انتشرت في المغرب منذ بداية شهر رمضان حملة بين الفتيات تهدف الى ارتداء بعض الأزياء التقليدية العريقة خصوصاً "الحايك" و"الجلباب" و"اللثام" (غطاء الوجه)، مع توالي الأيام شهدت الحملة انتشاراً حيث انتقلت من تطوان وسلا إلى مدن عدة أخرى. وباتت تُشاهَد شابات في الشوارع والساحات العامة، يصورن أنفسهن مع الإشارة الى اسم المدينة حيث يتواجدن، ثم ينشرنها على مواقع التواصل الاجتماعي.
بداية الفكرة
بدأ الأمر بأن أجرت إحدى فتيات مدينة تطوان (شمالي المغرب) جلسة تصوير بلباس "الحايك" ونشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومع تداول تلك الصور بين الفتيات على نطاق واسع، انطلقت حملة الرجوع الى الزي التقليدي التي لقيَت ترحيباً كبيراً من خلال التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، إذ اعتُبرت عودةً إلى الأصل واعتزازاً بالأصالة والعراقة المغربية. وحمل الانتشار الواسع للحملة بعض الشبان الى المشاركة بارتداء بعض الأزياء التقليدية والتجول بها في الشارع.
ووصلت عدوى الحملة إلى بعض الفنانات المغربيات اللواتي نشرن بدورهن صورهن بالزي التقليدي، وقالت الممثلة سناء عكرود "أحببت كثيرا تحدي الزي المغربي القديم لأنني استلهمت قصة فيلمي "عرس الديب" (ظهرت فيه بالجلباب واللثام) من فترة الخمسينات وأحداثها المثيرة، وما زلت أنهل من دفئ وتفرد تلك الفترة. وددت المشاركة في هذا التحدي الرائع، أعشق جلالبيب تلك الفترة، خُمرها (جمع خمار)، الحايك، النِّعال أو ما يسمى البلغة، الطربوش وغيرها من الأزياء المريحة التي وثقت لزمن دافئ وذوق رفيع".
تاريخ الحايك
ودافع بن عمارة عن أصل "الحايك" الأندلسي قائلاً "كما أن اعتبار عدم انتشار لباس "الحايك" أو "الملحفة" في المغرب كدليل على أصله العثماني، تدحضه حقيقة شيوعه (ولو بطريقة مختلفة عن باقي بلدان المغرب في الجزائر وتونس) في الشمال الغربي المغربي (شفشاون، تطوان)، وهي مدن بناها الأندلسيون ونقلوا إليها أنماط عيشهم في العمران واللباس والموسيقى، حتى غدت مدناً أندلسية وسط الأراضي المغربية، إلا أن قاعدة بياض الحايك يكسره استثناء لون السواد الذي يُميّز الحايك أو "الملاية" في مدن الشرق الجزائري كقسنطينة وميلة وغيرها".
محاربة الحايك
في المقابل، عمل الاستعمار الفرنسي لبلدان شمال افريقيا على محاربة الحايك في إطار طمس الهوية الثقافية لتلك البلدان ومساندة موجات التحرر التي جعلت اللباس التقليدي يتراجع عامة في تلك المجتمعات. ومع تحرر المرأة وخروجها إلى سوق العمل أصبح ذلك اللباس مقتصراً على القرى والبوادي وعند العجائز في بعض المدن العتيقة، لكنه لم يندثر نهائياً، إذ تتمسك به قرويات وسيدات في بعض مدن المغرب الكبير.
الرجوع الى الأصل
قامت حملة اللباس التقليدي بهدف تشجيع الشباب على عودة الى الأصول في مجال الأزياء التقليدية، وساعدت في انتشارها منصات التواصل الاجتماعي، حيث أُطلقت حملات على مواقع "فيسبوك" و"انستغرام" حملت عناوين مثل "الرجوع الى الأصل فضيلة" وتحدي "الحايك واللثام". وشجّعت غالبية واسعة من المعلقين الحملة واعتبروها اعتزازاً بالعراقة الثقافية والاجتماعية، فيما شكك البعض باستمرار تلك الحملة بعد شهر رمضان، قائلين إنها لا تعدو أن تكون موسمية فقط، وذلك لارتباطها بشهر الصيام الذي تضع فيه النساء اللواتي يرتدن المساجد لباساً محتشماً بشكل تلقائي.