وجهت تايوان الخميس، 3 يونيو (حزيران)، نداء إلى الصين بالعودة لسلطة الشعب، والشروع في إصلاح سياسي حقيقي بدلاً من تجنب مواجهة تبعات الأحداث الدامية التي شهدها ميدان تيانامين في بكين عام 1989 خلال قمع تظاهرات طالبت بالديمقراطية.
ويوافق، الجمعة، الذكرى الـ 32 لتلك الأحداث التي فتحت فيها القوات الصينية النار لإنهاء احتجاجات قادها طلاب في الميدان وحوله، وتمنع السلطات الصينية أي أحداث عامة لإحياء ذكرى الواقعة في البرّ الرئيس.
ولم تعلن الحكومة عن عدد القتلى الكامل، لكن تقديرات جماعات حقوقية وشهود قالوا إنها تراوح من مئات إلى عدة آلاف.
وفي بيان قبيل حلول الذكرى، قالت حكومة تايوان إن الصين تتجنب الاعتذار عما حدث أو التفكير في أخطائها.
وأضافت، "نعبر عن الأسف وندعو الطرف الآخر لتنفيذ إصلاحات سياسية تتركز على الشعب، والكف عن قمع المطالب الشعبية الديمقراطية، كما ندعوه لإعادة السلطة إلى الشعب بأسرع ما يمكن".
واعتادت تايوان، التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها، أن توجه النقد لبكين في ذكرى أحداث ميدان تيانامين، وتدعوها لمواجهة حقيقة ما اقترفته.
أفكار مبتكرة للالتفاف على حظر التجمع في هونغ كونغ
في غضون ذلك، يبحث سكان هونغ كونغ عن طرق مبتكرة لإحياء ذكرى ضحايا تظاهرات تيانامين، بعد أن حظرت السلطات تجمعاً ليلياً سنوياً ومنعت أية مسيرات في الذكرى.
والحديث عن الدبابات والجنود الذين قمعوا متظاهرين سلميين مطالبين بالديمقراطية في بكين، 4 يونيو 1989، ممنوع في البرّ الصيني، كما تفرض رقابة مشددة على نشر صور من وقائع القمع المعروف جداً لدى باقي دول العالم.
لكن في هونغ كونغ، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، واظب السكان على إحياء الذكرى بتجمعات حاشدة على ضوء الشموع في "فكتوريا بارك" على مدى العقود الثلاثة الماضية.
والعام الماضي، حُظر التجمع الليلي للمرة الأولى بسبب تفشي فيروس كورونا، لكن الآلاف تحدوا الشرطة وشاركوا في التجمع.
وتغير الكثير في هونغ كونغ خلال السنة الماضية، فيما تسعى السلطات إلى القضاء على حركة مطالبة بالديمقراطية في المدينة، بتطبيق قانون للأمن القومي يتيح توجيه تهمة ارتكاب جرائم للمنتقدين.
وتحظر هونغ كونغ حالياً التجمعات لأكثر من أربعة أشخاص، ضمن تدابير الحد من كورونا، مما يجعل من المستحيل الحصول على تصاريح لتنظيم احتجاجات. وتمكنت المدينة من إبقاء عدد الإصابات منخفضاً، ولم تسجل أية إصابة محلية غير معروفة المصدر منذ أكثر من شهر.
وحذّر المسؤولون أيضاً من تطبيق قانون الأمن بحق المشاركين في ذكرى تيانامين، لذا يلجأ أهالي هونغ كونغ إلى أساليب مبتكرة.
إضاءة الشموع
وجمع الفنان المحلي كيسي وونغ، مئات من أعقاب الشموع التي أضيئت في تجمعات سابقة، ويعتزم توزيعها على الأهالي ليل الجمعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، "حان الوقت لإعادة توزيعها على سكان هونغ كونغ كي يتمكنوا من جمعها وحفظها في مكان آمن".
وسبق أن حوّل وونغ الشموع إلى أعمال فنية، لكنه يعتزم هذا العام توزيعها في متجرين لماركة ألبسة محلية، تبيع سلعاً خاصة بالحراك الديمقراطي. وشرح أن "كل شمعة أشعلت تحمل حزن أحد الأشخاص على الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الديمقراطية، وتوقهم للديمقراطية، وهذا مزيج من مشاعر معقدة". وأضاف، "إنها شهادة أمل بأن يستمروا في إضاءة الطريق نحو الحرية والديمقراطية".
وخلال تجمع العام الماضي، لم تتدخل الشرطة عندما تجمعت الحشود، ثم تفرقت بهدوء في فكتوريا بارك، على الرغم من أنها اعتقلت في ما بعد نشطاء سُجن بعضهم لاحقاً.
السلطات تحذر
ويبدو أن السلطات تعتمد أسلوباً استباقياً هذا العام. وتقول الشرطة إنها تعتزم وضع 3 آلاف عنصر في حال تأهب، وستوقف الحشود قبل أن تتجمّع في الحديقة التي يراقبها الآن عناصر أمن البرّ الصيني الذين يقيمون في فندق فخم.
وحذّر مكتب الأمن في هونغ كونغ من أن المشاركة في تظاهرة غير مرخصة يمكن أن يعاقب عليها بالسجن خمس سنوات، وعام للذين يدعون للتجمعات.
وتقول شخصيات موالية لبكين، إن شعارات شعبية أطلقت في تجمعات سابقة في ذكرى تيانامين، مثل "إنهاء حكم الحزب الواحد" و"أحضروا الديموقراطية للصين"، باتت الآن غير قانونية.
وأعلن وزير الأمن في هنغ كونغ، جون لي، أن قانون الأمن القومي سيطبق بحق كل من "ينظم أو يخطط أو ينفذ أي وسائل غير قانونية للإضرار أو الإطاحة بالنظام الأساسي بموجب الدستور الصيني".
وزار مفتشو النظافة الثلاثاء متحفاً يخلد ذكرى تيانامين أعيد فتحه حديثاً، تديره المجموعة نفسها التي تنظم التجمع السنوي. وقال المفتشون إن المكان يعمل من دون التراخيص الضرورية، ليغلق أبوابه في اليوم التالي.
تحركات في الأحياء
غير أن النشطاء يقولون إن السلطات ستواجه صعوبة في منع جميع مظاهر إحياء الذكرى في مدينة لا تزال تشعر بالاستياء تجاه بكين، إزاء قمع التظاهرات الحاشدة المطالبة بالديمقراطية، والتي تتخللها أحياناً أعمال عنف.
ودأبت العادة على إشعال شموع ذكرى تيانامين الساعة 8:09 مساء، في رمزية لتاريخ 1989.
واقترح ألبرت هو، المشرّع السابق الذي يقبع حالياً في السجن وأحد منظمي التجمع الليلي، أن يشعل الأهالي الشموع أو يضيئوا مصابيح هواتفهم النقالة في أحيائهم.
وقال لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" قبل الحكم عليه بالسجن الأسبوع الماضي لمشاركته في تظاهرات سابقة مطالبة بالديمقراطية، "يمكننا اعتبار هونغ كونغ بأسرها فكتوريا بارك".
الفن
ويلجأ النشطاء كذلك إلى منصات التواصل الاجتماعي، إذ دعا الفنان باك شيون الأهالي إلى كتابة الرقمين "ستة وأربعة"، اللذان يمثلان تاريخ الرابع من يونيو، على مفاتيح الكهرباء، لحفظ ذكرى تيانامين كلما أضاؤوا النور. وكتب باك على "فيسبوك"، "حافظوا على الحقيقة وارفضوا النسيان".
ونشر المصمم تشان كاهينغ فكرة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، وطبع مستطيلاً أسود اللون بمقياس" ستة على أربعة" فوق بيضاء، ودعا آخرين لنسخ التصميم.
وقالت عضو مجلس المدينة، ديبي تشان، إنها تعتزم إحياء الذكرى بجلسة قراءة شعر مع أهالي حيها.
وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية، "لطالما كان إحياء الرابع من يونيو جزءاً من الحراك الديمقراطي لهونغ كونغ". وأضافت، "إنها من أكثر الأحداث التي طبعت حركتنا، وإذا استسلمنا الآن فستقترب الخطوط الحمراء أكثر في المستقبل".