تعمل بروكسل على التغلب على معارضة ثلاث دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي للاتفاق الدولي لإعادة كتابة قواعد ضرائب الشركات، حيث تجادل المجر وإستونيا بأن الاقتراح قد يخالف قانون الاتحاد الأوروبي. ومن المرجح أن يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى دعم بالإجماع من قبل الدول الأعضاء، قبل أن يتمكن من تبني اقتراح إعادة كتابة القواعد الضريبية العالمية للشركات التي وافقت عليها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأسبوع الماضي. لكن إيرلندا والمجر وإستونيا رفضت حتى الآن التوقيع على الاتفاق، مما أدى إلى صدام داخلي.
وتدور نقطة الخلاف الرئيسة، وليس الوحيدة، حول معدل الضريبة الأدنى الذي اقترحته منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بنسبة 15 في المئة.
وقالت إيرلندا إنها "ملتزمة بالعملية" وتريد أن تجد نتيجة يمكن أن تدعمها دبلن، لكنها أعربت عن تحفظات بشأن اقتراح حد أدنى لمعدل الضريبة الفعال العالمي بنسبة 15 في المئة على الأقل. وقالت المجر أيضاً إن الحد الأدنى من شأنه أن "يعيق النمو الاقتصادي".
إضافة إلى ذلك، جادلت المجر وإستونيا بأن الاقتراح الحالي ينتهك قانون الاتحاد الأوروبي، لأنه يتطلب من البلدان التي توجد فيها الشركات الكبيرة تطبيق معدل الضريبة الأدنى على الشركات التابعة في الولايات الضريبية المنخفضة، وأن قاعدة الحد الأدنى للمعدل من شأنها أن تتعارض مع حكم صدر عام 2006 عن محكمة العدل الأوروبية بشأن شركة الحلويات كادبوري شويبس. وقال الحكم آنذاك إن تأسيس الشركات متعددة الجنسيات في أنظمة ضريبية منخفضة لا يشكل تجنباً للضرائب.
الركيزتان
وقالت هيلين باهبيل، نائبة الأمين العام للشؤون الضريبية في إستونيا، إن "حكم محكمة العدل الأوروبية بشأن كادبوري شويبس يظهر بوضوح تام أن هذه الأنواع من القواعد لا ينبغي أن توجد وفقاً للنظام القانوني الحالي".
وتشكل المعارضة داخل الاتحاد الأوروبي مواجهة بين الدول الأعضاء الأصغر والأكبر - وكلها بحاجة إلى الموافقة على مقترح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ليصبح قانون الاتحاد الأوروبي.
وتتكون اتفاقية منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي من عنصرين رئيسيين: حد أدنى لمعدل الضريبة الفعلي بنسبة 15 في المئة للشركات متعددة الجنسيات، والمعروف باسم الركيزة 2. والركيزة 1، التي من شأنها إعادة توزيع الأرباح التي حققتها أكبر 100 شركة على المواقع المحلية التي تحقق فيها مبيعاتها.
وأضافت باهبيل "أثارت دول الاتحاد الأوروبي الصغيرة أسئلة حول شرعية الركيزة 2 بموجب قانون الاتحاد الأوروبي".
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى كسب التأييد في الأشهر المقبلة، قبل الموعد المستهدف في أكتوبر (تشرين الأول) لاتفاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
معضلة الضريبة على الخدمات الرقمية
وقال دانييل جوتمان، الشريك في شركة المحاماة في "سي أم أس ليفيبيفري" لـ "فايننشال تايمز" إن "بروكسل ستحتاج إلى اقتراح تنظيمها بطريقة تتوافق مع القانون الأساسي للاتحاد بشأن حرية تأسيس الشركات". وأضاف "إذا كانت هناك قيود على هذا المبدأ، فإن الأسئلة التي سيتعين على اللجنة الإجابة عليها هي ما إذا كان ذلك مبرراً".
ومع ذلك، قال مسؤولون قريبون من المفاوضات إن تصميم الحد الأدنى للضريبة العالمية قد نوقش مع الإدارة القانونية للمفوضية الأوروبية، وهي واثقة من توافقه مع قانون الاتحاد الأوروبي.
كما أعربت بولندا عن تحفظات بشأن الاقتراح، بحجة أنه سيقوض النمو الاقتصادي. لكن وارسو دعمت الأسبوع الماضي اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وقال تاديوس كوسينسكي، وزير المالية البولندي، للصحيفة إن بلاده قررت دعم الصفقة بعد إدراج اقتطاع لأنشطة تجارية كبيرة، والتي كانت غائبة في وقت سابق في المفاوضات. وأضاف "يجب أن تكون لدينا أدوات [لتحفيز الأعمال التجارية على التواجد في بولندا] وأحد هذه الأدوات هو نظام الضرائب المحلي لدينا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف كوسينسكي "لست مهتماً بقدوم شركات من فرنسا أو ألمانيا إلى بولندا لبيع منتجاتهم مرة أخرى إلى فرنسا وألمانيا وتحويل الأرباح إلى بولندا". وتابع "لكنني أؤيد القدوم إلى بولندا لمساعدتنا في بناء قدراتنا الابتكارية والبيع في الأسواق المحلية، بالتالي يجب احتساب ذلك ضمن الحد الأدنى من الضرائب العالمية".
وفي حين تم التغلب على هذه العقبة الآن، على الأقل في حالة بولندا، هناك تعقيد آخر يتمثل في فرض ضريبة أوروبية مخططة على الخدمات الرقمية، التي تعارضها واشنطن، لأنها تستهدف إلى حد كبير شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى. ومن المتوقع أن تنشر بروكسل اقتراحها في وقت لاحق من هذا الشهر.
وكلف قادة الاتحاد الأوروبي المفوضية في يوليو (تموز) الماضي بوضع الضريبة التي سيُستخدم جزء منها لسداد القروض التي تم جمعها في إطار خطة التعافي من الجيل التالي للاتحاد الأوروبي التي تبلغ قيمتها 800 مليار يورو. ويحرص البرلمان الأوروبي بشكل خاص على إدخال مصادر جديدة للإيرادات المخصصة للمفوضية، مثل الضريبة الرقمية.
ضغوط أميركية
وكانت المحاولة السابقة للاتحاد الأوروبي لفرض ضريبة على التكنولوجيا عام 2019، قد تعثرت ولكن تم إحياء الفكرة عندما ألقت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عوائق أمام العملية الدولية.
وتقول المفوضية إن الضريبة الجديدة ستنطبق على مئات الشركات، معظمها أوروبية، وأنها ستكمل صفقة الضرائب العالمية بدلاً من الصدام معها.
لكن الاتحاد الأوروبي يواجه ضغوطاً من الولايات المتحدة لتأجيل الفكرة، بالنظر إلى أن اتفاقية ضريبة الشركات العالمية تهدف إلى أن تحل محل الضرائب الرقمية الوطنية. وقالت واشنطن في ورقة أرسلتها أخيراً إلى دبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي إن اقتراح الضريبة الآن يهدد "بإفشال" المفاوضات الضريبية بالكامل.
وقال باسكال سانت أمان، رئيس إدارة الضرائب في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، "هناك ديناميكية للمحادثات ونأمل بأن تنضم جميع الدول إلى الاتفاقية في نهاية المطاف".