بدأت دول الخليج الثلاث: (السعودية والإمارات والكويت) في تنفيذ تعهداتها المالية تجاه دعم البحرين في أزمتها المالية بتوفير 50% من احتياجات المملكة حتى 2022.
وتسلَّمت البحرين الدفعة الأولى بقيمة 2.29 مليار دولار من الدعم المالي الخليجي المقدر إجماليه بنحو 10 مليارات دولار، التي تم التوقيع عليها في أكتوبر (تشرين الأول) 2018.
وتعد البحرين أقل دول الخليج استفادة من تحسُّن أسعار النفط العالمية، لأنها الأقل في إنتاج الخام، إذ تنتج 200 ألف برميل يومياً، وتعوّل على الدعم المالي الخليجي مؤقتاً للتخلص من العجز خلال 3 سنوات، والوصول إلى التوازن المطلوب.
التوازن بين الإيرادات والمصروفات الحكومية
وقالت وزارة المالية والاقتصاد الوطني بالبحرين، إن ذلك "يأتي في إطار الترتيبات الإطارية للتعاون المالي، بين حكومات السعودية والإمارات والكويت مع الحكومة البحرينية، الذي جاء دعماً لتعزيز استقرار المالية العامة بالمملكة ومواصلة تحفيز النمو الاقتصادي والتنمية".
وذكرت الوزارة، في بيان، أن "استلام الدفعة الأولى من مبلغ المساهمة جاء بحسب الجدول الزمني للدفعات المقررة ضمن الترتيبات الإطارية"، متوقعة أن "تستلم الدفعة الثانية من المبلغ الذي يصل إلى 2.276 مليار دولار خلال العام الجاري".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفادت الوزارة، أن "الدعم المالي سيسهم في تمكين المملكة من تمويل العجوزات في الموازنة العامة، والإيفاء بمستحقات الدين العام، مع الاستمرار في تنفيذ خططها لتعزيز النمو الاقتصادي ومواصلة تنفيذ مبادرات التوازن المالي، الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات الحكومية بحلول عام 2022".
وحددت الوزارة الجدول الزمني المتفق عليه، الذي ستحصل فيه على الدفعات المتبقية، إذ تتوقع الدفعة الثالثة في العام المقبل بقيمة 1.76 مليار دولار، ثم 1.84 مليار دولار بالعام 2021، أمَّا في عام 2022 فستستلم نحو 1.421 مليار دولار، وأخيراً 650 مليون دولار في عام 2023.
وأوضحت الوزارة، أن "التوقعات المالية تشير إلى تقليص العجز في الميزانية بشكل سنوي على المدى المتوسط، إذ انخفضت نسبة العجز من الناتج المحلي في 2018 بــ6.2%".
برنامج إصلاح مالي
ويعلق وزير المالية البحريني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، على أن "تنفيذ مبادرات برنامج التوازن المالي أسهم في انخفاض العجز في الميزانية بأكثر من الثلث مع الإبقاء على نمو قوي في الناتج المحلي الإجمالي السنوي، واستمرار سعي المملكة والتزامها نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام".
وتصل الاحتياجات التمويلية للبحرين حتى عام 2022 نحو 20 مليار دولار، وتسهم الترتيبات الإطارية مع دول الخليج في تغطية 50% من هذه الاحتياج.
وتعهدت المنامة بتنفيذ برنامج إصلاح مالي يتضمن تقليص النفقات الحكومية، وتعزيز الإيرادات عبر اتخاذ عدد من الإجراءات تشمل خفض دعم الكهرباء تدريجياً مع مراعاة القطاع المنزلي للمواطن في مسكنه الأول، ومراجعة رسوم الخدمات الحكومية المقدمة، فضلاً عن إقرار ضريبة القيمة المضافة الخليجية.
يأتي الدعم المالي الخليجي للبحرين، لتعزيز استقرار المالية العامة في المملكة، وتحفيز النمو الاقتصادي والتنمية، بالتزامن مع تباطؤ اقتصادي وارتفاع في المديونية.
عودة إلى سوق السندات العالمية
يتزامن هذا الإعلان مع استعدادات البحرين للعودة إلى سوق السندات العالمية، بعدما التقت مستثمرين لمناقشة إصدار دين جديد محتمل هذا العام في خطوة ستكون الأولى من نوعها منذ الإنقاذ المالي الخليجي.
وأضحت سندات البحرين من بين الأعلى ربحية في الخليج منذ إعلان الإنقاذ في العام الماضي، إذ تقدم للمستثمرين عوائد دين لدولة مُصنفة عالية المخاطر، لكن دون خطر التخلف الوشيك عن السداد، نظراً إلى الدعم المقدم من جيرانها الأكثر ثراءً.
طوق نجاة
وقال فهد بن جمعة، الاقتصادي السعودي وعضو مجلس الشورى، إن "البحرين تحتاج إلى دعم نحو 10 مليارات دولار على الأقل على مدى العامين المقبلين لسداد ديونها فقط"، مؤكداً أن "الدول الثلاث لن تترد في تقديم المساعدات الإضافية إلى المملكة في حال حاجتها، وسيستمر حتى تحقق البحرين التوازن المالي وتحقق أهداف التنمية الاقتصادية".
وأضاف جمعة، في اتصال هاتفي مع "اندبندنت عربية"، أن "الدعم الاقتصادي الذي تقدمه السعودية والإمارات والكويت لمملكة البحرين، من شأنه تعزيز الوحدة واللحمة بين بلدان دول مجلس التعاون الخليجي".
وأوضح الاقتصادي السعودي، أن "المساهمة من الدول الشقيقة تمثل طوق نجاة ودعماً للوضع المالي البحريني، الذي يعاني العجز في الميزانية بنحو غير مسبوق، لا سيما في ظل محاولتها الوصول إلى التوازن المالي في 2022، وهذا من الصعب في ظل عدم وجود دعم خليجي، خصوصاً أن الاحتياطي الأجنبي منخفض جداً، ولا يتماشى مع الظروف الاقتصادية وخطة تحسين الوضع الاقتصادي".
وتابع جمعة، "تقديم الدعم سيكون له أثر اقتصادي إيجابي على الاقتصاد البحريني، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على بقية الدول الخليجية، وبالتالي لا بد أن يقدموا الدعم لها فأمن واستقرار واقتصاد البحرين مهم وخصوصا للسعودية والإمارات والكويت".
مزيد من الإصلاحات الهيكلية
وطالب صندوق النقد الدولي، الثلاثاء الماضي، البحرين بمزيد من "الإصلاحات الهيكلية لدعم تنويع الاقتصاد وتعزيز النمو الاحتوائي بقيادة القطاع الخاص"، مؤكداً "أهمية خطط البحرين المعلنة مؤخراً لزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال، وزيادة مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد".
وقال النقد الدولي، في تقرير عقب مراجعة المادة الرابعة مع مسؤولي البحرين، إن "انخفاض أسعار النفط في عام 2014، أدى إلى زيادة الاختلالات المالية في البحرين، وضعف الاقتصاد الكلي بها، مما اضطر المملكة إلى إعلان برنامج (برنامج التوازن المالي) لمواجهة تلك التحديات على المدى المتوسط في 2018"، لافتا إلى "الدعم الخليجي المقدر بـ10 مليارات أسهم في خفض معدلات الاقتراض".
ودعا الصندوق إلى "وضع خطة أنشط للخصخصة وقانون شامل للشراكة بين القطاعين العام والخاص، من أجل توفير حافز أكبر لاستثمارات القطاع الخاص، إضافة إلى إجراء إصلاحات موجهة في قطاع التعليم وسوق العمل".
وحول ربط سعر الصرف في البحرين بالدولار، ذكر تقرير الصندوق، أن "الربط ساعد البحرين في الوصول إلى معدل تضخم منخفض ومستقر، إلا أن التخلي التدريجي عن إقراض الحكومة من البنك المركزي واستمرار الضبط المالي سيكونان أداتين أساسيتين في دعم سعر الصرف، وسط حاجة ملحة نحو إعادة بناء الاحتياطيات الدولية وسط الضغوط الواقعة على القطاع الخارجي".
وحذَّر الصندوق من 3 عوامل تواجه برنامج الإصلاح الاقتصادي لمملكة البحرين، تتضمن "احتمالية تأخر خطوات الضبط المالي في الدولة العربية، والتضييق الحاد لأوضاع التمويل العالمية، وانخفاض أسعار النفط".
وأشار إلى أن "معدل نمو في البحرين تراجع إلى 1.8% بعام 2018، بسبب انخفاض إنتاج النفط وتباطؤ النشاط في قطاعات التجزئة والضيافة والخدمات المالية، مع انخفاض العجز الكلي إلى 11.7% من إجمالي الناتج المحلي، فيما ارتفع الدين العام إلى 93% في نهاية العام الماضي، وسط احتياجات تمويلية كلية تتجاوز 30% من إجمالي الناتج المحلي".
وتملك البحرين حالياً حقلاً واحداً للنفط، مع احتياطات من النفط الخام تقدر بمئات ملايين البراميل، وتنتج من حقلها الوحيد 50 ألف برميل يومياً، كما تنتج 150 ألف برميل إضافي من حقل أبو سعفة، الذي تشترك فيه مع السعودية لتلبية معظم حاجاتها النفطية.