تسبب الارتفاع الكبير في عدد العاملين في إمدادات الصناعات الغذائية ممن أُجبروا على عزل أنفسهم بسبب عدوى "كوفيد"، في نفاد رفوف محلات السوبر ماركت في المملكة المتحدة من السلع. وقد أثار ذلك موجةً من الذعر بين المتسوقين في مختلف أنحاء البلاد، بعد رؤية رفوف تلك المتاجر وثلاجاتها وقد أضحت فارغة.
هذا الارتفاع في عدد العمال الذين "نُبهوا" على هواتفهم المحمولة، من خلال تطبيق "الخدمات الصحية الوطنية لتتبع اتصال المصابين بعدوى "كوفيد- 19"" NHS Covid-19 App، انعكس سلباً على أداء المحلات والمتاجر، وأدى أيضاً إلى إلحاق ضرر كبير في القطاع، لأن العاملين فيه يُضطرون بعد تلقي الإخطار على هواتفهم إلى التزام منازلهم.
ويندرج الموظفون في شركات التوريد والإمداد، ومزارع الفواكه والخضروات، ومحلات السوبر ماركت، بين آلاف الأشخاص في بريطانيا الذين يتلقون "رسائل تنبيه"، حين اقترابهم من شخص مصاب بفيروس كورونا.
واستطراداً، نشر مئات من الأفراد المنتشرين في أماكن مختلفة ومتباعدة كإدنبره وديفون وهامبشير ولندن وليفربول، على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً تظهر نقصاً في أنواع معينة من السلع والبضائع داخل المتاجر.
وفي ذلك السياق، حذر أندرو أوبي من "اتحاد التجزئة البريطاني"British Retail Consortium ، من أن "عملية "التنبيه عبر التطبيق باحتمال الإصابة بالعدوى" (يشار إليها بمصطلح "بينجديمك" Pingdemic الذي يدمج مصطلحي "وباء" و"تنبيه إلكتروني")، تفرض مزيداً من الضغوط على قدرة تجار البيع بالتجزئة في الحفاظ على دوامات ساعات العمل، مع الإبقاء على رفوف محلاتهم ممتلئة".
ورأى أوبي أنه "يتعين على الحكومة أن تتحرك على وجه السرعة. وينبغي أن تسمح لعمال قطاع التجزئة والموردين الذين اضطلعوا بدور حيوي خلال فترة تفشي هذا الوباء، بأن يواصلوا عملهم، شرط أن يكونوا قد تلقوا جرعتي اللقاح، أو يبرزوا اختبار "كوفيد" يثبت عدم إصابتهم بالفيروس، وذلك بهدف ضمان ألا تقع بلبلة تحول دون تمكن الناس من الحصول على الغذاء والسلع الأخرى".
وأضاف، "مع ارتفاع عدد حالات الإصابة بالعدوى في مجتمعاتنا، يتزايد في المقابل عدد موظفي التجزئة الأصحاء الذين يتعين عليهم عزل أنفسهم على وجه السرعة، الأمر الذي يتسبب في تعطل دورة عمليات البيع بالتجزئة".
وحتى قبل ارتفاع عدد رسائل التنبيه عبر التطبيق، حذر مشرفون على قطاع المواد الغذائية من فقدان السلع في رفوف المتاجر، لأن تناقص عدد سائقي الشاحنات أدى أيضاً إلى تأخير تسليم محلات السوبر ماركت بضائعها. وفي سياق متصل، أكدت سلسلة "تيسكو" Tesco لمحلات السوبرماركت، أن النقص في عدد سائقي "المركبات ذات الحمولة الثقيلة"، أدى إلى إهدار نحو 48 طناً من الأغذية كل أسبوع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفعلياً، عاد عدد من السائقين الأوروبيين بصورة اضطرارية إلى بلدانهم الأصلية، بسبب الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي من جهة، وعمليات الإغلاق الثلاث على المستوى الوطني في المملكة المتحدة من جهة أخرى. ومنذ ذلك الحين، أصيب سائقون آخرون بفيروس كورونا، وتسببت الجائحة في حدوث تراكم كبير في اختبارات "كوفيد" التي يطلبها سائقو "المركبات ذات الحمولة الثقيلة".
في المقابل، أشار "اتحاد التجزئة البريطاني" إلى أن "تنبيهات التطبيق باحتمال الإصابة بالعدوى" مثلت مشكلةً أكبر بكثير من مسألة النقص في عدد السائقين خلال الأيام القليلة الأخيرة.
في ذلك الصدد، حضت المتاجر الكبرى المتسوقين على عدم الانسياق وراء الإحساس بالذعر، والتهافت على شراء السلع، فيما نشر بعض المتسوقين صور رفوف مملوءة بالبضائع، في إشارة إلى أن النقص في الإمدادات لم يطاول جميع المحلات والأمكنة.
وفيما أفادت بعض المتاجر عن أن موجة الحر في البلاد تسببت بتعطل ثلاجاتها وآلات تجميد المواد الغذائية، الأمر الذي حدا بها إلى تفريغها، اعتذرت سلسلة "ويتروز" Waitrose لمحلات السوبر ماركت عن "الاختيارات المحدودة" في السلع المعروضة لديها، بسبب "مشكلات التوريد على مستوى البلاد برمتها"، وفق تعبيرها.
في تطور متصل، وجه الوزراء المسؤولين عن قطاعات الأعمال رسالةً إلى كبار المصنعين في البلاد أكدوا لهم فيها أن موظفيهم ليسوا ملزمين من حيث القانون بعزل أنفسهم إذا ما تلقوا تنبيهات عبر التطبيق الإلكتروني.
وفي المقابل، تقدر هيئة "لوجيستيكس يو كي" Logistics UK التي تمثل مختلف قطاعات الخدمات اللوجيستية في المملكة المتحدة، خصوصاً تجار التجزئة ومحلات السوبر ماركت، وجود شغور بحوالى 90 ألف وظيفة بين صفوف سائقي "المركبات ذات الحمولة الثقيلة".
وفي ما يتعلق بموقف الحكومة البريطانية مما تقدم، ذكر ناطق باسمها، "إننا نعمل بشكل وثيق مع أرباب العمل، بهدف تحديد حاجتهم من الموظفين الضروريين في تسهيل أعمالهم. وهذا يعني أن الصناعات الرئيسة يمكنها مواصلة تقديم خدماتها للبلاد، في وقت نستمر فيه في التركيز على مهمتنا في منع انتشار فيروس كورونا".
وختم المتحدث الحكومي بالإشارة إلى "أن هذا لا يشكل استثناءً شاملاً لأي قطاع أو دور. ولسوف يُنظَر إلى أرباب العمل ممن لديهم عمال يؤدون مهمات حيوية محددة، ما يعني أن لديهم سبباً وجيهاً في الحضور إلى العمل، بهدف التواصل معهم من قِبَل الإدارات المتخصصة في الحكومة".
© The Independent