قبل ساعات من خطاب متوقع لرئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، يعلن فيه من محافظة "ورقلة" عن مستجدات تخص الانتخابات الرئاسية المقبلة، أصدر الوزير السابق أحمد طالب الإبراهيمي رسالة للرأي العام بعنوان "نداء من أجل حلّ توافقي"، ووقع الرسالة الجنرال المتقاعد رشيد بن يلس رفقة طالب، وعميد الحقوقيين الجزائريين علي يحي عبد النور. وكما أشارت "اندبندت عربية" في الأيام الماضية، أصدر الوزير السابق، أحمد طالب الإبراهيمي، بياناً يعلن فيه تأييد "مرحلة انتقالية" على أساس "حوار تقوده المؤسسة العسكرية"، وخروج الإبراهيمي، الذي اعتزل السياسة منذ عقود أتى في سياق معطيات ذات صدقية عن تأجيل محتمل لرئاسيات الرابع من يوليو (تموز) المقبل. ومن الموقعين الثلاثة على البيان الوزير السابق للخارجية، أحمد طالب الإبراهيمي الذي عايش فترة حكم الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين، ومن ثم الشاذلي بن جديد، ليعود عام 1999 مرشحاً لرئاسيات نافسه فيها عبد العزيز بوتفليقة، لكنه انسحب من السباق في آخر لحظة ضمن خطة "الفرسان الستة"، تاركين بوتفليقة منافساً لنفسه يوم الاقتراع.
أما رشيد بن يلس الموقع الثاني، فهو عسكري تقاعد برتبة جنرال، عرف عنه مشاركته في النشاط السياسي بداية الألفية، وترشح في رئاسيات 2004 ضد بوتفليقة الذي ترشح يومها لولاية ثانية على التوالي. وعلي يحي عبد النور، وزير سابق بداية سنوات الاستقلال، ومؤسس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، ورئيسها الشرفي حالياً. ويملك عبد النور، قبولاً كبيراً في الأوساط الديمقراطية، والأحزاب العلمانية واليسارية، وظل لخمسة عقود وفياً لمعارضته للنظام الذي نشأ بعد استقلال البلاد.
"22 فبراير... رفض الإذلال"
تصف رسالة الشخصيات الثلاث، في الشق الأول، مظاهر 22 فبراير (شباط)، وتعتقد أن المسيرات الشعبية التي انطلقت منذ ذلك التاريخ "جاءت رفضاً للإذلال". وورد في الرسالة: "في 22 فبراير 2019، خرج ملايين الجزائريين من كل الفئات الاجتماعية وكل الأعمار، في تظاهرات سلمية اكتسحت شوارع كبرى مدن البلاد، تعبيراً عن غضبهم ورفض إذلالهم من طرف سلطة متكبرة وواثقة بنفسها لم تبال بترشيح شخص لعهدة خامسة كان واضحاً أنه في حالة احتضار منذ خمس سنوات". وتضيف رسالة الإبراهيمي "إن التظاهرات العارمة التي شهدتها البلاد طيلة الأسابيع الثلاثة عشر الماضية انتزعت إعجاب العالم كله، بما تميزت به من طابع سلمي ومشاركة عددية واسعة، إن المتظاهرين الذين بلغ عددهم رقماً قياسياً تاريخياً، يطالبون اليوم، بعدما أرغموا الرئيس المترشح المحتضر على الاستقالة، ببناء دولة القانون في ظل ديمقراطية حقة تكون مسبوقة بمرحلة انتقالية قصيرة المدّة، يقودها رجال ونساء ممن لم تكن لهم صلة بالنظام الفاسد في العشرين سنة الأخيرة".
مرحلة انتقالية والحوار مع الجيش
أولى الملاحظات على رسالة أحمد طالب الإبراهيمي، اقتراحها "مرحلة انتقالية"، بالتالي فإنها تقف في صف المنادين بإلغاء موعد الرئاسيات المقبلة. وتصف رسالة الإبراهيمي "المرحلة الانتقالية" بأنها "ضرورية حتى يتسنى وضع الآليات واتخاذ التدابير التي تسمح للشعب صاحب السيادة بالتعبير الحر الديمقراطي عن خياره بواسطة صناديق الاقتراع". وتضيف "إنها عملية تنسجم تماماً مع مسار التاريخ الذي لا أحد، ولا شيء بقادر على اعتراضه". وتنتقد المبادرة، التي يعتقد أنها ستكون بادرة لمقترحات حكومية رسمية، موعد الانتخابات وطريقة الاستعداد لها "إن حالة الانسداد التي نشهدها اليوم تحمل أخطاراً جسيمة تضاف إلى حالة التوتر القائم في محيطنا الإقليمي، وهذه الحالة الناجمة عن التمسك بتاريخ الرابع من يوليو المقبل، لن تؤدي إلا إلى تأجيل ساعة الميلاد الحتمي للجمهورية الجديدة". وتساءل الإبراهيمي مع بن يلس وعلي يحي عبد النور في الرسالة "كيف يمكن أن نتصور إجراء انتخابات حرة ونزيهة ترفضها من الآن الغالبية الساحقة من الشعب، لأنها من تنظيم مؤسسات ما زالت تديرها قوى غير مؤهلة معادية للتغيير البناء؟". وعليه، فإننا "نحن الموقعون على بيان السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2017 (اشتركوا سابقاً في مبادرة سياسية) وعلى هذا البيان، ندعو القيادة العسكرية إلى فتح حوار صريح ونزيه مع ممثلي الحراك الشعبي والأحزاب السياسية المساندة لهذا الحراك، والقوى الاجتماعية المؤيدة له، لإيجاد حلّ سياسي توافقي يستجيب للطموحات الشعبية المشروعة المطروحة يومياً منذ ثلاثة أشهر تقريباً".
رئيس أركان الجيش
وتزامناً والمبادرة التي أعلنها الثلاثة، وبينهم الإبراهيمي، الذي يحقق اسمه الإجماع إلى حد كبير بين الجزائريين، لقيادة المرحلة الانتقالية، أفادت مصادر بتنقل لرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، إلى محافظة ورقلة (800 كلم جنوب شرقي العاصمة)، وعلم أن صالح سيلقي خطاباً، هو الأول منذ انقطاع لأكثر من أسبوعين، يتضمن مقترحات سياسية جديدة على أساس تأجيل موعد الرئاسيات. ويعتقد أن تكون المبادرات متتابعة في ظرف يومين متتالين، فبعد رسالة الإبراهيمي، ومن ثم خطاب رئيس الأركان، يتوقع أن يعلن المجلس الدستوري قرارات بناء "على اجتهادات مختصيه" حول طبيعة المرحلة المقبلة، من يسيرها، ووضعية عبد القادر بن صالح، رئيس الدولة المؤقت، بعد تاريخ الثامن من يوليو المقبل، موعد نهاية ولايته الرئاسية.