التحقت البحرين أخيراً بمنظومة مجلس التعاون الخليجي، التي جنحت دولها إلى السلم الإعلامي، بعد أن وجه عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة مساء الأحد إعلام بلاده ومواطنيه على وسائل التواصل الاجتماعي بمراعاة "اتفاق العلا" الذي دعا إلى التمسك بالروابط الاجتماعية والمصير المشترك بين دول المجموعة.
وأكد على هامش استقباله مسؤولين بحرينيين في المنامة "أهمية أن يتسم الخطاب الإعلامي عبر مختلف الوسائل بما فيه منصات التواصل الاجتماعي بما يمثل القيم المجتمعية والعادات والتقاليد النبيلة الجامعة التي ترسخ وحدة الهدف والمصير المشترك لأبناء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كافة وترسيخ الثقة والاحترام بين المواطنين في مجتمعنا الواحد، والابتعاد عن كل ما يخل بوحدة الهدف".
وكانت استجابة دول المجلس لتطبيق اتفاق العلا الذي أنهى الخلاف بينها في 2 يناير (كانون الثاني) الماضي، اختلفت درجات سرعة تفعيله في العلاقات الثنائية، إلا أن التراشق الإعلامي لم يعد قائماً كما كان، باستثناء البحرين وقطر اللتين ظلتا بين الحين والآخر تتبادلان التهم، مما يعتقد أن تصريحات الملك حمد الجديدة، التي نشرتها وكالة أنباء بلاده الرسمية، تهدف لوضع حد لها، ربما بعد تحرك أطراف الوساطة في قمة المجلس، ومن جانب الكويت بشكل خاص.
إلى ذلك ثمن الملك عمق العلاقات التاريخية الوطيدة القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي ومواطنيها في كافة المجالات، مشيراً إلى "ما تضمنه "بيان العلا" من تأكيد الأهداف السامية للنظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بتعزيز الترابط والتنسيق بين دول المجلس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى مضامين بيان العلا، ومن بينها التفاعل مع آمال مواطني دول المجموعة المعقودة بإعادة العمل المشترك بين دولهم إلى "مساره الطبيعي وتحقيق مزيد من التعاون والتكامل، وما يعزز وحدة الصف والتماسك بينها، والأواصر التاريخية للود والتآخي بين مواطني المجلس"، مؤكداً أهمية العمل بين دول المجموعة وصولاً إلى أهداف "بيان العلا" للحفاظ على الأمن والاستقرار وتحقيق كل ما يعود بالخير على دول المنطقة.
وبعد أسبوعين فقط من قمة "قاعة المرايا" أظهر خلاف بين المنامة والدوحة حول الاتفاق، شيئاً من بنوده، إذ كشف عبد اللطيف الزياني، وزير الخارجية البحريني، في لقاء مع لجنة برلمانية، عن عدم التزام الدوحة بأحد أبرز بنود الاتفاق، عندما قال "عقد اجتماعات ثنائية بين قطر ودول المقاطعة كل على حدة، بغرض التناقش حول نقاط الخلاف والوصول لنقطة التقاء حولها"، متهماً الدوحة بتعطيل هذا البند.
وأضاف الزياني "بناء على مقررات اتفاق العلا، بعثت وزارة الخارجية البحرينية برسالة خطية إلى وزير خارجية قطر، تضمنت دعوة لإرسال وفد رسمي إلى المملكة في أقرب وقت ممكن، لبدء المحادثات الثنائية حيال القضايا والمواضيع العالقة بين الجانبين ضمن سلسلة لقاءات مرتقبة في البلدين، لكننا وحتى تاريخه لم نتلقَ رداً أو جواباً في شأن ما ورد في الرسالة المذكورة".
ونوه الزياني إلى أن هذه الآلية الثنائية في الحوار هي السبيل نحو إنهاء الخلاف بشكل دائم، عبر "تشكيل لجان ثنائية"، وهو ما لم تلتزم به الدوحة، في حين ردت الدوحة غالباً بتوجيه انتقادات إعلامية مبطنة لجارتها البحرينية.
وفي وقت لم تعلق قطر حتى الآن على التهدئة التي انطلقت من المنامة، دعا ملك البحرين إلى التمسك بالثوابت "الجامعة للعمل المشترك بين دول المجلس في تعزيز اللحمة الخليجية وتعميق الروابط والصلات الوثيقة التي تحافظ على مكتسبات المسيرة التنموية المباركة لدول المجلس، وتجمع وتعزز التعاون ووحدة الدول في البناء نحو مستقبل واعد لجميع مواطني دول المجلس"، ولكن من دون أن يخص قطر أو أي دولة بالذكر.
وعلق رئيس جمعية الصحافيين البحرينيين عيسى الشايجي على الخطاب الملكي واعتبره توجيهاً "غاية في الأهمية، فهناك حاجة ملحة جداً من أجل ترشيد الخطاب الإعلامي عبر مختلف الوسائل بما فيها منصات التواصل الاجتماعي وتطويع التكنولوجيا في سبيل ترسيخ قيم الخير والتكافل والتآزر والتعاون وعملاً بروح المحبة والأخوة الحقة وعلى قاعدة الاحترام".
وتتهم البحرين جارتها قطر في السابق بافتعال المشكلات على أراضيها والتحريض على النظام في المنامة، ودعم العناصر المتمردة فيها إعلامياً، في خطوة تعتبرها قطر إجراء مهنياً من قناتها "الجزيرة"، لكن جرت العادة على أن تغض القناة الطرف عندما تسود الأجواء الإيجابية العلاقات، كما هي الحال الآن في تناولها الشأن المصري والسعودي، بعد أن شنت "الجزيرة" هجوماً من قبل على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لكن جميع ذلك جرى في سياق السجال الإعلامي وتبادل التهم بين قنوات دول الخليج التي كانت تقاطع قطر وهي السعودية والبحرين والإمارات إضافة إلى مصر، قبل أن تنهي قمة العلا في يناير الماضي الأزمة أو تخفف منها، في خطوة تاريخية، عرفت بـ" مصالحة العلا"، بعد أن استمر الخلاف نحو أربع سنوات.