يمكننا القول إن معرفة سارة فيرغسون بعلية القوم معرفة عميقة. دخلت دوقة يورك العائلة المالكة عروساً في عام 1986، ولا تزال واحدة من أكثر أعضاء الأسرة غير التقليديين، الأمر الذي يعد إنجازاً كبيراً. وقد أطلقت أخيراً أحدث مشروع لها، وهو رواية صادرة عن دار "ميلز أند بوون"، الشهيرة بكتبها الرومانسية المليئة بالشبق، التي غالباً ما تحمل النقاد الأدبيين الرفيعين على الترفع عن قراءتها. لكن لا يمكن بأي شكل من الأشكال وصف رواية "قلبها دليلها" Her Heart for a Compass بالضعيفة، إذ تمكنت من تحقيق كل المواصفات المتوقعة من الكتب الصادرة عن "ميلز أند بوون"، بينما تتحرر بهدوء من بعض الخواص الأسوأ لذلك النوع من الروايات.
هناك ندرة في المعلومات المتوفرة عن الشخصية التي ألهمت الكتاب، السيدة مارغريت مونتاغو دوغلاس سكوت -المعروفة اختصاراً بـ"ليدي أم"- وهو أمر استفادت منه تماماً فيرغسون والكاتبة المخضرمة في "ميلز أند بوون"، مارغريت كاي، التي شاركتها تأليف العمل. سيدرك القراء أن هناك الكثير من شخصية فيرغسون نفسها في بطلة الكتاب ذات الشعر الأحمر. إذ تهرب "ليدي أم" من زواج مدبّر من رجل تكرهه، وتتوجه أولاً إلى إيرلندا، حيث تؤلف كتباً للأطفال، ثم تتوجه إلى نيويورك حيث أصبحت صحافية وفاعلة خير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على مدار صفحاته الخمسمئة يتعثر الكتاب بشكل متوقع في بعض الأحيان، لكن الشخصية التي رسمتها فيرغسون محبوبة بما يكفي لتجعلكم ترغبون في مواصلة القراءة. هناك قدر مثير للإعجاب من التفاصيل التاريخية، رغم أنها تبدو في كثير من الأحيان أفكاراً مضافة في وقت لاحق أو مقحمة. هناك مرور سريع على شخصية المصور الفيكتوري جابيز هيوز، وكذلك رائدة التمريض الحديث فلورنس نايتنغيل. وجاءت بعض المقاطع، مثل تلك التي تتحدث عن متجر البضائع الجافة "أي تي ستيوارت" مصاغة بأسلوب كتابة الموسوعات، إذ ورد فيها "تمتلئ الأرضيات ومساحات العرض في متجر البضائع الجافة الرائع هذا المعروف باسم القصر الحديدي، بالضوء الآتي من النوافذ الضخمة والقبة الزجاجية المنتصبة فوق الردهة المركزية". وكانت المؤلفتان مشغولتين جداً باختلاق عقبات جديدة أمام "ليدي أم"، لدرجة أن عشاق روايات "ميلز أند بوون" قد يصابون بخيبة أمل بسبب غياب وجود أي "طائشة" في الحدوثة. على كل حال، هناك قبلة عابرة مع كاهن، ثم تمر فترة طويلة قبل أن تُتبادل قبلة ساخنة أمام شلال هادر.
تحمل "ليدي أم" بعض صفات شخصية "جو مارش" بطلة رواية "نساء صغيرات" Little Women بخاصة في تصميمها على "معرفة حقيقة نفسها" قبل الموافقة على الزواج، وكذلك في الأسئلة التي تثيرها حول الأعراف الاجتماعية. إنها لا تغرق في الحب بسهولة مثلما يحدث مع بطلات روايات "ميلز أند بوون" الأخرى، ولا تعبر عن أي رغبة في الخضوع لرجل أكبر سناً، كما يحدث عادة في هذا النوع الأدبي. هناك بعض التناقضات في أسلوب الكتابة، والتي تعود على الأرجح إلى وجود مؤلفتين أكثر من كونها ناجمة عن نقص خبرة فيرغسون. العنصر الذي يُحافظ عليه هو تطور شخصية "ليدي أم"- وتُستبدل تدريجياً بطبيعتها "المندفعة" أخرى أكثر نضجاً تمكّنها من التعامل مع مشاكلها بدلاً من الاكتفاء بالهروب منها. ليس كتاب "قلبها دليلها" عملاً مثيراً ومحفزاً لكنه ينجح في تحريك مشاعر دافئة في قلوب القراء.
صدر كتاب "قلبها دليلها" لسارة فيرغسون عن دار "ميلز أند بوون" و"هاربر كولينز"، ويتوفر بسعر 14.99 جنيه استرليني للنسخة.
© The Independent