كانت هناك مخاوف من نقص حاد في الغذاء، يوم الخميس الماضي، بعد أن أجبرت أسعار الغاز المرتفعة معظم الإنتاج التجاري البريطاني لثاني أكسيد الكربون على التوقف. وعقدت محادثات طارئة بين المسؤولين الحكوميين ومنتجي المواد الغذائية وتجار التجزئة وصناعة الطاقة مع تحذيرات من "حدث البجعة السوداء"، وهي ضربة نادرة للغاية لها عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
وأدى إغلاق مصنعين للأسمدة في شمال إنجلترا وآخرين في أوروبا إلى تعريض صناعة الأغذية والمشروبات لنقص ثاني أكسيد الكربون، وهو منتج ثانوي لتصنيع الأسمدة. ويعتبر الغاز ضرورياً لإنتاج ونقل مجموعة من المنتجات، من اللحوم إلى الخبز والبيرة والمشروبات الغازية. وتقدر صناعة اللحوم أن الشركات يمكن أن تستمر لأقل من أسبوعين قبل نفاد مخزون ثاني أكسيد الكربون.
وقال ستيف رو، 54 سنة، الرئيس التنفيذي لشركة "ماركس أند سبنسر"، لصحيفة "ذا تايمز": "من الواضح أن النقص المحتمل في ثاني أكسيد الكربون عبر صناعة المواد الغذائية، يضع عبئاً إضافياً على سلسلة التوريد المجهدة بالفعل. ويدعو موردو اللحوم والدواجن إلى اتخاذ إجراءات وتدخلات عاجلة من قبل الحكومة لضمان استمرارية التوريد، ونحن نتفهم أن هناك تأثيرات محتملة على نطاق أوسع على القطاعات الأخرى".
"البجعة السوداء" وعواقب وخيمة مُنتظرة
وقال مدير آخر لبيع المواد الغذائية إنها كانت لحظة طوارئ وطنية، مضيفاً أنه تم إخباره من قبل عميل مسلخ بارز وأنه لم يتبق سوى أربعة أيام من الغاز، إذ يستخدم الغاز لصعق الحيوانات قبل الذبح.
ووصف أحد رؤساء سلسلة بريطانية بأن ما يحدث "هو نوع البجعة السوداء"، وحذر من أن التأثير المضاعف على الصناعة الزراعية بدأ فقط في الحصول على تقدير من قبل الحكومة ومحلات السوبرماركت الأخرى. وأضاف: "لقد حوصروا في هذا الأمر وبدأوا فقط في فهم مستوى المشكلة".
حدث "البجعة السوداء"، وفقاً للإحصائي نسيم نيكولاس طالب، الذي طور النظرية، هو حدث لا يمكن التنبؤ به، وله عواقب وخيمة تتجاوز أي شيء متوقع في العادة.
وقال نيك ألين، الرئيس التنفيذي لجمعية تصنيع اللحوم البريطانية: "قد تكون هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير. من المحتمل أن يكون تحدياً كبيراً لصناعة المواد الغذائية في الوقت الذي نواجه فيه بالفعل مشكلات ضخمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت شركة "سيسترز فود غروب"، أكبر منتج للدواجن في بريطانيا، إنه في حين أن لديها إجراءات طوارئ قائمة، فإن "الأمور تضيق".
وكشف الخبراء أن إغلاق مصنع الأسمدة يعني أيضاً أن المزارعين يواجهون ارتفاعاً في أسعار الأسمدة أو قد يكافحون لتأمين الإمدادات، ما يزيد من احتمالية ضعف غلة المحاصيل، التي قد يكون لها تأثير شديد في الإمدادات الغذائية اعتباراً من الربيع المقبل.
ارتفاعات قياسية
واجتمعت وحدة التخطيط للأزمات الحكومية، أمانة الطوارئ المدنية، يوم الخميس. وعقدت وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية محادثات مع قطاع الأغذية والزراعة. وكان من المقرر أن يلتقي وزير الأعمال والطاقة كواسي كوارتنغ، بمسؤولين من "ناشيونال غريد"، وهي منظمة الطاقة "أوفغيم" والموردين بما في ذلك "سينتريكا"، التي تمتلك "بريتيش غاز"، في نهاية هذا الأسبوع.
وارتفعت أسعار الغاز على مستوى العالم هذا العام مع انتعاش الطلب من الوباء. وسجلت أسعار الغاز في بريطانيا ارتفاعات قياسية هذا الأسبوع وسط مخاوف من نقص إمدادات الطاقة في الشتاء.
ويستخدم الغاز الطبيعي في صناعة الأمونيا، والتي بدورها تستخدم في صناعة مجموعة متنوعة من الأسمدة. ويتم استخدام ثاني أكسيد الكربون المنتج كمنتج ثانوي من قبل الخدمة الصحية الوطنية، وهي نظام الرعاية الصحية الممول من القطاع العام في إنجلترا، في المستشفيات وعبر قطاع الأغذية والمشروبات. كما أنها تستخدم في العبوات البلاستيكية للأطعمة لإطالة العمر الافتراضي.
أسعار "مرتفعة للغاية"
وأصبحت الفراغات في رفوف المتاجر أمراً معتاداً في الأشهر القليلة الماضية مع النقص في سائقي الشاحنات، والذي تسبب في تأخيرات عبر سلسلة التوريد البريطانية.
وقالت شركة "سي أف أندستريز" الأميركية المصنعة للأسمدة الزراعية، يوم الأربعاء، إنها أوقفت عملياتها في مواقعها في بيلينجهام وتيسايد وإنسي في شيشاير، بسبب ارتفاع أسعار الغاز. وينتج الموقعان نحو 40 في المئة من احتياجات بريطانيا من الأسمدة، ويشكلان 60 في المئة من الإنتاج المحلي من ثاني أكسيد الكربون التجاري. كما أوقفت المواقع في أوروبا عملياتها. وقالت شركة "يارا إنترناشيونال" النرويجية إنها ستعلق 40 في المئة من طاقتها الإنتاجية الأوروبية.
وحذرت جوليا ميهان، من "آي سي آي أس"، وهي وكالة للإبلاغ عن أسعار السلع، من أن أسعار المحاصيل ستكون "مرتفعة للغاية" ما لم تتم معالجة المشكلة. وأنتجت المصانع البريطانية التي تم إغلاقها بشكل أساسي نيترات الأمونيوم، والتي يصعب نقلها لكونها شديدة الانفجار. في حين أنه من السهل استيراد أنواع أخرى من الأسمدة.
وقال كريس ييرسلي، مدير "بروفيرسي"، محلل سوق الأسمدة، إنه على الرغم من أنه كان من الممكن للمزارعين التحول إلى أنواع مختلفة من الأسمدة، إلا أن المشكلة تكمن في أن أسعار جميع المنتجات قد ارتفعت بشكل كبير جداً".
وقالت متحدثة باسم الحكومة البريطانية إنها تراقب الوضع عن كثب، وتساعد منظمات الأغذية والزراعة على الاستجابة.