تلقت الحكومات المتعاقبة في بريطانيا اتهاماً جديداً بإضاعة عقد من الزمن على محاولات فاشلة لإصلاح الرعاية الاجتماعية، بنظام ما زال "يعاني نقصاً مزمناً في التمويل"، وارتفاع نسبة الوظائف الشاغرة في إطاره بما يصل إلى 80 في المئة.
هذا الحكم الدامغ صدر عن "تحالف الرعاية والدعم" Care and Support Alliance، الذي يمثل 76 جمعية خيرية في البلاد، ويأتي بعد 10 أعوام من نشر "لجنة ديلنوت" Dilnot Commission (مستقلة أسستها حكومة ديفيد كاميرون الائتلافية في عام 2010 برئاسة الاقتصادي أندرو ديلنوت، وكلفت تقديم توصيات لإجراء تغييرات في مجال تمويل الرعاية والدعم في إنجلترا) مراجعتها لنظام الرعاية الاجتماعية، التي أوصت على أساسها السلطات البريطانية بإجراء سلسلة من الإصلاحات.
ووجهت هذه المنظمة أيضاً اللوم إلى السياسيين البريطانيين من الأحزاب الرئيسة الثلاثة في "ويستمنستر"، الذين قالت إنهم "وقفوا متفرجين"، على الرغم من وعودهم المتكررة - بلغ عددها تسعةً خلال ثلاث دورات انتخابية عامة أجريت في الأعوام العشرة الأخيرة - بإصلاح نظام الرعاية الاجتماعية وإعادة تمويله.
وكان بوريس جونسون قد تحدث أيضاً في أول خطاب له إلى الشعب البريطاني بعد توليه منصب رئيس الوزراء في عام 2019 خارج مقره في "10 دواننغ ستريت"، عن أن لديه "خطة إصلاحية واضحة" لحل هذه الأزمة، إلا أنه بعد سنتين لم يتقدم بأي اقتراح في هذا المجال.
وفيما وعدت الحكومة بتقديم مخطط إصلاحي قبل نهاية السنة الجارية 2021، رأى "تحالف الرعاية والدعم" أن "نظام الرعاية الاجتماعية ما زال حتى اليوم يعاني نقصاً مزمناً في التمويل، بحيث تجد معظم المجالس المحلية صعوبات في تلبية احتياجات مجتمعاتها".
ووفقاً لنتائج استطلاع أجرته المنظمة، أكدت أغلبية واضحة (83 في المئة) من الناس، أنها تريد من رئيس الوزراء أن يفي بالوعد الذي قطعه قبل نحو عامين بـ"إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية بشكل نهائي".
وأشارت المنظمة أيضاً إلى أنها منذ عامين 2012 و2013، كشفت عن بيانات تظهر أن الوظائف الشاغرة على مستوى القوى العاملة في مجال الرعاية الاجتماعية، قد "ارتفعت بنسبة 83 في المئة، مع إضافة نحو 45 ألف وظيفة أخرى الآن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كارولين أبراهامز، الرئيسة المشاركة للمنظمة ومديرة جمعية "إيج يو كي" Age UK (مؤسسة خيرية تعنى بالأشخاص المسنين) علقت على الموضوع قائلة: "في هذا الأسبوع الذي يصادف الذكرى السنوية العاشرة لتقرير (لجنة ديلنوت)، يؤسفنا للغاية أن نرى أن عقداً كاملاً من الزمن ذهب هدراً من دون إجراء تحسينات فعلية على نظام الرعاية الاجتماعية في البلاد، في وقت تبنت فيه دول كثيرة أخرى سياسات مالية ثابتة لإعادة بناء خدمات الرعاية الاجتماعية لديها وتحديثها."
وأشارت إلى تدني مستوى الرعاية الاجتماعية في كثير من النواحي على مدى الأعوام العشرة الماضية، وعزت ذلك، إلى حد كبير، إلى عدد اللقاحات الضخم التي يحتاج الموظفون لأخذها من أجل العمل في هذا المجال، "بحيث يستحيل الاستمرار في تقديم رعاية لائقة وموثوقة، إذا لم يتوافر عدد كافٍ من العاملين لتأدية مهامهم".
ودعت أبراهام في إطار حض الناس على التحرك، إلى الاتصال بنواب دائرتهم الانتخابية، وإبلاغهم أن المطلوب "أفعال لا وعود" واتخاذ "إجراءات فعلية" في شأن الرعاية الاجتماعية في عام 2021، وعدم الاكتفاء بإبداء مشاعر التعاطف أو تقديم الأعذار التي مللنا جميعاً من سماعها.
وحرصت الرئيسة المشاركة لـ"تحالف الرعاية والدعم" على الإشادة بـ"أداء العاملين في مجال الرعاية الاجتماعية الذي كان مبهراً طيلة فترة تفشي الوباء، وهم يستحقون التقدير والمكافأة على ما قاموا به".
وحضت "جمعية الحكومات المحلية" Local Government Association (LGA) هي الأخرى الحكومة البريطانية، على وضع جدول زمني خلال الأسبوعين المقبلين لخطة إصلاح القطاع، وذلك قبل أن يدخل البرلمان في عطلته الصيفية في الثاني والعشرين من يوليو (تموز) الجاري (حين يتوقف خلالها عن التشريع).
وستطرح المنظمة التي تمثل المجالس والسلطات المحلية في إنجلترا في مؤتمرها السنوي الذي يعقد الخميس هذا الطلب، مع التشديد على أن الرعاية الاجتماعية "يمكن أن تضطلع بدور رئيس في إعادة تعافي البلاد والخروج بشكل أفضل" من تداعيات وباء "كوفيد-19".
وقال ديفيد فوذيرغيل، رئيس مجلس إدارة السلامة والرفاهية في "جمعية الحكومات المحلية"، إنه "على الرغم من الالتزام اللافت والمساعي الحثيثة التي يبذلها جميع العاملين والمعنيين في مجال الرعاية الاجتماعية، ما زلنا ننتظر لمعرفة ما ستقدمه الحكومة في مقترحاتها المتعلقة بتوفير حل مستدام للتمويل على المدى الطويل، والرؤية التي ستتبناها في ما يتعلق بنظام الرعاية الاجتماعية والدعم بما يتماشى ومتطلبات القرن الحادي والعشرين".
© The Independent