من المنتظر أن يعقد تحالف "أوبك+" اجتماعاً لأعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها العشرة، قد يقر زيادة إنتاج النفط في ظل انتعاش الطلب. وبعدما امتنعت الدول الـ 23 عن استخراج ملايين براميل النفط يومياً لتفادي إغراق سوق متباطئة في ظل تفشي "كوفيد-19"، قامت في مايو (أيار) بزيادة إنتاجها من الخام مع بدء تعافي الاقتصاد، مستفيدة من حملات التطعيم ضد الوباء، وتم ذلك بموجب استراتيجية تدريجية تقضي بزيادة شهرية تم تحديدها حتى يوليو (تموز). وعلى جدول أعمال التحالف إعادة تقويم هذه السياسة، مع احتمال تمديدها اعتبارا من أغسطس (آب). ورأت المحللة لدى شركة "أر بي سي"، حليمة كروفت، أن "أوبك+" ستلتزم بالجدول الزمني الحذر الذي تم الاتفاق عليه في أبريل (نيسان )،
صدمة مايو
وهو رأي يتشاطره العديد من المحللين. وتابعت أن روسيا التي تتزعم الدول الحليفة لمنظمة "أوبك" ستسعى على الأرجح إلى تسريع الوتيرة، مثلما فعلت منذ مطلع العام ، والواقع أن السوق تلقت صدمة في مايو مع تسجيل موجة واسعة من الإصابات في الهند، الدولة الأساسية التي تحتل المرتبة الثالثة بين الدول المستهلكة للنفط بعد الولايات المتحدة والصين. وعلى الرغم من معاودة فرض قيود على التنقلات في عدد من الدول الآسيوية، مما يكبح استهلاك النفط، توقعت ميليندا إيرسدون من شركة "أواندا" أن "يواصل الطلب الارتفاع مع تكثيف حركة السفر صيفاً في أوروبا والولايات المتحدة، بفضل حملات توزيع اللقاحات المكثفة" في هذه المناطق.
تفاؤل بانتعاش الطلب
كما تبدي "أوبك" تفاؤلا في شأن انتعاش الطلب، فأبقت في مطلع الشهر على توقعاتها التي تنص على زيادة الاستهلاك بمقدار 6 ملايين برميل في اليوم هذه السنة بالمقارنة مع 2020، وصولاً إلى 96.65 مليون برميل في اليوم عبر أنحاء العالم. وأدى ذلك مقترناً بخفض عرض الكارتيل وحلفائه، إلى "ميزان عالمي للنفط يظهر بوضوح عجزاً بحوالى 3 ملايين برميل يومياً خلال يوليو (تموز) وأغسطس. وانعكس ذلك على الأسعار التي عادت وارتفعت خلال الأيام الأخيرة إلى مستويات ما قبل الوباء، فأقفل نفط برنت الأوروبي على حوالى 70 دولاراً للبرميل الجمعة، فيما قارب سعر نفط غرب تكساس الوسيط الأميركي 66 دولاراً للبرميل.
"أوبك" تراقب
وإن كانت "أوبك" تراقب باهتمام الطلب على النفط، فهي تتابع أيضاً عن كثب عرض منافسيها مثل الولايات المتحدة، أكبر المنتجين في العالم، وأعضائها أنفسهم، وهو ما يثير على الدوام خلافات خلال الاجتماعات الوزارية.
وبعد عودة الانتاج الليبي تدريجياً إلى السوق وصولاً إلى مليون برميل في اليوم بنهاية 2020، تستعد المجموعة لاستيعاب دفعة جديدة في المستقبل، مع ترقب عودة الإنتاج الإيراني إلى السوق، وهو بحسب كروفت "نقطة أساس في المناقشات، فإيران تخوض مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا سعياً إلى إحياء الاتفاق حول برنامجها النووي."
وفي حال أفضت محادثات فيينا إلى نتيجة، فإن رفع قسم من العقوبات الاقتصادية عن إيران، ومنها الحظر على صادراتها النفطية الساري منذ 2018، سيفسح لزيادة في الإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً إذا ما قارنا مستوى إنتاج طهران الحالي بما كان عليه قبل ثلاث سنوات.
مدى إنعاش السوق
وكانت وكالة" بلومبيرغ" ذكرت في تقرير لها "أن أهم سؤال بالنسبة لتجار النفط يتمثل بمدى سرعة انعاش منظمة "أوبك" وحلفائها لإنتاج النفط في وقت لاحق من هذا العام، وقد يحصلون في الاجتماع المقبل على بعض الإجابات"، لافتة إلى أن المنظمة تبدو عازمة في اجتماعها المقبل على تأكيد زيادات الإنتاج المقرر إجراؤها خلال الشهرين المقبلين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت، "من الناحية النظرية هناك فجوة كبيرة في المعروض أمام "أوبك+" لتلبية الطلب خلال النصف الثاني من العام الحالي، مع إعادة فتح الاقتصادات وزيادة الطلب على الوقود، ومع ذلك ستحتاج المنظمة إلى موازنة الطلب مع العرض في مقابل أخطار تفشي الفيروس مجدداً في الهند وأماكن أخرى من العالم، واحتمال زيادة المعروض من إيران عضو المنظمة".
وتيرة الإنتاج
وأشارت الوكالة إلى أن وتيرة انتعاش إنتاج الخام التي ستختارها "أوبك+" في نهاية المطاف ستكون حاسمة لأسواق النفط وثروات الدول النفطية حول العالم، علماً بأن تدّخل المنظمة سابقاً والمتمثل بوضع سقف للإنتاج بشكل دوري أنهى انهيار أسعار الخام. وذكرت أنه بموجب خطة وضعتها قبل عام، فإن المنظمة تلتزم رسمياً بتخفيف الإنتاج حتى أبريل 2022، ومع ذلك فإن هذه الخطة تم إقرارها على عجل في ظل ذروة الاضطرابات التي فرضها فيروس كورونا العام الماضي، ومع بدء ارتفاع الطلب على الخام فإن هذه الخطة سيتم اختبارها في المرحلة المقبلة.
الأسواق الأميركية
إلى ذلك، أظهرت سوق النفط الأميركية قوة على خلفية تحسّن الطلب، مما يثير تساؤلاً حول إمكان تباطؤ صادرات النفط الخام المزدهرة في البلاد، وفقاً لما ذكرته وكالة "بلومبيرغ". وارتفع مقياسان رئيسان لقوة السوق الأميركية إلى أعلى مستوياتهما منذ شهور خلال هذا الأسبوع، مما يشير إلى تزايد تقييد العرض الفعلي بسبب استعداد التجار لدفع أقساط لتأمين البراميل الفورية. وساعد ذلك في جعل نفط غرب تكساس الوسيط أكثر كلفة، مقارنة بالمعيار السعري العالمي لنفط برنت. وقال عدد من تجار النفط الأميركيين إن الصادرات قد تنخفض إلى جميع الوجهات، وخصوصاً أوروبا، نظراً لأن استمرار تضييق الفارق السعري سيعني خسارة خام غرب تكساس الوسيط لقدرته التنافسية.
برنت يواجه عوامل معاكسة
وعلى الرغم من ظهور علامات القوة في السوق الأميركي، فقد يواجه خام برنت مزيداً من العوامل المعاكسة، وقد يؤدي احتمال تخفيف العقوبات على إيران إلى تحرير كميات كبيرة من النفط الخام في الدولة المطّلة على الخليج العربي إلى السوق العالمية، مما سيضرب المعيار العالمي بشكل أكبر.