تفاعلت الصحافة الأميركية مع حادثة تخريب أربع سفن قبالة ساحل إمارة الفجيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، على نحوٍ يحمل قراءة ذات أبعاد واضحة، تشير إلى أن التصعيد يوشك ان يندلع عنه مواجهة من نوع ما عسكرية كانت أو اقتصادية المضمون، بنحو يوجع مفاصل الحياة في إيران.
وقد تنضوي الحادثة تحت مضمون "معظم الحرائق من مستصغر الشرر" أو قد تكون حادثة التخريب هذه هي محاكاة لقصة مفرقعات الصغار وقصف الكبار.
وبعد بضعة أيام فقط من التراشق بالتصريحات بين الإدارة الأميركية وما نتج عن ردود الفعل والتصريحات العسكرية الإيرانية بأن التواجد العسكري الأميركي في المنطقة هو بمثابة أهداف للنيران الإيرانية، لا تهديد لأمن إيران القومي، يبدو ان الحدث في الشرق الأوسط آخذ طابعاً آخر، وأن مشاهده لا تطهى على نار هادئة.
عملية التخريب الأخيرة قالت عنها محطة "سي بي اس" الإخبارية بأنها عملية جاءت كردة فعل إيرانية لوقع التهديدات الأميركية، وأضافت أنه بعد المنع الأميركي لأي نشاط تجاري مع إيران عبر البحر في مطلع مايو (أيار) الحالي، وتشديد لغة العقوبات، يبدو أن هذه هي ردة الفعل الإيرانية ، أو مناورة حلفائها في المنطقة، إثر الموقف الأميركي المعلن، ولم تستبعد المحطة المواجهة العسكرية في ظل ظروف ملبدة بالترقب.
وعلقت صحيفة "واشنطن بوست" في عددها لهذا اليوم قائلةً بأن القوات الأميركية تلقت معلومات استخبارية بأن إيران تحاول ان تلحق الضرر بالقوات الأميركية المتمركزة في منطقة الخليج ومصالحها، وان ما حدث هو اول الرسائل التي تصدق ظن تلك المعلومات الاستخبارية.
فيما كتبت مجلة التايم بأن قوات البحرية الأميركية تطلق تحذيرات تفيد بأن هنالك ربما أعمالاً مشابهة قد تحدث في المستقبل المنظور، وان عملية التخريب هذه جاءت في اعقاب تصريحات متبادلة بين مسؤولين أميركيين وايرانيين بشأن الغاء الاتفاق النووي، وفرض عقوبات اقتصادية مغلظة وارسال قوات أميركية إضافية الى حيث ترسم ملامح مواجهة قد تكون وشيكة.
وكتبت صحيفة "ذي نيشن" ان جون بولتون وترامب يضعون الحرب مع إيران على بعد شعرة من القادح، حيث تتوقع الصحيفة بأن ما حدث في عام 2003 في العراق سيحدث وشيكاً مع تعنت إيران في حلحلة ملفات تهم الولايات المتحدة في المنطقة أهمها الاتفاق بشأن الملف النووي، والذي نسفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى جانب تدخل إيران في دول المنطقة وسلوكها.
أما نيورك تايمز فقد أوضحت في مقال نشر على موقعها الالكتروني للكاتبة فيفيان يي مفاد أن " العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية عميقة، لكن من غير المحتمل أن تزحزح إيران (عن مواقفها)"، في إشارة الى ان العقوبات الاقتصادية بحد ذاتها غير كافية لإنهاء المواجهة مع إيران، فإيران قد تترنح بالعقوبات الاقتصادية، لكنها لن تسقط أرضا الا بالعمل العسكري.
وفي مقال افتتاحي في صحيفة النيويوكر الأميركية قالت الكاتبة روبن رايت في مقالها " هل يثير الرئيس الأميركي ترامب حربًا أخرى؟" أن جون بولتون مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي أوعز بتحريك حاملة الطائرات Abraham Lincoln، والقاصفة B52، وليس من رؤية وزارة الدفاع الأميركية، وان ما حدث تم بوتيرة عاجلة ويحمل رسائل حرب واضحة.
ولم تستبعد محطة سي ان ان الإخبارية ربط العملية التخريبية التي تعرضت لها سفينان سعوديتان وثالثة إمارتية وأخرى نرويجية بالتصعيد الأميركي حيال طهران، وان كل ما نتج عن هذه الحادثة دلالة واضحة تنطوي تحت بند الرسائل المبكرة.
اما قناة فوكس نيوز المقربة من الحزب الجمهوري والقناة الأكثر تفاعلا مع سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقد نشرت على موقعها الالكتروني قصة تشير الى أن سلاح الجو الأميركي يرسل رسالة إلى إيران من خلال نشر صور لقاذفة أميركية عملاقة عُدت أول رسالة واضحة، لا سيما بعدما وصلت قوات سلاح الجو الأميركي إلى الشرق الأوسط "للدفاع عن القوات الأميركية ومصالحها في المنطقة".
وفي اتصال هاتفي أجرته صحيفة اندبندنت عربية بمركز جامعة جورج تاون للدراسات الاستراتيجية قال المحلل الاستراتيجي جيرالد هانرسون ان "ما تضمره الأيام أكبر مما نراه ونراقبه في المنطقة، وأذا لم تطرق المواجهة العسكرية أبواب إيران فإن إيران هي من ستطرق أبواب الآخرين لجلب ويلات الحرب".