في تطور درامي جديد لموجة الغضب التي اجتاحت الوسط الفني المصري وصناع السينما والدراما منذ ساعات عقب قرار محافظ القاهرة خالد عبد العال بإصدر رسوم جديدة بشأن تصوير الإعلانات والمشاهد في شوارع وأبنية وأنفاق المحافظة، أكد مصدر من غرفة صناعة السينما المصرية، "أن الاجتماع العاجل الذي عقده أعضاء الغرفة بسبب القرار أسفر عن رفع بيان رسمي وشكوى والمطالبة بإلغائه لوزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم لتصعيده بدورها إلى رئاسة الوزراء لاتخاذ اللازم". وقرر بعض صناع السينما وقف تصوير أعمالهم التي تتم حالياً لحين معرفة مصير القرار وهل سيتم إلغاؤه أم لا؟
وفي سياق التطورات، اجتمع نقيب الممثلين أشرف زكي مع محافظ القاهرة بحضور عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، مساء أمس، لمناقشة الأزمة وطرق الخروج منها، وأكد النقيب، "أن المحافظ سيعيد تقييم قيمة الرسوم المعلنة بما يتفق مع طبيعة العمل، مع إعلان دعمه الكامل للسينما والدراما، وأن المحافظة ستقر رسوماً قيمتها مناسبة". وأشار زكي، "لسنا معترضين على الدفع لكن بما لا يعيق العملية الإنتاجية، فالأعمال الدرامية تلعب دوراً في الترويج للبلاد".
البداية
حالة الجدل بدأت بعد قرار محافظ القاهرة، أمس الأربعاء، الذي نصّ على تحصيل 15 ألف جنيه (ما يعادل ألف دولار) مقابل التصوير في شوارع المحافظة لمدة ساعة، و100 ألف جنيه (6.3 ألف دولار) مقابل التصوير في يوم كامل.
وذكر مصدر في المحافظة لـ"اندبندنت عربية"، "أن هذا القرار ليس جديداً بل يتم تنفيذه منذ نحو 10 سنوات، وسبب التأكيد عليه مجدداً هو وجود تجاوزات من قبل بعض الأحياء بالمغالاة أو إهدار حق الدولة، ما دفع المحافظة إلى إصدار قرار رسمي ليكون وثيقة يتم اللجوء إليها". من جانبه، أكد سيد فتحي، مدير غرفة صناعة السينما في تصريحات خاصة، "أنه سيتم عقد اجتماع طارئ في مقر الغرفة لمناقشة القرار". ورفض معظم صناع الفن في مصر القرار ونددوا به لعرقلته صناعة الفن والسينما تحديداً واضطرار البعض للتصوير خارج مصر بدلاً من دفع كل هذه التكاليف. وأشار آخرون إلى أن العاملين في الأفلام العالمية التي تقع أجزاء من أحداثها في مصر يضطرون بسبب العراقيل للسفر إلى المغرب أو الأردن لبناء أماكن تشبه مصر، وتحرم البلاد من فرص الاستفادة من ذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قرار غير موفق
وقال المنتج محمد العدل، "إن القرار ليس في صالح السينما ولا الفن، إذ سيزيد ميزانيات الأعمال بصورة فاحشة في الوقت الذي يعاني فيه المنتجون مخاطر التصوير بسبب ظروف كورونا واحتمالية عدم عرض أعمالهم". وأضاف "هناك مخاطر من كل الأنواع، فكيف نزيدها بقرار يعني أنني أحتاج إلى 2 مليون جنيه (نحو 127 ألف دولار) إذا أردت التصوير 20 يوماً خارجياً في شوارع القاهرة؟ أرجو التراجع عن القرار".
إحباط للصناعة
وأوضح المنتج والمخرج مجدي الهواري، أن "القرار محبط وضد الصناعة ويرجعنا إلى الوراء كثيراً. وفي الوقت الذي تقدم فيه تسهيلات من كل نوع للسينمائيين وصناع الفن في العالم للتصوير في البلاد العربية، نواجه نحن أزمة تزهق روح الفن بكثرة التفاصيل والرسوم".
من جانبه، قال المخرج شريف مندور، عضو غرفة صناعة السينما، إن "القرار يسهم في ذبح الصناعة. وهو نوع من العبث وكأن هناك من لا يريد للسينما الحياة، بخاصة أن الأفلام هي الوسيلة الوحيدة للتعرف إلى الشوارع في العصور المختلفة وتأكيد الهوية أمام كل الأجيال، فكيف نحرمهم من ذلك؟"، مشيراً إلى "أن قراراً سابقاً منع التصوير في المطار بعد رفع رسومه". وأكد أن المحافظة لم تتواصل مع المعنيين في غرفة صناعة السينما بشأن تحديد أسعار التصوير في الشوارع أو الأماكن التابعة لها.
قرار غير مدروس
ووصف المنتج غابي خوري القرار بـ"العشوائي وغير المدروس بالمرة، وسيضر صناعة السينما على الصعيدين المحلي والدولي، بخاصة أنه يعرقل عمل المنتجين ويزيد الحمل عليهم". وأضاف "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحدث أخيراً عن تشجيع الإبداع، وأنه أهم سلاح يمكن عبره مواجهة تغيير الهوية، فكيف نحاربه بعرقلة تصوير الأعمال الفنية؟ ومن المقصود بالقرار؟".
وطالب المخرج أمير رمسيس محافظ القاهرة بالتراجع عن القرار، مشيرا إلى أهمية أعمال فنية على شاكلة "(حياة أو موت) لكمال الشيخ، و(أحلام هند وكاميليا) لمحمد خان، و(البحث عن سيد مرزوق) لداود عبد السيد و(القاهرة منورة بأهلها) ليوسف شاهين، وكافة أعمال جيل الواقعية الجديدة في السينما المصرية، التي حاربت تياراً سائداً وصنعت قصائد في حب مدينة القاهرة". وتابع "إذا لم يسحب القرار، سيتذكر تاريخ السينما المصرية للأبد دور هذا القرار غير المدروس في قتل صناعة كانت يوماً رائدة في المنطقة".