تعهد حزب العمال بتأميم شبكة الكهرباء في المملكة المتحدة في إطار خطط جديدة وضعها بهدف تقليل انبعاثات الكربون في البلاد وخفض فواتير الوقود.
وقالت ريبيكا لونغ بايلي، وزيرة الأعمال في حكومة الظل العمالية، إن تحرير شبكة الكهرباء الوطنية من أيدي من يملكونها من مساهمي القطاع الخاص، من شأنه أن يساعد في التحول إلى اقتصاد "خال من الكربون" وإنهاء الفقر في الوقود.
وبموجب هذه المقترحات ، ستُعتبرالتدفئة والكهرباء كحق أساسي من حقوق الإنسان، وستكون الهيئات العامة الجديدة المسؤولة عن إدارة الشبكة الوطنية مكلفة أيضاً بالمساعدة في معالجة التغير المناخي.
وقوبلت هذه السياسة بالانتقادات من جانب مجموعات الأعمال. لكن حزب العمال قال إن النظام الحالي يعود بالنفع بشكل أساسي على المساهمين، إذ وصلت أرباحهم إلى ما يزيد عن 13 مليار جنيه إسترليني خلال السنوات الخمس الماضية. وأضاف أن 25 % من الأموال المدفوعة في فواتير الطاقة تذهب حالياً إلى جيوب شركات الشبكات.
وفي سياق خططه لإطلاق "ثورة صناعية خضراء"، التزم أكبر أحزاب المعارضة في البلاد أيضاً بتوفير ألواح شمسية لنحو مليونين من وحدات السكن الاجتماعية، بالإضافة إلى 750 ألف عقار آخر، وذلك من خلال برنامج إقراض ومِنَحٍ حكومية بدون فوائد.
وأكد الحزب أن هذه الخطوة ستؤدي إلى خلق 16900 فرصة عمل، وتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 7.1 مليون طن وهو ما يعادل إبعاد 4 ملايين سيارة تنفث الدخان من الطرقات، كما ستخفّض قيمة فواتير الطاقة بحوالي 117 جنيهاً استرلينياً في العام.
وينصّ اقتراح إعادة تأميم الشبكة الوطنية على إسناد مسؤوليات التنظيم إلى وكالة وطنية جديدة للطاقة، سيُطلب منها أيضاً المساعدة في خفض انبعاثات الكربون في المملكة المتحدة إلى الصفر بحلول عام 2050 ، والتأكد من أنه وبحلول عام 2030 سيتم الحصول على 60 % من الطاقة من مصادر متجددة . كما ستشرف الوكالة أيضاً على الاستثمار في البنية التحتية للطاقة بما يسمح بنقل الطاقة التي يجري توليدها عن طريق الشمس والرياح والمد والجزر في مناطق نائية من البلاد إلى باقي أنحاء المملكة المتحدة.
وقالت لونغ بيلي، التي كان من المقرر أن تزيح الستار عن عن الخطط خلال زيارة إلى سالفورد برفقة جيريمي كوربن يوم الخميس الماضي إن "التغير المناخي يمثل خطراً على مستقبلنا، ولكنه يُعد أيضاً فرصة للحفاظ على مواردنا والاستفادة منها من خلال ثورة صناعية خضراء. و يعني هذا عملاً حيوياً يقوده وينسق تنفيذه الشعب الذي لن نكون قادرين ببساطة على معالجة التغير المناخي من دونه". واضافت" لذا فإننا نرى من خلال خططنا أنه لا يمكن الفصل بين العدالة المناخية والعدالة الاجتماعية. إنها إهانة وظلم لشعبنا وكوكبنا عندما تقوم الشركات التي تدير الشبكة بنهب العملاء، وملء جيوب الأغنياء ولا تستثمر بالشكل المناسب في الطاقة المتجددة".
وتابعت لونغ بيلي موضحة أن " نقل الشبكة إلى الملكية العامة هو وحده الكفيل بتأمين اقتصاد خال من الكربون بالسرعة المطلوبة كي نحافظ على سلامة الكوكب لأطفالنا وأحفادنا، بينما يتم القضاء على الاستغلال المادي وخلق وظائف جيدة في المجتمعات المحلية وجعل التدفة والكهرباء حقاً من حقوق الإنسان. هذا ما يجعل الملكية العامة والجماعية جزءً أساسياً من ثورة حزب العمال الصناعية الخضراء".
ووفقاً لخطة حزب العمال، ستعمل الوكالة الوطنية الجديدة للطاقة إلى جانب 14 وكالة طاقة جديدة على مستوى المقاطعات، و من المقرر أن يحل هذا التشكيل محل الشركات الخاصة التي تدير حالياً توزيع الكهرباء. سيترتب على هذه الوكالات الالتزام قانونياً بانتاج الطاقة بواسطة أنواع وقود تتسبب بتلوث أقل، والحدّ من فقر الوقود من خلال ضمان حصول كل أسرة على الطاقة بأسعار معقولة، كما ستُكلّف أيضاً بتحسين البنية التحتية التي تتطلّبها السيارات الكهربائية.
وسيُسمح للبلديات المحلية بالإشراف على توزيع الطاقة من الوكالات الإقليمية إذا أرادت تسريع عملية التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري. كما سيتم تشجيع الشوارع والمباني السكنية والقرى الصغيرة على توليد الطاقة التي تحتاجها بالاستعانة بمصادر الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية.
ومن جانبه، قال كوربين زعيم حزب العمال : " يتم في هذا البلد، في كثير من الأحيان جعل الناس يشعرون أنهم سيتحملون كلفة إنقاذ الكوكب. يظن الكثيرون أن الإجراءات الخضراء هي مجرد وسيلة أخرى للشركات أو الحكومة لأخذ الأموال منهم ، بينما يتنقّل لأغنياء على متن طائراتهم الخاصة ويدفئون قصورهم الخاوية". واضاف أن" نهج حزب العمال مختلف. إن ثورتنا الصناعية الخضراء ستصب في مصلحة أبناء الطبقة العاملة، حيث ستؤمّن لهم فواتير طاقة أرخص، فرص عمل بمداخيل أعلى، وصناعات جديدة لإحياء أجزاء من بلدنا كانت معطّلة لفترة طويلة للغاية".
وفي تعليق له على الافكار الجديدة هذه، اتهم اتحاد الصناعة البريطاني (CBI) حزب العمال بـ "ارتكاب أخطاء الماضي ذاتها". وقال ماثيو فيل، كبير مديري السياسات في الاتحاد في المملكة المتحدة إن "هذه المقترحات، بصيغتها الحالية، تعادل رفع شاخصة كُتب عليها ’مُغلق’ فوق المملكة المتحدة، من خلال إعادة التأميم هذه التي تُعد ضربة ثلاثية لا يستطيع المواطنون ولا البلاد تحمّلها". واعتبر أن الخطط ستثير قلق المستثمرين، وسُثبط الابتكار وستهدد التحسينات في شبكة الطاقة. وأضاف"لا يريد أحد العودة إلى انقطاع التيار الكهربائي المتكرر الذي كان سمة من سمات الصناعات المؤممة في الماضي. وفي ظل خروج بريطانيا غير المؤكد من الاتحاد الأوروبي، تحتاج البلاد إلى سياسات تركز على دعم النمو الاقتصادي في المستقبل، وليس على إعادة إحياء أخطاء الماضي".
وقال متحدث باسم الشبكة الوطنية إنها "واحدة من أكثر الشبكات الموثوقة في العالم" و إنها "كانت في صميم أجندة إزالة الكربون". وتابع " قبل بضعة أيام فقط، حطمنا الرقم القياسي لأطول فترة زمنية يتم فيها توليد الكهرباء في البلاد دون استخدام الفحم. نحن نقدم المصداقية، والاستثمار والابتكار مقابل 3 % فقط من متوسط فاتورة الطاقة". وزاد" هذه المقترحات بشأن ملكية الدولة لشبكات الطاقة لن تؤدي إلا إلى تعطيل التقدم والاستثمار الضخم اللذان يساعدان على جعل هذا البلد رائداً في مجال التحول إلى الطاقة الخضراء". واردف "إن آخر ما نحتاج إليه، في الوقت الذي تتزايد الحاجة الملحة لمواجهة تحديات التغير المناخي، هو العقبات الهائلة والكُلفة والتعقيد التي تنطوي عليها هذه الخطط".
© The Independent