لا يمر يوم واحد، كما تقول سونبي، اللاعبة المحترفة البارزة في ألعاب الفيديو، من دون أن يرسل لها رجل لا تعرفه صورة عضوه الذكري أو يطلب إذنها لكي يرسلها إليها.
وغالباً ما تتضمن الإساءات التي تواجهها عنفاً لفظياً. "واجهت مضايقات عبر الإنترنت من أشخاص قالوا إنهم سوف يقتلونني ويقتلون عائلتي ما لم أعرهم انتباهاً".
للأسف، لا تشكل الإساءات الجنسية والتهديدات المخيفة التي تتعرض لها سونبي حالة فريدة من نوعها. فغالباً ما تعاني النساء في عالم الاحتراف في لعب الألعاب الإلكترونية من المضايقات الجنسية والإساءات العنيفة وفي بعض الأحيان حتى، من التهديدات الواضحة بالاغتصاب والقتل من قبل اللاعبين الذكور.
وجدت دراسة حصلت عليها "اندبندنت" حصراً أن الإساءات التي تحصل في عالم الألعاب الإلكترونية الذي يهيمن عليه الرجال قد تنتقل في أغلب الأحيان إلى منصات التواصل الاجتماعي أو تتحول حتى إلى ملاحقة ومضايقات على أرض الواقع.
واكتشفت الدراسة التي أجراها الصندوق الائتماني لتثقيف اللاعبين والمقامرين الصغار أن نحو 35 في المئة من النساء قلن إنهن تلقين محتوى أو رسائل غير لائقة من اللاعبين الآخرين. وتعرضت 28 في المئة من اللاعبات تقريباً لمضايقات جنسية من زملائهن، فيما واجهت 40 في المئة منهن إساءات لفظية من اللاعبين أثناء المشاركة في الألعاب الجماعية عبر الإنترنت.
وقالت ثلاث من كل عشر لاعبات تقريباً إنهن استثنين من المشاركة في الألعاب على أساس الجنس، فيما أعربت أغلبية اللاعبين من بين ألفي لاعب ولاعبة شملهم استطلاع آراء المنظمة الخيرية عن عدم اعتقادهم بأن الجهد المبذول في التصدي لهذا السلوك السام في عالم الألعاب الإلكترونية كاف.
وقالت سونبي التي تبث ممارستها اللعب على موقع الألعاب الشهير تويتش، إن اللاعبين يعلقون باستمرار على مظهرها عندما تلعب ألعاباً مثل فورتنايت أو كول أوف ديوتي- مضيفة أنها تتلقى كماً هائلاً من التعليقات حول عرقها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتردف قائلة "غالباً ما يتم تصويري على نحو جنسي. ويقولون لي 'عليك إنشاء حساب على موقع أونلي فانز (OnlyFans). لا يقولون ذلك للرجال. ثم يقولون 'آه إنها غريبة جداً'. يدققون في كل شيء باستمرار. مظهري، والطريقة التي أفرد بها رجلي. أنا أحاول ببساطة أن أعيش من دون أن يقال لي دائماً إنه علي التمثيل في أفلام جنسية إباحية. يقولون لي إنني مصدرإيحاءات جنسية كثيرة، وإنني لا أجلس أو أقف بطريقة لائقة".
وشرحت سونبي التي تسكن في منطقة ميدلاندز وسط إنجلترا أنها غالباً ما تكتشف أن أحدهم حمل مقاطع مصورة لها وهي تجلس فقط وتلعب فيما ترتدي كامل ثيابها على موقع بورن هاب الإباحي من دون إذنها.
وتذكر "نشرت على مدونتي الإلكترونية كيف ذهبت إلى النادي الرياضي ولعبت نينتندو فيما كنت أتمرن على آلة المشي، من أجل الترويج لحياة صحية أثناء ممارسة الألعاب الإلكترونية. اقتطعت فقرة من الفيديو وحملت على موقع بورن هاب. اضطررت للتواصل معهم وأزالوها. أصبح لدي من أتصل به هناك لكي أقول لهم 'هل يمكن أن تزيلوا المقطع رجاء؟' لأن ذلك يحدث مرتين شهرياً".
وشرحت سونبي التي لديها متابعون كثر على منصات التواصل الاجتماعي أنه إضافة إلى الحط من قدرها بلا هوادة، يقول لها الناس إنها "لاعبة مزيفة" يومياً وإنها لا تلعب فعلياً.
وتابعت سونبي التي تلعب الألعاب الإلكترونية منذ فترة طويلة جداً وباتت الآن تعتاش على مدخولها من اللعب "يقولون إنني ألعب من أجل الحصول على انتباه الرجال. ويقولون 'لا أعتقد أن هذه الفتاة تلعب الألعاب الإلكترونية'. أنا أشكل أقلية في عالم الألعاب الإلكترونية. أنا لاعبة من خليط عرقي".
وقالت إنها تلقت هذا الأسبوع رسالة من رجل يعرض عليها مبلغ ألف جنيه استرليني مقابل إرسالها له فيديو وهي عارية وتطلق الريح، فيما عرض عليها آخرون أن يدفعوا لها مقابل لقائها بهم.
وتضيف سونبي "أو يقولون لي 'إذا سمحت لي أن أرسل لك صورة عضوي الذكري، سأعطيك ألف جنيه'. أنا لست غرضاً يمكنكم شراؤه. اعتدت هذا الأمر لدرجة أنني أقول في سريرتي 'لا أبالي هذا هو الوضع'. لن أتخلى أبداً عن اللعب بسبب هذه المضايقات. وردود الفعل الإيجابية من متابعي هي سبب قيامي بذلك".
لكن التبعات المريعة لهكذا مضايقات في العالم الافتراضي قد تتخطى شاشة الحاسوب أو الهاتف وتتحول إلى خطر فعلي في عالم الواقع- وتذكرت سونبي في هذا الإطار قيام أحد اللاعبين بملاحقتها ومحاولته أن يكتشف مكان إقامتها.
وتشرح أن "اللعب على الإنترنت قد يؤدي إلى ضغوطات نفسية لهذه الأسباب. هذا ما يجعلني أشعر بقلة ثقة بنفسي أحياناً. أشكك كل الوقت في طريقة اختياري لملابسي. وأشعر أحياناً بالضغط وبأنني وصلت إلى أقصى طاقتي. قالت لي إحدى العلامات التجارية،أخيراً،إنني أشكل مخاطرة. لو اطلعت على محتوى صفحتي على إنستغرام، ليس فيه أي مخاطرة أو جرأة زائدة".
في فبراير (شباط)، عثر على إنغريد أوليفيرا بوينو دا سيلفا، البالغة من العمر 19 عاماً، مقتولةً في البرازيل ويزعم أن قاتلها هو لاعب من منافسيها.
وجدت شركة "برايتر"، التي تجري أبحاثاًعلى الأسواق وتقوم باستفتاءات سنوية حول اللاعبات المحترفات، أن 10 في المئة من اللاعبات بالمعدل قد تلقين تهديدات بالاغتصاب بين 2018 و2020.
وتخبر جاي آن لوبيز، مؤسسة مجموعة اللاعبات المحترفات السوداوات، "اندبندنت" أن اللاعبات يتحملن كثيراً من "النقد اللاذع" في العالم الافتراضي- ويرميهن الناس بـ"عبارات عنصرية ومتحيزة جنسياً".
وتضيف "أتلقى رسائل إلكترونية تستخدم كلمة عبدة، أو تدعوني قرداً أو عنصرية أو مستغلة للعنصرية من أجل إثارة المشاكل، أو تستخدم كثيراً من المقارنات بالغوريلا. باعتباري سيدة سوداء صاحبة بشرة غير داكنة كثيراً ولأنني نحيفة، لا أتعرض لبعض التصرفات السلبية التي توجه لكثير من أشكال الأجسام الأخرى. معظم النساء اللاتي أعرفهن تعرضن لنوع من التمييز الجنسي أو تلقين تعليقات جنسية في إطار الألعاب الإلكترونية".
وقالت السيدة لوبيز التي أسست فريق اللعب الذي يحظى بشعبية في عام 2015 إن اللاعبين الرجال قالوا لها إن "مكان النساء في المطبخ" وطالبوها بتحضير شطائر لهم.
الصيف الماضي، كشف أكثر من 70 شخصاً في قطاع الألعاب الإلكترونية- معظمهم من النساء- عن مزاعم تعرضهم للتمييز الجنسي والمضايقة على أساس الجنس والاعتداء الجنسي عبر "تويتش"و"تويتر" وغيرهما من منصات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، قالت مولي باركر، الطالبة البالغة من العمر 21 عاماً التي تعيش في لندن إنها لم تلعب أي لعبة على الإنترنت منذ سنوات بعد تعرضها للإساءات من الرجال عندما كانت أصغر سناً.
وتضيف الآنسة باركر التي تتخصص في علم النفس وعلم الأعصاب الإدراكي والسريري في جامعة رويال هولواي "لا يستحق الأمر اللعب عبر الإنترنت. إن شعر رجل بأن امرأة تتفوق عليه في لعبة، سوف يضايقها على الأرجح. كما يرجح أن يقوم اللاعبون من المستوى المتوسط أو أدنى بالإساءة".
وقالت إنها عندما بثت فيديو لها وهي تلعب عبر "تويتش" تلقت رسائل من رجال يطلبون شراء صورها العارية، وعندما عبرت عن رأيها بشأن اللعب على تويتر، أجابها البعض 'اخرسي أو سأؤذيك'.
وتختم بالقول "كان السبب فقط أنني صاحبة رأي في لعبة فيديو إلكترونية. من المفترض أن تكون الألعاب الالكترونية ملاذاً [آمناً]. لا يتعلق هذا اللعب بالتفكير في الأمور. لكنه يتيح للناس أن يسيئوا للآخرين بسرية. يجعلهم يتحلون بالجرأة. ويعطي الناس منصة هويتهم عليها مجهولة لكي يبثوا سمومهم".
© The Independent