أثار اعتقال الأمينة العامة لحزب العمال الجزائري لويزة حنون، في قضية قال بيان المحكمة العسكرية إنها تتصل بالتحقيق مع السعيد بوتفليقة والجنرال محمد مدين (توفيق) والجنرال بشير طرطاق (عثمان)، مواقف مندِدة، رأت في ذلك "بدايةً لسلسلة اعتقالات لأصحاب الرأي السياسي"، في حين فضّلت أحزاب معارِضة "الصمت" لحين صدور توضيحات من وكيل الجمهورية العسكري، ما عرّضها إلى اتهامات بـ"التواطؤ مع حكم العسكر".
المسيرة 12
تسللت شعارات جديدة إلى المسيرات الشعبية رقم 12، في العاصمة الجزائرية ومحافظات عدة، ورفع متظاهرون شعار "جمهورية وليست ثكنة" في انتقاد لبعض خطوات المؤسسة العسكرية، لا سيما بعد سجن لويزة حنون، التي أثار استدعاؤها وحبسها على ذمة التحقيق في قضية "تآمر على الجيش والدولة" ردود فعل غاضبة، لكن الشعارات التي طغت على المسيرات، كانت تلك الرافضة لإجراء الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو (تموز) المقبل، والمطالبة باستقالة رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
"انحراف خطير"
"حزب العمال" وصف سجن أمينته العامة لويزة حنون، من قبل المحكمة العسكرية، بـ"الانحراف الخطير"، مضيفاً في بيان أن "كل الجزائريين يعرفون أن حزب العمال ناضل منذ تأسيسه سنة 1990، من أجل ظهور الديمقراطية الحقيقية والسيادة الشعبية، ولم ينحرف مطلقاً عن هذا المبدأ التوجيهي لسياسته". وتابع أنه لهذا السبب وقف حزب العمال "ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة، وقرر نوابه أن يقدموا استقالة جماعية من المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، وتحدث ضد كل المناورات للالتفاف على الثورة الشعبية التي تطالب برحيل النظام". ولمّح الحزب إلى احتمال سجن حنون "بسبب موقف سياسي" لأنها انتقدت انتقال السلطة المزعوم عبر الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو (تموز) المقبل. كما دعا حزب العمال "كل الجزائريين وكل الذين يشاركون مواقفه أو لا يشاركونه، إلى معارضة هذا العمل المناهض للديمقراطية الموجه ضد ثورة 22 فبراير (شباط)".
سجن أصحاب الرأي
وقالت زبيدة عسول رئيسة "حزب الإتحاد من أجل التغيير والرقي"، تعليقاً على حبس حنون في سجن مدني بمحافظة البليدة (50 كيلومتراً جنوب العاصمة) بعد مثولها أمام قاضي التحقيق العسكري، "شيء محزن ولا ينبئ بالخير أن تمثل رئيسة حزب العمال أمام المحكمة العسكرية وتودع الحبس المؤقت". وطالبت عسول، وكيل الجمهورية العسكري، أن "يوضح محتوى التهم الموجهة إليها في ظل العدالة المستقلة".
كذلك اعتبرت "حركة مواطنة" التي نشأت قبل سنة تقريباً لمناهضة الترشح المحتمل يومها للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، أن "سجن السيدة لويزة حنون انزلاق خطير... حركة مواطنة تعبر عن قلقها الشديد بشأن هذا الوضع". واستدعيت حنون الخميس، إلى المحكمة العسكرية كـ"شاهد" في إطار استكمال التحقيق في ملف "السعيد" و"توفيق" و"عثمان"، ثم غادرت في موكب للدرك الجزائري، إلى سجن البليدة المدني الواقع على بُعد نحو خمسة كيلومترات. وذكر بيان رسمي أن وكيل الجمهورية العسكري، استدعى حنون "للاستماع إليها بخصوص وقائع في إطار مواصلة التحقيق في الملف المفتوح ضد كل من السعيد بوتفليقة ومحمد مدين (الجنرال توفيق) وعثمان طرطاق (الجنرال بشير طرطاق)" بتهمتَي المساس بسلطة الجيش والتآمر ضد سلطة الدولة.
"بداية الديكتاتورية"
على نحو مماثل، أدان حزبا "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" اعتقال حنون. ورأت "جبهة القوى الاشتراكية" أنه "لا يوجد مبرر لهذا العمل التعسفي والمسيء... يأتي هذا الاعتقال في وقت تدخل غالبية الجزائريات والجزائريين في الشهر الثالث من الاحتجاج والتظاهر السلمي للمطالبة بالفتح الحقيقي للمجال السياسي والإعلامي، وبناء دولة القانون، وهو شرط ضروري لبناء عدالة مستقلة وحرة".
وتابع بيان وقعه السكرتير الأول للحزب، حكيم بلعسل أن "دولة ديمقراطية تضع حداً لاستخدام العدالة والهيئات المكونة للأمة، لأغراض تسوية الحسابات الغامضة وانتهاك الحقوق الأساسية، وهي حرية التعبير والحق في الممارسة السياسية، حقان غير قابلان للمصادرة، يكفلهما ويضمنهما الدستور الجزائري".
كما طالبت "جبهة القوى الاشتراكية" بـ "الإفراج الفوري عن الأمينة العامة لحزب العمال"، مديناً بشدة "هذا العنف الجديد للسلطة الحقيقية في الجزائر، التي تهدف إلى الوصول وتنفيذ جدولها السياسي، من خلال قمع أي صوت معارض، وتجاهل الثورة الشعبية".
أما حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، فندد في بيان بـ "ملامح انقلاب عسكري تبرز يوماً بعد يوم عن طريق التحكم العسكري في القرار السياسي وتفعيل العدالة بالأوامر".
وقال رئيس الحزب محسن بلعباس "كتبت منذ البداية أنه بدلاً من المرحلة الانتقالية، أرغمونا على مرحلة تضليلية بعدالة استعراضية، انتقائية وانتقامية. البلدان لا تسير كالثكنات التي لا مكان فيها للنقاش والنقد أو حتى التفكير المستقل. فرض نظام الثكنات في الحياة الاجتماعية يؤدي إلى الاستبداد".