يعد جنوب السودان الذي يحتفل بمرور عقد على استقلاله في التاسع من يوليو (تموز)، البلد الأحدث في العالم ومن بين الأفقر، إذ تشله حرب مدمرة حصدت أرواح عشرات الآلاف.
أعلن جنوب السودان استقلاله عن السودان في يوليو 2011 بعد استفتاء صوت نحو 99 في المئة من المشاركين فيه لصالح الانفصال.
وفي ما يلي لمحة عن أول عقد دام عاشته الدولة الأحدث في العالم وشهد حرباً أهلية أودت بحياة 380 ألف شخص.
قضايا شائكة عدة
في التاسع من يوليو، أعلن جنوب السودان استقلاله عن السودان بعد ست سنوات من الحكم الذاتي وعقدين من الحرب.
تولى الرئاسة سلفا كير وعين رياك مشار نائباً له. تزعم الخصمان المنتميان إلى قبيلتين مختلفتين "الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي قادت التحرك من أجل الاستقلال.
واستحوذ جنوب السودان على ثلاثة أرباع احتياطات النفط التابعة للسودان، بينما حافظت الخرطوم على سيطرتها على جميع أنابيب النفط ومنشآت التصدير.
وكانت من بين القضايا الشائكة مسألة ترسيم حدود جديدة ووضع مناطق متنازع عليها غنية بالنفط مثل أبيي.
بين مارس (آذار) ومايو (أيار)، دارت مواجهات بين البلدين على خلفية حق استغلال حقول النفط المحيطة ببلدة إهليلج الحدودية والواقعة ضمن أراضي السودان.
احتلت قوات جنوب السودان لمدة وجيزة المنطقة التي تساهم في نصف إنتاج الخام.
واندلع سجال بشأن تكاليف مرور خط النفط فيما صادر السودان ملايين البراميل من خام الجنوب.
توقف جنوب السودان عن الإنتاج في يناير (كانون الثاني) لأكثر من عام، متهماً الخرطوم بسرقة نفطه.
التصرف بـ"ديكتاتورية"
في 23 يوليو، أقال كير نائبه مشار وجميع وزراء الحكومة ونوابهم وعدداً من ضباط الشرطة. واتهمه مشار بالتصرف بـ"ديكتاتورية".
وبعد ليلة من القتال في العاصمة جوبا، أكد كير في 16 ديسمبر (كانون الأول) أن قواته أحبطت محاولة انقلاب نفذها مشار الذي نفى بدوره الأمر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اشتبكت وحدات عسكرية متخاصمة داخل الجيش في جوبا واتسع نطاق القتال ليتجاوز العاصمة، إذ غذته الخصومة بين قبيلة الدنكا التي يتحدر منها كير والنوير التي ينتمي إليها مشار.
أطلق ذلك العنان لمجازر متبادلة بين الطرفين تحولت إلى حرب استمرت ست سنوات.
في أغسطس (آب) 2015، وقع مشار وكير اتفاق سلام ينص على إعادة تعيين الأول نائباً للرئيس. وعاد إلى جوبا وتم تنصيبه في 26 أبريل (نيسان) 2016.
لكن اندلع القتال مجدداً بين أنصار الزعيمين في يوليو، ليهرب مشار من البلاد متهماً كير بالسعي لقتله.
اتفاق سلام جديد
في 20 يونيو (حزيران)، التقى كير ومشار للمرة الأولى منذ عامين.
في 12 سبتمبر (أيلول)، وقعا على اتفاق سلام جديد لإنهاء الحرب التي أودت بأكثر من 380 ألف شخص، وأدت إلى نزوح نحو أربعة ملايين.
مهد ذلك لتأسيس حكومة تتقاسم السلطة، أخيراً، في مارس 2020، ليتولى مشار مجدداً منصب نائب الرئيس.
لكن النزاع المسلح تواصل. ومددت الأمم المتحدة مهمة السلام مرات عدة كما الحظر على الأسلحة.
في يونيو 2020، اتفق كير ونائبه مشار على مسألة السيطرة على ولايات البلاد العشر، والتي كانت من أبرز النقاط الخلافية.
حذر تقرير للأمم المتحدة في أبريل من أن بطء تطبيق اتفاق السلام يعرض البلاد إلى خطر الانزلاق في "نزاع واسع النطاق".
في الثامن من مايو، وبعد تأجيل لأكثر من عام، أفسح كير المجال للنواب المعارضين للانضمام إلى برلمان جديد.
في 25 مايو، بدأت صياغة المسودة النهائية للدستور.
وما زالت قضايا أخرى واردة في اتفاق السلام، مثل تشكيل جيش وطني موحد، في انتظار حلها.
جوع شديد
وأدى تواصل العنف إلى جعل جنوب السودان من بين بلدان العالم الأكثر خطورة بالنسبة للعاملين في مجال الإغاثة، فيما قتل أربعة منهم الشهر الماضي.
ويعيش أربعة من كل خمسة من سكان جنوب السودان البالغ عددهم 11 مليوناً في "فقر تام"، وفق بيانات البنك الدولي لعام 2018.
ويواجه أكثر من 60 في المئة من السكان الجوع الشديد جراء تداعيات الحرب والجفاف والفيضانات.
وتفاقمت معاناتهم مع غزو متكرر لأسراب جراد الصحراء.
وتضع هذه الظروف جنوب السودان في المرتبة 185 من بين 189 دولة على مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.
يعاني جنوب السودان أيضاً من الفساد، بحسب منظمة الشفافية الدولية، التي تضعه في المرتبة 178 من 180 على مؤشرها.