ملزم أكثر من شروط عقد مع ناشر ما لإصدار سيرة ذاتية عن ويليام شكسبير؟
من سيحظى بوظيفة الإشبين؟ من المؤكد أن هذا لن يكون ديفيد كاميرون، لأنه بات أشبه بموضة عتيقة هذه الأيام. مع ذلك، فالأرجح أنه سيبعث رسالة نصية على سبيل التهنئة. وكذلك لن يكون مايكل غوف الإشبين، إذ حذر غوف ذات يوم حزبه "لقد خلصت، على مضض، إلى استنتاج مفاده أن بوريس جونسون لا يمكنه أن ينهض بمهمات الزعيم أو يبني الفريق اللازم لإنجاز المهمة المقبلة". وهذا كلام صريح بشكل موجع، حتى لو ورد في كلمة الإشبين. ولربما استطاع رئيس الوزراء أن يلجأ إلى داريوس غوبي (الإيراني الأصل الذي أدين بالاحتيال)، رفيق صفه القديم في مدرسة "إيتون" الأرستقراطية، الذي لا يزال بوريس مديناً له بخدمة.
وماذا عن الأطفال؟ من المفترض أن يحضر الرضيع ويلفريد (أنجبته له خطيبته سيموندز)، لكن، ماذا عن أولاده الباقين؟ قد يسببون بعض الإحراج. ومن المؤكد أنهم قد يجعلون قائمة المدعوين أكثر ضخامة بكثير، وستكون قلة منهم مفاجئة بعض الشيء، خصوصاً بالنسبة إلى جونسون نفسه، فهو بعد كل شيء، كان رجلاً ذات مرة.
وعلى نحو خاص، ستكون كعكة العرس مهمة في تلك الاحتفالية لأن الزفاف سيجري وفقاً لقواعد دين جونسون الخاص، "كنيسة النفاق للمعتقد الجديد القائل إنه من المستطاع التمتع بمزايا بريكست من دون عيوبه". إنها العقيدة التي استنبطها جونسون لنفسه كي يعيش في هديها كل حياته، وتشكل بوصلة أخلاقية تؤشر إلى الشمال والجنوب في الوقت نفسه، وتتمثل أعظم بركاتها الإلهية، المفيدة أكثر من الحياة الأبدية أو من الفوز بمقعد في جوقة السماء، في "الإفلات من العقاب" هنا على الأرض.
على أي حال، نتقدم بأطيب التمنيات لبوريس، بل خصوصاً لكاري التي ستسير بتثاقل معه، في السراء والضراء. تماماً كما نفعل جميعاً.
© The Independent